فزعة أَي قِطْعَة سَحَاب فثار سَحَاب أَمْثَال الْجبَال فَمُطِرُوا إِلَى الْجُمُعَة الْأُخْرَى فشكي إِلَيْهِ كَثْرَة الْمَطَر فَدَعَا الله فرفعه فِي الْحَال وَأطْعم أهل الخَنْدَق وهم ألف من صَاع شعير واطعم جمَاعَة من تمر يسير لم يمْلَأ كفيه واطعم فِي منزل أبي طَلْحَة ثَمَانِينَ رجلا من أَقْرَاص شعير جعلهَا انس تَحت إبطه حَتَّى شَبِعُوا وَبَقِي كَمَا هُوَ
وامر عمر بن الْخطاب ﵁ ان يزود أَرْبَعمِائَة رَاكب من تمر قَلِيل فزودهم وَبَقِي كَأَنَّهُ لم ينتقص وَأطْعم الْجَيْش من مزود أبي هُرَيْرَة ﵁ حَتَّى شَبِعُوا ثمَّ رد مَا بَقِي مِنْهُ وَكَانَ وَضعه فِي يَده ودعا لَهُ فَأكل مِنْهُ مُدَّة حَيَاة النَّبِي ﷺ وَأبي بكر وَعمر وَعُثْمَان ﵃ فَلَمَّا قتل عُثْمَان ذهب وَحمل مِنْهُ نَحْو ثَمَانِينَ وسْقا فِي سَبِيل الله وَأطْعم فِي بنائِهِ بِزَيْنَب بنت جحش ﵂ من قَصْعَة أَهْدَتْهَا لَهُ أم سليم خلقا كثيرا ثمَّ رفعت وَهِي كَمَا هِيَ ﷺ كلما ذكره الذاكرون وغفل عَن ذكره الغافلون
ولبعض فضلاء الْعَصْر قصيدة عَظِيمَة فِي مدح النَّبِي ﷺ أَحْبَبْت أَن آتِي بهَا هُنَا بكمالها لينقطع بهَا مَا أردناه فِي الْمُقدمَة من الْكَلَام ولتكون لهَذَا التَّارِيخ مسك الختام وَهِي ... إِنِّي أرى فِي النّوم اني فِي الْكرَى ... واصلته يارب حقق مَا جرا
لم يسر لي إِلَّا خيال خيالهم ... مَاذَا على طيف الْأَحِبَّة لَو سرا
وَلَقَد جرى كالنهر سَائل مدمعي ... أَتَرَى درى ذَاك الرَّقِيب بِمَا جرا
أوقفت دمع الْعين يجْرِي فِي الْهوى ... أَنا لَا أسائل هَل درى أَو مَا درى
يَا صَاح قُم ودع التواني واصطبح ... من بنت قشر بالجواهر تشترى
هِيَ قهوة بنية قشرية ... فِي طيبَة تجلى وَفِي أم الْقرى
فَاشْرَبْ شراب الصَّالِحين وَلَا تقل ... ادر الزجاجة فالنسيم قد أنبرا
فالصبح قد وافت طلائع جَيْشه ... والنجم قد صرف الْعَنَان عَن السرا
لَا عَيْش إِلَّا والشبيبة غضة ... مِنْهَا يكَاد المَاء أَن يتقطرا
لله مَجْلِسنَا الأنيس وَقد بَدَت ... فِيهِ الغزال تصيد آساد الشرى
سفرت فَكَانَت والبدور طوالع ... مِنْهَا وَمن شمس الظهيرة أنورا ...
1 / 12