ইত্তিসাকের যুগ: আরব জাতির ইতিহাস (পার্ট চার)
عصر الاتساق: تاريخ الأمة العربية (الجزء الرابع)
জনগুলি
وهكذا استطاع ابن الزبير بدهائه أن يكسب عطف الرأي العام الإسلامي. ثم إن ما كان يتمتع به من دين وتقوى جعله صاحب القدم المعلى، فأحبه الناس وعطفوا عليه وأيدوه، فاستطاع أن يعكر صفو الأمويين ويقلق دولتهم، وتمكن في سنة 63 أن يثير أهل المدينة على والي يزيد، فطردوه وبايعوا عبد الله، وانضم إليهم أهل مكة، بعد أن رأوا من ظلم الأمويين ما رأوا، ولم يشذ من الحجازيين عن بيعته إلا محمد ابن الحنفية وعبد الله بن عباس، ثم بايعه أهل اليمن والكوفة والبصرة بعد موت يزيد بن معاوية سنة 64.
أما أهل الشام فقد انقسموا بعد موت معاوية بن يزيد - كما رأينا - إلى قسمين. قال ابن عبد ربه: «فلما مات معاوية بن يزيد بايع أهل الشام كلهم الزبير إلا أهل الأردن، واستخلف ابن الزبير الضحاك بن قيس الفهري على أهل الشام.»
5
ثم كان من أمر يوم مرج راهط ما رأيناه.
وأما مصر، فإنها بايعت ابن الزبير، وكذلك كان حال أهل خراسان والمشرق، وهكذا بايع المسلمون في أكثر الأقطار لابن الزبير، وكاد يتم له الأمر، لولا مبايعة الشاميين لمروان، ثم لابنه عبد الملك اللذين استطاعا أن يقفا وقفة جبارة أمام ابن الزبير فانتزعا منه مصر، وهلك مروان وخلف لابنه عبد الملك مشكلتين جسيمتين.
أولاهما: فتنة المختار بن أبي عبيد الثقفي التي سنتحدث عنها بعد، والثانية: فتنة ابن الزبير. كان ابن الزبير قد بعث أخاه مصعبا أميرا على العراق، وفي سنة 70 أقبل عبد الملك إلى العراق فاستعد له مصعب، ولكنه لم يستطع الوقوف أمامه؛ لأن جندا كثيرا من جند ابن الزبير، وعلى رأسهم المهلب بن أبي صفرة كانوا قد تعبوا من محاربة الخوارج، فاستطاع عبد الملك أن يستميلهم إلى جانبه، والتقى الجمعان عند باخمرا، فقتل مصعب بعد أن أبلى بلاء حسنا، ودخل عبد الملك الكوفة فبايعه أهلها سنة 71ه، وتمكن من السيطرة على العراق.
6
ولم يبق في يد عبد الله بن الزبير سوى الحجاز.
فلما توطد أمر العراق لعبد الملك وجه من العراق جيشا كثيفا بقيادة الحجاج بن يوسف الثقفي لقتال ابن الزبير، وبعث معه أمانا لابن الزبير إن هو أطاع، فسار في جمادى الأولى سنة 72ه، فنزل بالطائف، فكان يناوش ابن الزبير وهو هناك، ثم كتب إلى عبد الملك يستأذنه في دخول الحرم، فأذن له، وقدم مكة محرما في ذي الحجة، فحج بالناس إلا أنه لم يطف ولم يسع بين الصفا والمروة؛ لأن ابن الزبير منعه، وحصر ابن الزبير فلم يستطع الحج، ثم نصب المنجنيق على أبي قبيس، ورمى به، فأصاب الكعبة، واشتد الحصار على أهل مكة حتى غلت الأسعار، فخرج أهل مكة مستأمنين إلى الحجاج، وممن استأمن ابنا عبد الله: حمزة وحبيب، فدخل عبد الله على أمه أسماء بنت أبي بكر وقال لها: يا أماه، خذلني الناس حتى ولدي وأهلي، ولم يبق معي إلا اليسير، ومن ليس عنده إلا صبر ساعة، والقوم يعطونني ما أردت من الدنيا، فما رأيك؟ فقالت: أنت أعلم بنفسك إن كنت تعلم أنك على حق وإليه تدعو فامض له، فقد قتل عليه أصحابك، ولا تمكن من رقبتك يتلعب بها غلمان بني أمية، وإن كنت إنما أردت الدنيا فبئس العبد أنت، أهلكت نفسك ومن قتل معك، وإن قلت كنت على حق فلما وهن أصحابي ضعفت، فهذا ليس فعل الأحرار ولا أهل الدين؛ كم خلودك في الدنيا؟ القتل أحسن.
فقال: يا أماه، أخاف إن قتلني أهل الشام أن يمثلوا بي ويصلبوني.
অজানা পৃষ্ঠা