قال عبد العزيز يخاطب النجاب: «والدي الشيخ مبارك أخبرني أنه أمرك بأن تكتم خبر قتل ابن الرشيد.»
فأجاب النجاب: «ما نام الشيخ والله من شدة الفرح عندما وصله الخبر.»
وكانت ساعة في معسكر ابن سعود مضحكة، فكتب إلى «والده» يعلمه بوصول الكتاب الأول وفيه التهديد بالحرب، والكتاب الثاني وفيه التعطفات الطيبة، ثم أخبره بذبحة ابن الرشيد، وختمه بقول الشاعر:
إذا كنت في كل الأمور معاتبا
صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه
الفصل الثامن
ذبحة ابن الرشيد
قد ألمعت فيما تقدم إلى الخلاف الذي كان متأصلا في بريدة بين آل مهنا وآل عليان الأسرتين اللتين تنازعتا السيادة هناك، وقد ظهر هذا الخلاف في أشده يوم قتل مهنا أبو الخيل في أول عهد الإمام عبد الله بن فيصل، فشكى أولاد مهنا الأمر إلى الإمام، فلم ينصرهم على أعدائهم آل عليان. وظل الغل كامنا على ما يظهر في آل مهنا إلى الوقت الذي نحن فيه من هذا التاريخ، فتجسم في صالح الحسن الخارج على ابن سعود عبد العزيز.
وشرع صالح يتزلف إلى الترك لتحقيق مآربه، بل اتخذ تلك الخطة السياسية التي تتلون بألوان الحوادث والأحوال، فأغضب ابن سعود وابن الرشيد معا. وعندما ارتحل ابن سعود من القصيم، وظاهر أمره التخلي عن أهله، كان قصده الحقيقي أن يدع صالحا وشأنه، فيكون له من خطئه وعجزه التأديب الأكبر، فيتأكد هو وأتباعه أنهم لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم إذا شهر ابن الرشيد عليهم الحرب.
وقد كان وقتئذ في قطر ثورة أهلية، أو بالحري فتنة أثارها على الشيخ قاسم بن ثاني أخوه أحمد، وهو يبغي انتزاع الملك من يده، وكان كذلك القتال محتدما بين العجمان وآل مرة، فنصر الشيخ قاسم العجمان، ونصر أخوه أحمد أعداءهم، فاشتدت الحرب بين الأخوين والقبيلتين، فأرسل الشيخ قاسم يستنجد ابن سعود، فأنجده حبا وكرامة. هي الفرصة التي اغتنمها عبد العزيز ليبعد قليلا عن نجد، فيخلو الجو لابن الرشيد لينتقم من أهل القصيم.
অজানা পৃষ্ঠা