والرابع من شوال من التاريخ المذكور صار عاشوراء المحرم ، ولم يبق لأهل الإسلام قلب بلا جمرات زفرات ، ولا عين بلا قطرات عبرات ، ولم يكن فى أرض العراقين والحجاز على الحقيقة لا المجاز محفل ولا مجمع ولا مسجد ولا موضع لم تعقد فيه جلسات للعزاء فى هذا المأتم ، ولا بقيت أبواب أو جدران لم تكتب عليها عبارات الرثاء ، ونفس الله تبارك أى خاطر يجعله يعقل وأى فكر يجعله يدرك كيف أن سبعة ملوك أقوياء من بيت واحد يحلون فوق سرير الفناء بأنواع البلاء بقهر مالك الملك خلال مدة وجيزة ويدفنون فى التراب ،
قالوا هم ملأجمت فقلت لهم
لا معشرا أبقت الدنيا ولا ملأ
ومعلوم لو أن كثرة الأشياع وتعب الأتباع والخزائن المملوءة والنواب المقربين ، والرجال الغزاة والجياد العربية والبركات والخيرات والزكاة والصدقات ، وعراقة الأسرة والوفاء والأمان والحمية والحماية والشهامة والكفاية والسخاء والحياء ، والنوال والكمال والفضل والفضائل والعقل والعقائل والرأى والروية والهمة والعطية ، والقلاع المنيعة والقصور الرفيعة والأبناء الملائمين ، والعبيد ذوى الواجب وكثرة عدد القبائل وتعقل أواخر الأمور والأوائل ، تدفع وتمنع السهام المسمومة للأيام المذمومة لما كانت بالتأكيد كثرة مكارم كبار" آل قارون" قد خسفت بها الأرض.
" أفلم يسيروا فى الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أكثر منهم وأشد قوة وآثارا فى الأرض فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون» (2)
أرى الحيرة البيضاء صارت قصورها
خلاء ولم تكتب لكسرى المدائن
পৃষ্ঠা ২০