আরবি ব্যাকরণের ইতিহাস
تاريخ النحو العربي: منظورا إليه من جهة تطور مفهومه: تأملات استكشافية
জনগুলি
5
والغالب على هذه الكتب هو أن ينقل المؤلف التالي عن المؤلف السابق. وبالرغم من أن غالبها لا يضيف جديدا سوى في نواح جزئية لا تكاد تذكر، فإن أهميتها الحقيقة تكمن في أن بعضها قد ينقل عن كتاب لم يعد متاحا ككتاب المبرد الذي نتعرف مادته من نقولات السيرافي. هذا من جهة، ومن جهة أخرى يرتبط الترتيب والتبويب والتصنيف بتفكير الزبيدي وأبي الطيب اللغوي نفسيهما، وهو التفكير الذي لا يرتبط بالمؤرخ الحديث لعلم النحو كما نقترحه، الذي يعرف أن الأسئلة التي عرضت عن نشأة النحو العربي. وغايته ومعناه وتاريخه كانت موضعا للتأمل منذ قرون طويلة كتاريخ النحاة، والجماعات العلمية النحوية (الطبقات) والمدارس النحوية (الكوفة والبصرة وبغداد ... إلخ)، إلا أنها لا توفر تصورا تاريخيا لمفهوم النحو؛ إذ لا يوجد سوى تراجم النحاة وحكاياتهم. ويبدو لي أن مفهومي «الطبقة» و«المرتبة» هما مفهومان وصفيان، ولا يحملان أي دلالة تحليلية؛ فهناك أسئلة لا يجاب عنها كالنتائج المترتبة على الطبقة والمرتبة، ولا المفاهيم النحوية المشتركة بين أعضائهما. وبالتالي فهما عنوانان وليسا مفهومين؛ لأنهما لا يقولان لنا شيئا أكثر من حكايات النحاة وأساتذتهم ... إلخ. ومع ذلك، فإنني أظن أن هذين المفهومين مفيدان لاقتراحنا عند مستوى التفسير المألوف للنحاة على أساس الأجيال؛ كأن يقال: الجيل الأول أو الثاني. وفيما لو أراد مؤرخ النحو الحديث كما نراه أن يستفيد من ذلك، فبإمكانه أن يتوقف عند كل جيل ومفاهيمهم التأسيسية للنحو، واستكشافها واختلافها من جيل إلى جيل، مما يعني إثارة قضايا نحوية مهمة تنتمي إلى تاريخ النحو العربي. يمكن أن يكون سؤال المؤرخ الذي نقترحه للنحو العربي لهذا النوع من الكتب هو: على أي نحو يمكن أن يمثل كتابا أبي الطيب اللغوي والزبيدي تاريخا للنحو وليس للنحاة؟ ذلك أن كتابين كهذين يحتفيان بالنحاة قد يكونان محفزين لدراسات في تاريخ النحو، فالكتابان يربطان علاقة بين ماضي النحو في النحاة المنتمين إليه، ومستقبل النحو في النحاة الذين جاءوا فيما بعد. تكمن الصعوبة التي تواجه الإجابة عن سؤال كهذا في أن يوسع المؤرخ مفهوم الجزء المتعلق بالنحوي إلى مفهوم الكل المتعلق بالنحو. وبهذه الطريقة أتصور أن كتابين كهذين يمكن أن يكونا موضوعا للتأمل من زاوية غير مألوفة في تاريخ النحو. وعلى أي حال، يمكن للمؤرخ الحديث للنحو العربي الذي اقترحناه أن يتأمل كتب النحو العربي المؤلفة أو الشارحة والمختصرة، وتراجم النحاة في ضوء الأفكار العامة التالية:
أن يكون للتلقي أسبقية منهجية؛ أي أن يكون تاريخ النحو سلسلة من سلاسل التلقي، ومفاهيم ترتبت على تلقيه. كل كتاب نحوي صيغ في محيط ثقافي يستقي منه الشارح أو المؤلف تصوره النظري. وكلما ابتعد النحوي عن زمن تأليف كتاب ما صعب عليه أن يفهم دقائق المؤلف. فالسيرافي مثلا ينطلق من محيط ثقافي له مصادره المعرفية؛ ذلك أن عصر السيرافي الذي شرح كتاب سيبويه، أو عصر الزجاجي الذي كتب مؤلفا في رسالة كتاب سيبويه، ليس بالضرورة هو عصر سيبويه؛ أي إن عقلية السيرافي وتكوينه الثقافي ليس هي عقلية سيبويه وتكوينه.
6
يمكن أن يكون تاريخ النحو سلسلة من المفاهيم التي تشكل ذخيرة إنجازات التلقي؛ لذلك فتحليل التلقي والاستجابات يزودنا برؤية النحاة للنحو في فترات تاريخية متلاحقة، وبتصوره التاريخي لا سيما إذا ما انتبهنا إلى الاستجابات المميزة والمعبرة. إن التحليل من منظور الاستجابات المعبرة والمميزة يساعد مؤرخ النحو على أن يفهم نظرات المراحل التاريخية، والسياق والكيفية التي يتحدث بها العلماء عن فكرة النحو العلمية، ما وكيف تحدثوا عنها.
لا يعني إنجازات النحاة أن هؤلاء النحاة لا غنى عنهم ولا بديل. فالقول: إن سيبويه كان لا بد من أن يكون سيبويه هو نفسه، أو أن ابن جني لا بد من أن يكون ابن جني هو نفسه، أو أن يقال ذلك عن غيرهما هو قول غير يقيني؛ ذلك أن علما كالنحو متى ما نضجت الفكرة، واكتملت ظروف الزمن ستتحقق الفكرة على يد عالم ليس شرطا أن يكون ذلك الذي حققها في التاريخ.
يمكن أن يعبر كل عالم من علماء النحو عن فكرة نحو عربي مكتمل يحمل طابعه الشخصي، ويشير إلى أصالة أسلوبه في تحليل القضايا النحوية. إن كل نحو من نحو هؤلاء يمثل مجموع قضايا نحوية متماسكة، ويبقى لكل واحد منهم قيمة مميزة في سياق تاريخ النحو العام.
يتحاور هؤلاء العلماء حوارا عقليا؛ ذلك أن الماضي عند كل واحد من النحاة لا غنى عنه لكي يستوعبه. يلوذ النحاة الموتى بالصمت، ولا يسمعهم النحاة الأحياء إلا من خلال كتاباتهم. يتكلمون عنهم، لكنهم لا يجيبون إلا بما سبق أن قالوه في مؤلفاتهم النحوية.
7
يمكن أن يعد أحد النحويين نموذجا للآخر. وكما نعرف الآن فإن سيبويه نموذج ابن جني. ولا أبالغ إذا قلت: إن فهم ابن جني لكتاب سيبويه لا يماثله أي فهم آخر في التراث النحوي العربي. ربما يكون أحد علماء النحو خصما لعلماء آخرين مثلما كان ابن مضاء خصما لسيبويه وابن جني، وقد اخترت هذين النحويين لكونهما أسسا أغلب المفاهيم المؤسسة للنحو العربي.
অজানা পৃষ্ঠা