فتكلم إذ ذاك أحدهم قائلا: إن صالح الحسن افترى عليهم، وإنه لا يمثلهم بشيء، وإنهم لا يرضون عن ابن سعود بديلا.
سامي : «إنكم تجهلون صالحكم وتتوهمون حقوقا ليست حقوقكم ... ما جئنا نسترضيكم ولا نستغويكم. جئنا نعلمكم الإخلاص والطاعة للدولة العلية، ولا معلم اليوم غير السيف.»
عبد العزيز : «إني آسف على ما بدا منك، بل آسف لأن الدولة توكل أمورها إلى مثلك. ما كان العرب، يا سامي، ليطيعوا صاغرين ، لا والله، ولولا أنك ضيف عندنا لما تركناك تقوم من مكانك.»
كذلك اجتمع القائدان التركي والعربي وافترقا، ولكن سامي باشا أرسل بعدئذ رسولا اسمه دياب أبو بكر إلى ابن سعود يقول: «يسلم عليك الباشا، ويقول: إن الدولة تدفع لك عشرين ألف ليرة ومخصصات سنوية إذا كنت تعترف بسيادتها في القصيم.»
فلما سمع عبد العزيز هذا الكلام عمد إلى سيفه قائلا: «أتتجاسر يا خبيث أن تحمل إلينا مثل هذه الرسالة؟ ألم يردعك شمم العرب؟ ومتى كان ابن سعود يقبل الرشوة، فيبيع بلاده ورعيته ممن يريدون استرقاقها؟ لا أدنس سيفي بدمك يا خبيث، ولكن لا أرد عنك سيفا بيد سواي.»
بادر الرسول إلى ذلوله بعد استماع هذا الكلام، وراح مدرهما. لم يرجع إلى الشيحية ليؤدي الجواب بل فر هاربا إلى المدينة.
وفي ذاك النهار بعد صلاة المغرب، أرسل ابن سعود إلى الفاروقي ثلاثة من رجاله لينبئه، فيكون متأهبا بأنه هاجم عليه في اليوم الثاني بعد صلاة الفجر. وما كان جادا فيما فعل، ولكنها تهويلة جاءت بفائدة. فقد أرسل الباشا ثلاثة من ضباطه مع رجال ابن سعود مسترضيا، فجاء الضباط يقولون: إن الباشا وعسكره ضيوف عليكم واحسبوهم في معيتكم.
1324ه / 1906م: صفا الجو أو إن الرياح سكنت إكراما لرمضان، فصام ابن سعود في عنيزة، ولكنه علم يوم العيد أن ابن الرشيد يواصل السعي في استقدام عساكر الترك إلى حائل. فجهز لحينه حملة من أهل القصيم ونزل إلى البكيرية، ثم أرسل إلى الفاروقي بلاغا - وكان هذه المرة جادا - يخيره بواحد من أمرين؛ إما أن ينقل بجيشه في خمسة أيام إلى وادي السر (فيحول بعده عن القصيم دون المفاوضات وابن الرشيد)، وإما أن يرحله ابن سعود من نجد، فيرسل الجنود العراقية إلى العراق والجنود الشامية إلى المدينة، وإذا رفض أحد الأمرين فهو هاجم عليه لا محال.
عندما علم الجنود، خصوصا الضباط بهذا البلاغ، قاموا يطلبون من سامي باشا الإذعان، بل طلبوا منه أن يرحلهم إلى بلادهم، وقد هدده البعض بالقتل إذا لم يفعل، والبعض قالوا إنهم سينضمون إلى جيش ابن سعود.
قبل الباشا بترحيل الجنود، ولكنه اشترط أن يضمن عبد العزيز سلامتهم وسلامة معداتهم في الطريق إلى المدينة وإلى بغداد. قبل عبد العزيز بذلك، واشترط أن ينقل الجنود العراقيين إلى بريدة فيبقون فيها إلى أن يصل سامي باشا بجنوده إلى المدينة؛ لأنه خشي أن يسير الباشا إلى حائل فينضم إلى عسكر ابن الرشيد ويعيد الاثنان الكرة عليه.
অজানা পৃষ্ঠা