আরবী সাহিত্যের ইতিহাস

ফিলিব দি তারাজি d. 1375 AH
94

আরবী সাহিত্যের ইতিহাস

تاريخ الصحافة العربية

জনগুলি

وفي سنة 1247ه عاد، رحمه الله، إلى الديار المصرية بعد أن نال الشهادات الناطقة بدرجته من العلم والفضل، فولاه محمد علي منصب الترجمة في المدرسة الطبية التي كان أنشأها سنة 1242 في قرية «أبي زعبل» قرب القاهرة برئاسة كلوت بك الشهير. وكان متوليا رئاسة الترجمة بها قبله المرحوم يوحنا عنحوري من أبناء سوريا، وله فيها خدمات جليلة، وشهد لصاحب الترجمة بقصب السبق؛ فولوه الترجمة. وعمل على خدمة البلاد لا سيما وأن عارفي اللغات الأجنبية إذ ذاك كانوا يعدون على الأصابع. ومما يعد له فضلا جزيلا أنه أول من باشر إنشاء جريدة عربية في سائر المشرق وهي «الوقائع المصرية» فإنها أنشئت بمساعيه ومساعدته سنة 1248، ولا تزال إلى الآن وهي الجريدة الرسمية المصرية.

وفي سنة 1249 انتقل من مدرسة «أبي زعبل» إلى مدرسة الطوبجية في «طره» لترجمة الكتب الهندسية والفنون العسكرية. وفي سنة 1251 افتتح المغفور له عزيز مصر مدرسة للألسن الأجنبية وعهد بإدارتها إلى صاحب الترجمة، وسميت عند فتحها مدرسة الترجمة، فقام الشيخ رفاعة إذ ذاك حق القيام بإدارة هذه المدرسة، واختار لها التلامذة من مدارس الأرياف بسائر جهات القطر، فبلغ عدد تلامذتها في أول الأمر خمسين تلميذا ثم زاد حتى صار 250 تلميذا. وكان في أبي زعبل مدرسة تجهيزية للطب فنقلت إلى جهات الأزبكية، فعهدت إدارتها إليه فضلا عن مدرسة الألسن ومدارس أخرى فرعية، منها مدرسة للفقه والشريعة، وأخرى للمحاسبة، وأخرى للإدارة والأحكام الإفرنجية. وفي سنة 1258 تشكل قلم الترجمة من أول فرقة خرجت من مدرسة الألسن، وبعد سنة ونصف من تشكيله نال رتبة قائمقام، وكان قد نال ما يتقدمها من الرتب تدريجا في أوقات متتابعة. وفي سنة 1262 نال رتبة أميرآلاي؛ فصار يدعى رفاعة بك بدلا من الشيخ رفاعة.

وما زال رفاعة بك ناظرا لمدرسة الألسن حتى أقفلت على عهد المغفور له عباس باشا الأول، فأمر بإرساله إلى السودان لنظارة مدرسة الخرطوم. وما زال هناك حتى توفي عباس باشا المشار إليه سنة 1270ه وتولى المرحوم سعيد باشا، فعاد يشكر الله على نجاته من تلك الأقطار، فمثل بين يدي سعيد باشا، فعهد إليه سنة 1281 وكالة مدرسة الحربية بجهات الصليبة تحت رئاسة المرحوم سليمان باشا الفرنسوي . وبعد قليل أنشئت مدرسة الحربية بالقلعة فأحيلت إليه نظارتها مع نظارة قلم الترجمة ومدرسة المحاسبة والهندسة الملكية والتفتيش والمعمارجية، وعند ذلك نال الرتبة الممايزة.

وفي سنة 1277 ألغيت كل هذه المدارس، فبقي رفاعة بك بغير منصب إلى سنة 1280 فأعيد إلى نظارة قلم الترجمة، وتعين عضوا من قومسيون المدارس وتولى إدارة جريدة «روضة المدارس» مع مثابرته على التأليف. وما زال قائما بهذه المهام حتى توفاه الله سنة (1290ه/1873 ميلادية) بداء النزلة المثانية وله من العمر 75 سنة. وقد ملأ الديار المصرية من المترجمين والأساتذة والمهندسين وغيرهم ممن استفادوا من مؤلفاته وتعاليمه. وقد اطلعنا على كتاب خطي اسمه «حلية الزمن بمناقب خادم الوطن» تأليف صالح بك مجدي، عدد فيه مناقب صاحب الترجمة، وعنه أخذنا معظم ما ذكرناه هنا. وقد ذكر فيه أيضا عددا كبيرا من الذين أخذوا العلم عنه ونبغوا واشتهروا، وذكر مناصبهم ووظائفهم وأعمالهم مما لا محل لذكره هنا.

وكان - رحمه الله - قصير القامة، واسع الجبين، متناسب الأعضاء، أسمر اللون، حازما مقداما، على ذكاء وحدة، وهذا ما نهض به من حضيض العسر إلى مراتب المجد والفخر؛ حتى أصبح ممن يشار إليهم بالبنان، ويقتدي بأعمالهم بنو الإنسان. وكان في أوائل حياته إلى أن عاد من الديار الإفرنجية يلبس اللباس العربي الخاص من الجبة والعمامة والقفطان كما ترى رسمه في هذه المقالة، ثم بدله باللباس الإفرنجي المشهور. ونختم ترجمة حاله بذكر مؤلفاته الواحد بعد الآخر مع وصفها بقدر الإمكان: (1) «خلاصة الإبريز والديوان النفيس» وهو رحلته إلى فرنسا ذكر فيه ما شاهده من العادات والأخلاق والأزياء وآثار التمدن الحديث وكل ما يتعلق بذلك، ثم أمر بطبعها وتفريقها في الدواوين وبين الوجهاء والأعيان. (2) «التعريبات الشافية لمريد الجغرافية» وهو مجلد ضخم ترجمه من الفرنساوية إلى العربية لتدريس الجغرافية في المدارس المصرية، وقد طبع غير مرة في مجلد كبير. (3) «جغرافية ملطبرون» وهو كتاب مؤلف من عدة مجلدات كبيرة، يبحث في الجغرافية بحثا تاريخيا مطولا، ترجم منه المؤلف أربعة مجلدات كبيرة طبعت في مطبعة بولاق، ويظهر من مطالعتها أنه ترجمها على عجل، والواقع يؤيد ذلك لأننا علمنا أنه ترجم مجلدا منها في ستين يوما سنة 1265 هجرية. (4) كتاب «قلائد المفاخر في غريب عوائد الأوائل والأواخر» ترجمه في باريس وقد تقدم ذكره. (5) كتاب «المرشد الأمين في تربية البنات والبنين» وهو مجلد واحد ألفه للتعليم في مدرسة البنات. (6) كتاب «التحفة المكتبية» في النحو، ألفه لتعليم قواعد النحو في المدارس الابتدائية مطبوع طبع حجر. (7) «مواقع الأفلاك في أخبار تليماك» وهو تعريب وقائع تليماك الفرنساوية، ترجمه يوم كان في الخرطوم، مع بعض التصرف، وهو مطبوع في بيروت. (8) «مباهج الألباب المصرية في مناهج الألباب العصرية» وهو بحث عن آداب العصر وسياسته وصنائعه وعلومه وفنونه، ومطبوع بمطبعة بولاق الأميرية. (9) «مختصر معاهد التنصيص» وهو اختصار المعاهد مع بعض الزيادات إلى الأصل ولم يطبع. (10) «المذاهب الأربعة» وهو بحث في المذاهب الأربعة ألفه أثناء رئاسته لمدرسة الألسن. (11) «شرح لامية العرب». (12) «القانون المدني والإفرنجي» مطبوع. (13) كتاب «توفيق الجليل وتوثيق بني إسماعيل» وهو تاريخ لمصر طبع ونشر. (14) كتاب «هندسة ساسير» ترجمه من الفرنساوية إلى العربية وقد طبع ببولاق. (15) «رسالة في الطب» لم تطبع. (16) «جمال الأجرومية» وهو منظومة سهلة في الأجرومية (مطبوعة). (17) «نهاية الإيجاز في سيرة ساكن الحجاز» وهو آخر مؤلفاته طبع في روضة المدارس بمطبعة المدارس الملكية.

وله رحمه الله غير ما تقدم ذكره من المآثر العلمية بين منظومات ورسائل ومقالات شيء كثير لم يطبع وقد وقفنا على بعضه، وأما خدماته في التعليم والتهذيب فغنية عن البيان، ويقال بالإجمال إن رفاعة بك رافع خدم خدمة كبرى في نشر العلوم الحديثة بنقلها إلى اللغة العربية، وتسهيل تناول اللغات الأجنبية بمدرسة الألسن وقلم الترجمة وغيرهما.

جرجي زيدان

الفصل الرابع

أحمد فارس الشدياق

هو فارس الشدياق عين زمانه

অজানা পৃষ্ঠা