الفصل الثالث عشر
الأقارب والعقارب
ما سلط الله على العرب غير أنفسهم؛ فقد طالما نكثوا العهود فرارا من تبعة أو خسارة، وقد طالما استحلوا - في سبيل السيادة - دم ذوي القربى.
لا نعود إلى الماضي مستشهدين التاريخ ولنا في هذا الزمان الأمثال والبينات؛ فقد ذبح الشيخ خزعل أخاه، والشيخ مبارك أخويه، وبندر بن الرشيد عمه، ومحمد بن الرشيد أبناء أخيه الأربعة، وأبناء عبيد الرشيد أولاد عمهم الثلاثة. كل ذلك طمعا بالسيادة.
1326 / 1908: وقد قتل في هذه السنة من هذا التاريخ سعود بن عبيد الرشيد أخاه سلطانا وتولى الإمارة بعده، ثم أرسل إلى عبد العزيز بن سعود يعرض عليه الصلح فصالحه على ما صالح أخاه وابن أخته سلفيه.
من نوادر الله في خلقه أن يقوم في العرب في زمان تعددت فيه هذه الجرائم الفظيعة، من يسلك إلى السيادة مسلك الشجاعة والشرف، فلا يسلط عليهم غير سيف الحق، ولا يجازي طغيانهم وخياناتهم، إذا ما تابوا، بغير الحلم والإحسان. ولكن تاريخ آل سعود المعروف هو أبيض الحاشية، فلا يدنسه دم ذوي الأرحام.
استمرت الاضطرابات والفتن في حائل، فنكث ابن الرشيد العهد وعاد البيتان إلى الحرب - إلى الغارات والغزوات. أما سعود بن عبيد، الذي لم يحكم غير سنة وشهرين (1327 / 1909)، فقد قتل كما هو قتل أخاه، ثم بعث من تولى الإمارة من آل سبهان - أخوال بيت الرشيد - بوفد إلى عبد العزيز، فلم تسفر المفاوضات عن سلم أو شبه سلم، فاستأنف البيتان القتال.
خرج صاحب حائل فنزل الشعيبة وأغار على قبيلة من مطير السعودية فقتل رئيسها وأصاب منها مغنما. وخرج صاحب نجد يطلب خصمه على ذاك الماء فلم يجده، فأغار على قبائل حرب وشمر وغنم أموالهم، ثم عاد إلى الشعيبة فأقام هناك يوما «يخمس الأخماس»؛ أي يقسم الغنائم.
الحرم الشريف والكعبة.
علم صاحب حائل بوجود ابن سعود في الشعيبة فزحف إليه، وعلم ابن سعود بذلك فمشى حتى وصل الغروب إلى مكان في النفود يدعى الأشعلي فنزل هناك، وشرع يتأهب للحرب، فأخرج البدو من المعسكر، أبعدهم عنه. وأخرج الحضر إلى رأس النفود فتحصنوا فيها، فأمست الخيام خالية، ثم أمر بألا تعقل الإبل التي غنموها من شمر وحرب في الغزوة الأخيرة. والقصد في ذلك أن يستغوي بها بوادي العدو. إن الطمع غريزة في البدو؛ فهم إذا رأوا الأباعر شاردة يتبعونها ليغنموها، والأباعر إذا سمعت طلق البنادق، ولم تكن معقلة، تفر هاربة.
অজানা পৃষ্ঠা