ইসলামী সভ্যতার ইতিহাস (প্রথম খণ্ড)
تاريخ التمدن الإسلامي (الجزء الأول)
জনগুলি
ولعل السبب في سرعة انتشار الإسلام هناك كثرة من في المدينة من اليهود وهم أهل كتاب يعتقدون الوحي ويدركون معنى النبوة، وليس فيهم من يخاف على تجارته إذا بطلت عبادة الأصنام، بل هم يفضلون إبطالها لتسقط مكة وتنهض مدينتهم وخصوصا إذا هاجر إليها صاحب الدعوة نفسه وصارت مركزا للدين الجديد يحج إليها الناس بدلا من حجهم إلى مكة واليهود كما لا يخفى أهل النظر في التجارة وأصحاب فراسة في أبواب الكسب، ناهيك بما كان بين تينك المدينتين من المنافسة والمسابقة والتحاسد، لتباعدهما في الأنساب، لأن أهل مكة من العدنانية وأهل المدينة من القحطانية عرب اليمن، فنشطه أهل يثرب ودعوه إليهم على أن ينصروه، فهاجر إليهم سنة 622 للميلاد، وهاجر معه من بايعه من قبيلته وهم «المهاجرون»، تمييزا لهم عن الفئة الأخرى من الصحابة وهم «الأنصار» أهل يثرب، سموا بذلك، لأنهم نصروا النبي في مدينتهم، وبهذه الهجرة يؤرخ المسلمون وقائعهم إلى الآن، وقد سميت يثرب - عندما عم الإسلام أهلها - بمدينة النبي، تم اختصر إلى المدينة، ولزمها هذا الاسم إلى الآن. •••
ولقي المسلمون في المدينة ترحابا عظيما فاشتد أزرهم وتحولوا إلى محاربة أهل مكة، فجعلوا يناوئونهم في أثناء مرورهم بتجارتهم بين الشام ومكة وفي أماكن أخرى، ووقعت بين الجانبين وقائع كثيرة هي الغزوات المشهورة، أعظمها غزوة بدر الكبرى التي انتصر المسلمون فيها وكانت فاتحة انتصاراتهم في الغزوات الأخرى، حتى أخضعوا جزيرة العرب كلها وفتحوا مكة وأسلم القرشيون كافة، فوجه النبي التفاته إلى العالم الخارجي وخاطب الملوك يدعوهم إلى الإسلام كما سيأتي.
الروم والفرس عند ظهور الإسلام
(1) الروم
تأسست رومية (روما) سنة 753 قبل الميلاد وقامت معها الدولة الرومانية، وظلت رومية كرسي تلك الدولة عشرة قرون ونصف قرن، وقد فتحت العالم المعمور يومئذ كله، وفي مايو سنة 330 أصبح انقسام الدولة الرومانية إلى قسمين شرقي وغربي، حقيقة واقعة بعد أن كان مجرد تقسيم إداري منذ سنة 295 ميلادية، ذلك أن قسطنطين اتفق مع زميله ليسينيوس على اقتسام الدولة، وتولى هو القسم الشرقي واتخذ بيزانطيوم عاصمة له، وسماها القسطنطينية، هيأ لها كل مقومات العواصم الرومانية، حتى لقد نقل إليها أعدادا من سكان روما وأعضاء مجلس الشيوخ.
وبعد وفاته سنة 337م اختلف أولاده الثلاثة، ثم انفرد بالأمر أحدهم وهو قسطنطيوس، ولكنه لم يستطع الاستمرار، وصار الأمر إلى واحد منهم توفي سنة 360م، فخلفه يوليان ثم جوفيان سنة 264م، ثم توفي هذا بعد بضعة أشهر، فانتخب الرومان إمبراطورا اسمه فالنتيان، وبعد قليل نصب فالنتيان أخاه فالنس إمبراطورا على رومية، وتم انفصال المملكة الرومانية على أثر ذلك إلى مملكتين إحداهما شرقية عاصمتها القسطنطينية والأخرى غربية عاصمتها رومية، وكانت الأولى أسعد حظا وأطول عمرا فأصبحت القسطنطينية مبعث العلم ومركز السلطنة ومرجع الدين للجزء الشرقي من الدولة الرومانية القديمة.
وكانت حدود الدولة الرومانية الشرقية في القرن الخامس للميلاد غير ثابتة، ولكننا نستطيع القول بصورة عامة أنها كانت تنتهي في الغرب بالبحر الأدرياتي وفي الشرق بضفاف دجلة، وتمتد حدودها الشمالية إلى جنوبي ما يعرف اليوم بروسيا، بما في ذلك شبه جزيرة القرم، وتنتهي في الجنوب إلى بلاد النوبة، وأرقى عصور هذه الدولة بعد قسطنطين الكبير عصر جستنيان (من سنة 527-565م) تولاها 37 سنة، قضى الخمس الأولى منها في محاربة الفرس الساسانية، وانتهت الحرب بمعاهدة سموها «معاهدة الصلح الدائم» لكنها لم تدم، ومن حسن حظ هذا الإمبراطور أنه رزق بقائدين من أشهر قواد العصور الوسطى هما بليزاريوس ونارسيس فتحا له إيطاليا ورفعا أعلامه فوق أسوار روما شمالي إفريقية وغيرها، وكانا عونا له في سائر فتوحه وساعده الأقوى في توسيع نطاق مملكته. (2) الفرس
والعداوة بين الفرس والروم (اليونان) قديمة ربما تجاوزت القرن الخامس قبل الميلاد، وسببها التنازع على السيادة في العالم، لأنهما كانتا أعظم دول الأرض، في تلك العصور، فأرادت كل منهما الاستئثار بالسلطان دون الأخرى، واتصلت تلك العداوة إلى زمن الإسكندر الكبير ثم اتصلت في عصور الرومان إلى أيام الإسلام.
القائد بليزاريوس يقود جنوده في إحدى المعارك ضد الفرس.
وأفضى عرش الفرس في أيام جستنيان المذكور إلى كسرى أنوشروان المشهور بالعادل، فلم تعجبه مصالحة الروم فحمل عليهم بخيله ورجله، ففتح سوريا وأحرق أنطاكية ونهب آسيا الصغرى، فبعث جستنيان إليه بليزاريوس فحاربه ورده على أعقابه، ثم عاد وعادوا وتوالت الحروب بين الدولتين نحو عشرين سنة (من سنة 541 إلى 561م) وقد مل الملكان وشاخا فتوافقا على صلح قضي فيه على جستنيان بجزية سنوية مقدارها 30000 دينار، وظلت حدود المملكتين كما كانت قبل الحرب.
অজানা পৃষ্ঠা