88

وممن ورد على صفد، وأقام فصار من أهل البلد: الإمام العلامة والقدوة الفهامة أحد الأئمة الأعلام، بقية السلف الكرام، ناشر العلم بهذا الإقليم، وجابر الطلبة بخلقه العظيم، وداعيا ليلا ونهارا إلى الطريق القويم، المجتهد سرا وجهرا في هداية الخلق إلى الصراط المستقيم، خلف السلف الصالح علاء الدين علي بن محمد صالح، شيخ الإسلام المعروف بالرسام، كان إماما عظيما، وسيدا حليما، وخيرا حكيما، قد استغرق لأوقاته الصالحة كلها في مساعدة الخلق في الأمور العظيمة وحلها، فإن لله عبادا طهرهم من الأدناس، وخلقهم لحوائج الناس، تفزع الناس إليهم في أمورهم، أولئك هم المؤمنون يوم القيامة، أتيته لوداعه عند توجهه إلى الحج فسألته الدعاء، فقال لي: سألت شيخي ياقوت الاسكندري الدعاء عند وداعه، فقال لي: سألت شيخي أبا العباس المرسي الدعاء عند وداعه، فأخبرني أنه لما اجتمع بأبي العباس الخضر بأرض برقة سألته الدعاء عند وداعه، فقال لي: صحبك الله اللطيف الجميل، وكان لك صاحبا في المقام والرحيل، قلت: في هذه الحكاية فوائد منها معرفة هذا الدعاء العظيم الموقع، ومنها نقل العدل الضابط، عن العدل الضابط وجود الخضر وحياته، وحصول مشاهدته، وكانت له طريقة تجمع بين الشريعة والحقيقة، كثير الخشوع، غزير الدموع، إذا جاءه أحد من الطالبين، فكأنما جاءه أمير المؤمنين، جئت يوما لزيارته وقد جاؤوا ببغلته، وهو متوجه إلى دار العدل، فإنه من أهل العقد والحل، فأمر محضر البغلة فرجع، ثم دخل إلى بيته ولأثوابه نزع، ثم حمل كتابا وبساطا، وأظهر قوة ونشاطا، فقلت: والله لقد زاد الخجل مما حصل، فقال: صحبتك يخشى فواتها، ودار العدل كثير أوقاتها، فأثابه الله الجنة، لقد حملني أعظم منة، وكانت أوقاته معمورة، وأعماله مبرورة، إن صلى فبالخشوع يطيل السجود والركوع، وإن ذكر فمن صميم القلب، وإن آذاه أحد صبر عليه واعتذر إليه، كأنه صاحب الذنب، وله تلامذة وأصحاب حصل لهم به الخير، وكتب له الثواب.

পৃষ্ঠা ২০০