নেপোলিয়ন বোনাপার্টের ইতিহাস
تاريخ نابوليون بونابرت: ١٧٦٩–١٨٢١
জনগুলি
نابوليون
إلا أن الجيش النمسوي لم يتب عن الحرب، بالرغم من هجره عاصمة الإمبراطورية، وبقي يترقب فرصة سانحة للرجوع إلى القتال حتى أتيحت له تلك الفرصة على جسر لنتز حيث وقف فاندام في وجهه وقفة شديدة إلى أن أتى برنادوت فشتته تشتيتا. أما نابوليون فكان يجتهد بفارغ صبر في عبور الدانوب لكي ينهي تلك الحملة الجديدة، في حين كان ماسينا يشيد عدة جسور على خلجان النهر التي تغمر جزيرة لوبو، فعزم نابوليون أن يستعملها لمرور الجيش بكامله، وما هي إلا ثلاثة أيام حتى كانت فرق لان وباسيير وماسينا قد اتخذت لها مراكز في الجزيرة.
في الواحد والعشرين من شهر أيار، الساعة الرابعة مساء، ظهر الأرشيدوق كارلوس على رأس مائة ألف مقاتل، بعد أن جمع شتات مختلف الفرق النمسوية التي قهرت في البافيير، وهجم على فرق ماسينا وباسيير ولان التي استطاعت دون الجيش الفرنسي جميعه أن تدرك الجهة اليسرى من الدانوب. أعلن ماسينا بوادر القتال في إسبرن ووقف وقفة مجيدة في وجه العدو بالرغم من ضآلة عدد جنوده؛ وحذا لان حذوه في إسلنج في حين كان باسيير يبلي بلاء حسنا في وسط العدو المقيم بين هاتين القريتين. ولما هبط الليل انطفأت شعلة القتال. أما المائة ألف النمسوي، الذي يقودهم الأمير كارلوس، فلم يستطيعوا أن يأخذوا شبر أرض من الخمسة والثلاثين ألف فرنسي الذين يقودهم ماسينا ولان وباسيير، وما هي إلا أن قدمت نجدة عظيمة أكدت أن الغد سيكون شؤما على الأرشيدوق.
في تلك الليلة عبرت الجسور فرقتا أودينو وسنت هيلير، وكتيبتان من الخيالة الخفيفة، وقطار يقل عددا من المدافع وأخذت جميعها مركزا لها على خط القتال، عند هذا وثق نابوليون من فوز عظيم. ولما كانت الساعة الرابعة من صباح اليوم التالي أعلن العدو الهجوم على قرية إسبرن؛ إلا أن ماسينا كان متأهبا للدفاع، ولكنه لم يكتف بصد هجمات النمسويين فحسب بل أخذ على نفسه مبادأة الحرب وأتيح له أن يقلب بطنا على ظهر جميع الصفوف التي وقفت في وجهه، وفي الوقت نفسه كان لان وفرقة الحرس الحديثة زاحفين إلى وسط الجيش النمسوي لكي يقطعا مواصلات الجناحين، ولقد التوى كل شيء أمام المرشال البطل وأصبح الفوز مؤكدا له، ولكن في نحو الساعة السابعة من الصباح، انتهى إلى الإمبراطور، أن فيضانا فجائيا صعد من الدانوب فاقتلع الأشجار، وحمل معه جسورا عديدة وبيوتا منهارة، ولم يبق على الجسر الكبير الذي يصل جزيرة لوبو بالشاطئ الأيمن، ويؤلف طريق المواصلات الوحيدة بين الفرق التي على الشاطئ الأيسر وبقية الجيش الفرنسي.
لم يكن لدى الإمبراطور، ساعة انتهى إليه هذا النبأ، إلا خمسون ألف رجل لا غير فأوقف الزحف إلى الأمام، وأمر المرشالية بالمحافظة على مراكزهم حتى يتمكنوا بعد ذلك من الرجوع بنظام إلى جزيرة لوبو، فنفذ هذا الأمر بكل دقة ... أما العدو، فلما علم بتهدم الجسور، دفعته الجسارة إلى إعلان القتال في جميع الجهات فهاجم إسبرن وأسلنغ ثلاث مرات، وثلاث مرات كان نصيبه الفشل. ولقد جلى الجنرال موتون في تلك المواقع الأخيرة إذ كان يقود فرقة من الحرس، وأبلى فيها المرشال لان بلاء حسنا؛ إذ إنه تمكن من إنقاذ تلك القسمة الباسلة من الجيش الفرنسي، إلا أن هذه الخدمة الباهرة إنما كانت الخدمة الأخيرة التي أداها هذا الجندي العظيم إلى بلاده وإلى القائد الأعظم الذي كان صديقا له لا سيدا عليه؛ لقد أصابته رصاصة أفقدته فخذيه في نهاية المعركة فحمل على نعش من خشب إلى حيث كان الإمبراطور الذي لم يستطع أن يمسك دموعه أمام رؤية أعز رفاقه في الحروب وأشدهم بسالة! التفت نابوليون إلى من حوله وقال: «إن قلبي أصيب بطعنة فظيعة في هذه المعركة حتى استطاع أن يحولني عن اهتمامي بالجيش إلى اهتمام آخر.» في تلك الآونة عاود المرشال لان رشده فارتمى على عنق الإمبراطور قائلا: «ستفقد بعد ساعة ذلك الذي يموت فخورا لعلمه بأنه كان أعز الأصدقاء لديك!» عاش المرشال بعد ذلك عشرة أيام كانت صحته قد تحسنت خلالها إلا أن حمى قتالة أفقدته الحياة في الواحد والثلاثين من شهر أيار، في فيينا. قال نابوليون: «إن الإنسان ليتعلق بالحياة ساعة يشعر بأنه على وشك أن يفقدها، فلان الذي كان أشد الرجال بسالة، أبى أن يموت في ساعته الأخيرة. لقد كان يحب امرأته وأولاده فوق حبه إياي، ولكنه لم يأت على ذكرهم في تلك الساعة العصيبة، ولقد كنت له نوعا من الرؤى والسيادة، أو بالحري نوعا من الحكمة العلياء؛ ولذلك كان يطلبني في كل فترة ويتوسل إلي! ...» وقال نابوليون بعد حديث طويل: «إنه لمن المستحيل أن تقع البسالة على أشد من مورات ولان فقد ارتفعت إلى مستوى شجاعته حتى أصبح جبارا ... لقد كان من هؤلاء الرجال الذين يستطيعون أن يغيروا وجه المسائل بما أوتوه من الجدارة والنفوذ الشخصي.»
لم تكتف موقعة أسلنغ بأن أفقدت نابوليون صديقا حميما بل طعنته طعنة أخرى، لا تقل عن الأولى ألما، بأن سلخت عن الجيش أحد قواده البسلاء وهو الجنرال سنت هيلير. جاء في مذكرات نابوليون ما يلي: «لقد فني في هذه الموقعة القائدان الدوق ده مونتبللو (لان) وسنت هيلير وهما بطلان عظيمان من أعز أصدقاء نابوليون الذي بكاهما بدموع سخينة.» لقد سببت هذه الخسارة الأليمة للإمبراطور حسرة عميقة، وقادته بحزن شديد إلى التعمق في الفكرة الأليمة التي تصور للإنسان حقيقة بطلان الأشياء البشرية. في الواحد والثلاثين من شهر أيار كتب إلى جوزيفين ذاكرا لها حزنه الشديد على موت لان الذي مات في الصباح، تاركا هذه العبارة تفلت من قلمه: «وهكذا يفنى كل شيء!» ناسيا عظمة أعماله ورحابة مجده.
إلا أن موقعة أسلنغ، التي أسبغت على الجند الفرنسي مجدا عظيما، تركت النصر مبهما؛ إذ إن كلا من الخصمين كان يدعي الفوز لنفسه. ولكن أوروبا اعتبرت تلك الموقعة خاسرة من جهة نابوليون، الذي تعود أن يسحق عدوه؛ لأنه لم يتمكن هذه المرة من طرد النمسويين من مراكزهم. عند هذا عزم بونابرت أن يحاصر في جزيرة لوبو لئلا ينجم من تقهقره تأثير أدبي مؤسف في فرنسا وفي الخارج. أما الأمير كارلوس، الذي أزعجته حركات دافو الذي كان يطلق القنابل على برسبورج، فلم يجرؤ أن يبادئ القتال، وعزم أن يحصن مركزه بين إسبرن وإنزرسدورف.
في أثناء ذلك كان نابوليون مهتما بإعادة بناء الجسور حتى تم له ذلك، وما عتم الأمر أن تحققت المواصلات بين الجزيرة والشاطئ الأيمن وما هي إلا أن انتهى إلى نابوليون أن جيش إيطاليا، الذي يقوده الأمير أوجين، قد قاتل الفرقة النمسوية في سن ميشيل بعد موقعة أسلنغ بثلاثة أيام، وأن المنتصرين قد التقوا بجيش ألمانيا في أعالي جبل سيمرنغ، فبشر الكتائب بهذا النبأ المفرح في النداء الآتي:
يا جنود جيش إيطاليا
لقد بلغتم الغاية التي عهدت بها إليكم بمجد عظيم، والسيمرنغ شاهد عدل على التقائكم بالجيش الكبير.
অজানা পৃষ্ঠা