وتوفي قاضيا في ربيع الأول سنة 179: فكانت ولايته ثماني عشرة سنة وتسعة أشهر غفر الله لنا وله، ورحمنا وإياه {
فصل
مسألة القيام التي تكلم فيها ابن غانم تحتاج إلى تفصيل. وحاصله ما قاله أبو الوليد في بيانه. ونصه: القيام للرجال على أربعة أنواع: وجه يكون القيام فيه محظورا؛ ووجه يكون فيه مكروها؛ ووجه يكون فيه جائزا؛ ووجه يكون فيه حسنا. فأما الوجه الأول، الذي يكون فيه محظورا، لا يحل: فهو أن يقوم إكبارا وتعظيما لمن يحب أن يقام إليه تكبرا وتجبرا على القائمين عليه. وأما الوجه الذي يكون القيام فيه مكروها، فهو أن يقوم إكبارا وتعظيما وإجلالا لمن لا يحب القيام إليه ولا ينكر على القائمين إليه؛ فهو يكره للتشبه بفعل الجبابرة ولما يخشى أن يدخله من تغير نفس المقوم إليه. وأما الوجه الذي يكون القيام فيه جائزا، فهو أن يقوم تجلة وإكبارا لمن لا يريد ذلك، ولا يشبه حاله حال الجبابرة، ويؤمن أن تتغير نفس المقوم إليه لذلك؛ وهذه صفة معدومة إلا فيمن كان بالنبوءة معصوما، لأنه، إذا تغيرت نفس عمر بالدابة التي ركب عليها، فمن سواه بذلك أحرى} وأما الوجه الرابع الذي يكون القيام فيه حسنا، فهو أن يقوم الرجل للقادم عليه من سفر، فرحا بقدومه ليسلم عليه، أو إلى القادم عليه مسرورا بنعمة أولاها الله اياه، ليهيه بها، أو القادم عليه المصاب بمصيبة ليعزيه بمصابه، وما أشبه ذلك. وعلى هذا يتخرج ما ورد في هذا الباب من الآثار، ولا يتعارض شيء منها. قال شهاب الدين أحمد بن إدريس، وقد أشار إلى الأوجه المفسرة في البيان: وبهذا يجمع بين قوله عليه الصلاة والسلام {: من أحب أن يتمثل له الرجال قياما، فليتبوأ مقعده النار وبين قيامه عليه الصلاة والسلام} لعكرمة ابن أبي جهل، لما قدم من اليمن، فرحا بقدومه، وقيام طلحة بن عبيد الله لكعب بن مالك، ليهنيه بتوبة الله عليه، بحضوره عليه الصلاة والسلام {ولم ينكر عليه، ولا قام من مجلسه. فكان كعب يقول: لا أنساها لطلحة} وكان عليه الصلاة والسلام!
পৃষ্ঠা ২৬