ইসলামী সভ্যতার ইতিহাস (প্রথম খণ্ড)
تاريخ التمدن الإسلامي (الجزء الأول)
জনগুলি
فلما سمع الناس ذلك أيقنوا أنها حيلة قد عملت، ولو أنها آلت إلى خلافة معاوية فقط لهان أمرها، ولكنها أوجبت انقسام رجال علي عليه، لأن بعضهم لاموه على قبول التحكيم وخرجوا من حكمه وهم الخوارج، فأصبح علي بين عدوين، والخوارج أشدهما خطرا عليه، لأنه قتل بطعنة من أحدهم في السنة 40 للهجرة في مسجد الكوفة.
فبايع أهل الكوفة ابنه الحسن، ومعاوية لا يزال يطالب بالخلافة لنفسه فرأى الحسن أنه لا يقوى على حربه فتنازل له عنها، حقنا للدماء، فبويع معاوية في الشام وانتقل كرسي الخلافة من الكوفة إلى دمشق، وكان ذلك آخر العهد بدولة الخلفاء الراشدين. (4) أحوال الخلفاء الراشدين
نرى مما تقدم أن دولة الخلفاء تأسست على التقوى وشيدت بالعدل، وكان خلفاؤها في أبسط أحوال العيش، وكانت الخلافة على عهدهم أشبه بالرتب الدينية منها بمصالح الدولة، وكان أحدهم يلبس الثوب من الكرباس الغليظ (الكرباس القطن الأبيض) وفي رجليه نعلان من ليف، وحمائل سيفه ليف، ويمشي في الأسواق كبعض الرعية، وإذا كلم أدنى الناس سمع منه أغلظ من كلامه، وكانوا يعدون ذلك من قبيل الدين ويحكمون الناس بالتقوى والعدل والقدوة الحسنة.
وكان طعامهم أدنى من أطعمة فقرائهم، وهم لم يتقللوا منه لفقر أو عجز، ولكنهم كانوا يفعلون ذلك مواساة للفقراء من رعيتهم، فقد كان لعلي بن أبي طالب دخل طائل من أملاكه يخرجه جميعه على الفقراء.
ولم يكونوا يعبأون بالمال، وكان ذلك شأن سائر الصحابة في أيامهم، ولعل السبب في ذلك قربهم من عهد النبوة ولا تزال رهبتها آخذة بمجامع قلوبهم، فلما بعد عهدها زالت تلك الرهبة من قلوبهم فعكفوا على مطالب الدنيا، ويظهر أن ذلك بدأ فيهم في أواخر عهد الراشدين، فقد ذكر المسعودي أنه «في أيام عثمان اقتنى جماعة من الصحابة الضياع والدور، فكان لعثمان يوم قتل عند خازنه خمسون ومائة ألف دينار وألف ألف درهم، وقيمة ضياعه بوادي القرى وحنين وغيرهما مائة ألف دينار، وخلف إبلا وخيلا كثيرة، وبلغ الثمن الواحد من متروك الزبير بعد وفاته خمسين ألف دينار، وخلف ألف فرس وألف أمة، وكانت غلة طلحة من العراق ألف دينار كل يوم، ومن ناحية السراة أكثر من ذلك، وكان على مربط عبد الرحمن بن عوف ألف فرس وله ألف بعير وعشرة آلاف من الغنم، وبلغ الربع من متروكه بعد وفاته أربعة وثمانين ألفا، وخلف زيد بن ثابت من الفضة والذهب ما كان يكسر بالفؤوس غير ما خلف من الأموال والضياع بمائة ألف دينار، وبنى الزبير داره بالبصرة وبنى أيضا بمصر والكوفة والإسكندرية، وكذلك بنى طلحة داره بالكوفة وشيد داره بالمدينة وبناها بالجص والآجر والساج، وبنى سعد بن أبي وقاص داره بالعقيق ورفع سمكها وأوسع فضاءها وجعل على أعلاها شرافات، وبنى المقداد داره بالمدينة وجعلها مجصصة الظاهر والباطن، وخلف يعلى بن منبه خمسين ألف دينار وعقارا وغير ذلك ما قيمته ثلثمائة ألف درهم».
وكانت مدة حكمهم نحو ثلاثين سنة اتسعت فيها الفتوح الإسلامية، حتى وطئت خيل العرب ما بين إفريقية في الغرب إلى أقاصي خراسان في الشرق وعبرت النهر إلى سمرقند .
دولة بني أمية
بينا في أواخر كلامنا عن الخلفاء الراشدين كيف انتقلت الخلافة إلى بني أمية وأولهم معاوية بن أبي سفيان، وتمتاز الخلافة في عهد بني أمية بأنها سلطنة دنيوية يحكمها خليفتها بالدهاء والسياسة، ويستدني الناس بالإرهاب ويؤيد سلطانه ببذل الأموال، والسبب في ذلك أن مؤسس هذه الدولة لم يستطع تأييدها لولا ما في الشام من الخير الكثير والأموال الطائلة، فلما خلصت له الخلافة عمد إلى التوسعة على الناس ببذل الأموال، وكان يبذلها خصوصا لبني هاشم، تخفيفا لما في أنفسهم من النقمة عليه، لانتزاعه الخلافة من أيديهم، وكان إذا وفد أحدهم عليه بالغ في إكرامه وإرضائه وقضاء حوائجه، وكثيرا ما كانوا وهم في حضرته يذكرون حقهم بالخلافة ويعرضون باغتصابه إياها، وهو يغضي عن ذلك ويقطع ألسنتهم بالمال والحلم مما هو مأثور عنه.
واقتبس معاوية من الروم أسباب البذخ ودواعي الترف وقلدهم في أبهة الملك، فأقام الحرس يحملون الحراب بين يديه إذا مشى أو قام للصلاة، وبنى لنفسه قصرا نصب فيه السرير وأوقف الحاجب ببابه، وبنى مقصورة في المسجد إذا جاء للصلاة صلى فيها، ولعله اتخذ هذه الوسائل خوفا من أن يغتاله أحد كما اغتالوا عليا وكادوا يغتالونه هو، وقلد الروم في لبس الخز والديباج، وهو الذي وضع البريد على مثال ما كان عند الفرس والروم وأنشأ ديوان الخاتم، مما سيأتي تفصيله.
ومما استحدثه معاوية في الإسلام أنه جعل الخلافة وراثية في نسله، بعد أن كانت انتخابية، وهو أول من استطاع ذلك من المسلمين، فبايع لابنه يزيد وحمل الناس على بيعته بولاية العهد، ولا عبرة في بيعة الحسن بعد أبيه علي، فإن الناس بايعوه من عند أنفسهم ولم يوص له أبوه بالخلافة. (1) الخلافة وبنو أمية
অজানা পৃষ্ঠা