السلطان، وأسباب النفقات، والمظالم عن الحكم. فلم يقدح ذلك فيهم. ولم يزل به بعد مدة حتى جعله، وولى أبا حازم الحنفي قضاء الشرقية، وعلي بن أبي الشوارب قضاء مدينة المنصور؛ وكان ابن الطيب، مؤدب المعتضد، يعظم أمر آل حماد، ويقول: حسبك أن لهم بتادريا ستمائة بستان؛ غير ما لهم بالبصرة وسائر النواحي. وكان فيهم على اتساع الدنيا رجال صدق وأيمة ورع وعلم وفضل. وفي إسماعيل بن إسحاق المترجم له أولا، قال أبو محمد بن أبي زيد: هو شيخ المالكيين في وقته، وإمام تام الإمامة، يقتدى به. وكان الناس يصيرون إليه؛ فيقتبس كل فريق منه علما لا يشاركه فيه الآخرون: فيمن قوم يحملون الحديث، ومن قوم يحملون علم القرآن، والقراءة، والفقه، وغير ذلك. وقد نقل عنه أبو علي الفارسي في تذكرته أشياء من العربية. قال القاضي أبو الوليد الباجي، وسمى من بلغ درجة الاجتهاد، فقال: ولم تحصل هذه الدرجة بعد مالك إلا لإسماعيل القاضي. وذكره المقرئ أبو عمرو الداني في طبقات القراء فقال: أخذ القراءة عن قالون؛ وله فيه حرف. وحكى أبو عمرو أيضا عن أبي المثاب القاضي قال: كنت عند إسماعيل يوما؛ فسئل لم جاز التبديل على أهل التوراة، ولم يجز على أهل القرآن؛ فقال: قال الله تعالى في أهل التوراة: " بما استحفظوا من كتاب الله ". فوكل الحفظ إليهم. وقال في القرآن: " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون. " فلم يجز التبديل عليهم. فذكر ذلك المحاملي فقال: ما سمعت كلاما أحسن من هذا. وقد روى أن نصرانيا سأل محمد بن وضاح عن هذه المسألة؛ فأجاب بمثل هذا الجواب. وحصل لإسماعيل هذا في القلوب من القبول ما لم يحصل لغيره من أهل زمانه. قال يوسف بن يعقوب: قرأت في توقيع المعتضد إلى عبد الله بن سليمان بن وهب الوزير: استوص بالشيخين الخيرين الفاضلين إسماعيل بن إسحاق الأزدي وموسى بن إسحاق خيرا؛ فإنهما ممن، إذا أراد الله بأهل الأرض سوءا، دفع عنهم بدعائهما!
পৃষ্ঠা ৩৩