الباب الثاني في سير بعض القضاة الماضين وفقر من أنباء الأئمة المتقدمين
منها، قال حميد الطويل: لما ولي إياس بن معاوية القضاء، دخل عليه الحسن، وإياس يبكي؛ فقال له: ما يبكيك؟ فذكر إياس الحديث: القضاة ثلاثة، إثنان في النار، وواحد في الجنة {فقال الحسن: إن مما نص الله عليه من نبإ سليمان وداوود ما يرد قول هؤلاء الناس. ثم قرأ: " وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين؛ ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما " ولم يذم داوود. ويروى عن الحسن أيضا أنه قال: لولا ما ذكر الله تعالى من أمر هذين الرجلين، لرأيت أن القضاة قد هلكوا؛ فإنه أثنى على هذا بعلمه وعذر هذا باجتهاده. وأول من قدم قاضيا في الإسلام؛ على ما حكاه ابن عبد البر، عمر بن الخطاب: ولاه أبو بكر الصديق وقال له: اقض بين الناس؛ فإني في شغل. وقد تقدم قول عثمان ابن عفان لعبد الله بن عمر: اقض بين الناس: فإن أباك كان قاضيا. ونقل عن مالك أن معاوية كان أول من استقضى في الإسلام. ولما جاءت خلافة عمر بن الخطاب، وفتحت البلاد، قدم بها جملة من الأكابر؛ فاستقضى شريحا على الكوفة، ووجه عبادة بن الصامت، وهو أحد النقباء الإثنى عشر، إلى الشأم قاضيا ومعلما. وقدم على قضاء البصرة كعب بن سور بخبر عجيب؛ وذلك أن كعبا كان جالسا عند عمر، فجاءت امرأة فقالت: ما رأيت رجلا قط أفضل من زوجي} إنه يبيت ليله قائما، ويظل نهاره صائما {فاستغفر لها عمر وقال: مثلك اثنى بالخير} فاستحيت المرأة وقامت راجعة. فقال كعب: يا أمير المؤمنين {هلا أعيدت المرأة على زوجها؟ فقال: أذاك أرادت؟ قال: نعم قال: ردوا على المرأة} فردت. فقال: لا بأس بالحق تقولينه {إن هذا يزعم أنك جئت تشتكين} قالت : أجل إني
পৃষ্ঠা ২২