তারিখ মিসর হাদিথ
تاريخ مصر الحديث: من الفتح الإسلامي إلى الآن مع فذلكة في تاريخ مصر القديم
জনগুলি
وبعد فتح بيت المقدس سار صلاح الدين لفتح صور فجاء عكا فنزل فيها، ونظر في أمورها، ثم سار عنها إلى صور في يوم الجمعة 15 رمضان فنزل قريبا منها، وأرسل لإحضار آلات القتال، ولما تكاملت نزل عليها، وقاتلها برا، واستقدم أسطول مصر ليقاتلها بحرا، ثم أرسل من حاصر هونين فسلمت. أما الصوريون فأرسلوا أسطولهم إلى أسطول المسلمين فأسروا منه خمس قطع، وقتلوا كثيرا من المسلمين؛ فعظم ذلك على السلطان وضاق صدره، وكان الشتاء قد هجم، وتراكمت الأمطار، واستشارهم فيما يفعلون فأشاروا عليه بالرحيل؛ لتستريح الرجال، ويجتمعوا للقتال فساروا، وحملوا من آلات القتال ما أمكن، وأحرقوا ما بقي منها، وسارت كل جماعة إلى بلادهم، وسار صلاح الدين إلى عكا.
وبقيت الهدنة إلى أن دخلت سنة 584ه وعند ذلك نزلوا على حصن كوكب، وكان منيعا فأخذوه بعد قتال شديد، ثم سار السلطان إلى دمشق وبقي فيها خمسة أيام. ثم بلغه أن الإفرنج قصدوا جبيل فسار نحوهم، ثم علم أنهم رحلوا عنها فتوقف، وسار قاصدا إتمام فتح سوريا، فجاء ترسوس في 6 جمادى الأولى سنة 584ه، وكان قد انضم إليه رجال من سنجار والموصل تحت قيادة عماد الدين زنكي ومظفر الدين بن زين الدين ففتح ترسوس، ثم سار إلى جبلة ففتحها، ومنها توجه إلى اللاذقية في 24 جمادى الأولى فأخذها في يوم واحد إلا قلعتيها على أنهما اضطرتا أخيرا للتسليم. ثم رحل من اللاذقية إلى صهيون فنزل عليها في 2 جمادى الآخرة فصالحه أهلها على أن يدفع الرجل منهم عشرة دنانير والمرأة خمسة والصغير دينارين. ثم سير من رجاله من استولى على عدة قرى منها بلاطس وغيرها من الحصون المنيعة. ثم رحل عنها وأتى بكاس وهي قلعة حصينة على نهر العاصي ففتحها عنوة وهدم قلعتها، وتوجه بعدئذ إلى قلعة برزنة الشهيرة ففتحها، وفتح غيرها من القلاع.
وفي 3 شعبان أرسل أهل أنطاكية يطلبون الصلح فصالحهم، ثم توجه إلى حلب في ضيافة ابنه الملك الظاهر، ثم إلى حماه في ضيافة عمر ابن أخيه فبات في حماه ليلة واحدة، ثم سار على طريق بعلبك ودخل دمشق، وسار في أوائل رمضان يريد صفد فحاربها، واستولى عليها بالأمان، وفي هذا الشهر سلمت الكرك أيضا.
ثم نزل في الغور وأقام بالمخيم بقية الشهر، وأعطى الجماعة دستورا، وسار مع أخيه العادل يريد زيارة القدس ووداع أخيه؛ لأنه كان متوجها إلى مصر فدخل القدس في 8 ذي الحجة، وصلى بها العيد، وسار منها إلى عسقلان في 11 منه ينظر في أمورها فأخذها من أخيه العادل وعوضه عنها الكرك. ثم مر على بلاد الساحل يتفقد أحوالها، ثم دخل عكا فأقام بها معظم المحرم من سنة 585ه وأصلح أمورها ، ورتب بها الأمير بهاء الدين قراقوش واليا، وأمره بعمارة سورها، وسار إلى دمشق فدخلها في مستهل صفر، وأقام بها إلى ربيع أول، ثم خرج إلى شقيف أريون وهو موضع حصين فخيم في مرج عيون بالقرب من الشقيف في 17 ربيع أول، وأقام أياما يباشر قتاله كل يوم، والعساكر تتواصل إليه فتضايق صاحب الشقيف فنزل إلى صلاح الدين بنفسه وطلب الأمان، ووعد أنه يسلم المكان بشرط أن يعطى له موضع يسكنه في دمشق؛ لأنه بعد ذلك لا يقدر على مساكنة الصليبيين، وأقطاع تقوم به وبأهله، وشروطا غير هذه. فأجابه إلى ما طلب، وفي أثناء ذلك وصله الخبر بتسليم الشوبك، وكان السلطان قد أقام عليها أناسا يحاصرونها مدة سنة كاملة إلى أن نفد زاد من كان فيها فسلموا.
ثم ظهر بعد ذلك للسلطان أن جميع ما قاله صاحب الشقيف كان خديعة فسيره مهانا إلى دمشق. ثم ظهر له أن الصليبيين قصدوا عكا، ونزلوا عليها في 13 رجب سنة 585ه فسار إليها حالا، ونزل فيها بغتة؛ ليقوي قلوب من بها، وأرسل يستدعي النجدات من الأنحاء، وكان عند الصليبيين نحو ألفي فارس و30 ألف راجل. ثم تكاثروا واستفحل أمرهم، وأحاطوا بعكا، وحاصروها في آخر رجب فضاق صدر السلطان لذلك، ثم اجتهد في فتح الطريق إليها؛ لتستمر السابلة بالنجدة فتمكن وانفتح الطريق وسلكه المسلمون، ودخل السلطان عكا، وجرى بينه وبين الصليبيين مناوشات في عدة أيام. ثم تأخر المسلمون إلى تل العياضة وهو مشرف على عكا، وفي هذه المنزلة توفي الأمير حسام الدين طمان.
وما زالت الحال كذلك والصليبيون يتشددون بما كان يأتيهم من المدد بحرا إلى أن قووا على فتح المدينة ودخلوها والسلطان خارجها فعظم ذلك عليه جدا. ثم بلغه أن الصليبيين سيخرجون من عكا للاستيلاء على عسقلان فأتى السلطان الرملة، وتشاور وذوي شوراه في أمر عسقلان، وهل الصواب إخرابها أم بقاؤها؟ فاتفقت آراؤهم أن يبقى الملك العادل قبالة العدو، وأن يسير صلاح الدين بنفسه لإخرابها خوفا من وصول العدو إليها فيأخذ بها القدس، فسار وشرع بإخرابها بكل نشاط رغم إرادته؛ لأنه قال: «لأن أفقد ولدي جميعهم أحب إلي من أن أهدم منها حجرا، ولكن إذا قضى الله تعالى ذلك وكان فيه مصلحة المسلمين فما الحيلة؟» وهاجر أهالي عسقلان إلى الشام ومصر وغيرهما حزانى تاركين أراضيهم وبيوتهم ومواشيهم بحالة يرثى لها.
وبينما كان الإخراب قائما أتى من الملك العادل أن الصليبيين تحدثوا معه بأمر الصلح طالبين جميع البلاد الساحلية. فرأى السلطان أن موافقتهم على طلبهم هذا أفضل لما رأى من الضجر الذي خامر قلوب المسلمين من المشاق المتوالية، فكتب إليه يؤذنه في ذلك، وفوض الأمر إلى رأيه، وأصر على حريق عسقلان ففوض ذلك إلى أحد أولاده الأفضل، وسار إلى الرملة، ومنها إلى اللد وأشرف عليها، وأمر بإخرابها، وإخراب قلعة الرملة، ثم دار حول قلعة البترون، وهي قلعة منيعة فأمر بإخرابها.
وفي يوم الأربعاء 22 شعبان سنة 588ه تم الصلح بين صلاح الدين وكبير الصليبيين بعد مداولات ومخابرات يطول شرحها، ونادى المنادون أن البلاد الإسلامية والنصرانية واحدة؛ فمن أحب من كل طائفة أن يتردد إلى بلاد الطائفة الأخرى من غير خوف ولا محذور، وكان يوما مشهودا سرت به الطائفتان، وعادت الصلات إلى مجاريها، وعادت التجارة، وجعل الزائرون يفدون إلى بيت المقدس من كل صوب، وتوجه السلطان إلى تلك المدينة يتفقد أحوالها، وسار أخوه الملك العادل إلى الكرك، وابنه الملك الظاهر إلى حلب، وابنه الأفضل إلى دمشق، وبقي السلطان صلاح الدين في القدس مدة يقطع الناس ويعطيهم دستورا، ويتأهب للمسير إلى الديار المصرية، وكان في عزمه السفر للحج لكنه لم يستطع.
ولما سار ملك الصليبيين إلى بلاده رأى السلطان أن يعود لتفقد القلاع السورية ففعل، وسار منها إلى دمشق فوصلها في 16 شوال وفيها أولاده الأفضل والظاهر والظافر المعروف بالمشمر وأولاده الصغار، وكان يحب تلك المدينة، ويؤثر الإقامة فيها على سائر البلاد. ثم قدم الملك العادل من الكرك قاصدا البلاد الفراتية. فنزل دمشق واجتمعت هذه العائلة على رغد وسلام، وقد نسي السلطان صلاح الدين عزمه إلى مصر، وعرضت له أمور أخرى غير ما تقدم. (1-12) وفاة صلاح الدين ومناقبه
على أن المنية مع عجزها عن مهاجمة هذا الباسل في ساحة الحرب لم تخف مهاجمته على فراشه وبين أولاده وإخوانه. ففي يوم الجمعة 15 صفر ركب السلطان لملاقاة الحج فعاد إلى منزله كسلا، ثم غشيته حمى صفراوية. ثم أصبح في اليوم التالي أكثر كسلا وضعفا، وما زال المرض يتزايد يوما فيوما إلى أن توفاه الله بعد صلاة الصبح من يوم الأربعاء 27 صفر سنة 589ه، وكان يوم موته يوما لم يصب الإسلام بمثله منذ فقد الخلفاء الراشدين، وغشي القلعة والملك والدنيا وحشة عظيمة، وكان الناس يتمنون فداء من يعز عليهم بنفوسهم، وكان عمره عند وفاته 57 سنة، ومدة حكمه 24 سنة في مصر و19 سنة مع سوريا.
অজানা পৃষ্ঠা