তারিখ মিসর হাদিথ
تاريخ مصر الحديث: من الفتح الإسلامي إلى الآن مع فذلكة في تاريخ مصر القديم
জনগুলি
وأتته أيضا امرأة للبرنس أرباط صاحب الكرك الذي قتله صلاح الدين بيده في حطين فشفعت في ولد لها مأسور فقال لها صلاح الدين: «إن سلمت الكرك أطلقته.» فسارت إلى الكرك فلم يسمع منها الصليبيون، ولم يسلموه فلم يطلق ولدها، ولكنه أطلق مالها ومن تبعها، وخرج البطريرك الكبير الذي للصليبيين ومعه من أموال البيع منها الصخرة والأقصى وقمامة وغيرها ما لا يعلمه إلا الله، وكان له من المال مثل ذلك فلم يعرض له صلاح الدين فقيل له ليأخذ معه يقوي به المسلمين فقال: «لا أغدر به.» ولم يأخذ منه غير عشرة دنانير، وسير الجميع ومعهم من يحميهم إلى مدينة صور.
وكان على رأس قبة الصخرة صليب كبير مذهب فلما دخل المسلمون البلد يوم الجمعة تسلق جماعة منهم إلى أعلى القبة؛ ليقلعوا الصليب فحين صعدوا صاح الناس كلهم صوتا واحدا من البلد ومن ظاهره المسلمون والصليبيون. أما المسلمون فكبروا، وأما الصليبيون فصاحوا تفجعا وتوجعا، فسمع الناس صيحة كادت الأرض أن تميد بهم لعظمها وشدتها.
فلما ملك البلد، وفارقه الصليبيون أمر صلاح الدين بإعادة الأبنية إلى حالها القديم، فإن الداوية بنوا غربي الأقصى أبنية؛ ليسكنوها، وعملوا فيها ما يحتاجون إليه من هرى ومستراح وغير ذلك، وأدخلوا بعض الأقصى في أبنيتهم فأعيد إلى حاله الأول، وأمر بتطهير المسجد والصخرة من الأقذار والأنجاس ففعل ذلك أجمع، ولما كانت الجمعة الأخرى رابع شعبان صلى المسلمون فيه الجمعة ومعهم صلاح الدين، وصلى في قبة الصخرة، وكان الخطيب والإمام محيي الدين ابن الزكي قاضي دمشق. ثم رتب فيه صلاح الدين خطيبا وإماما برسم الصلوات الخمس، وأمر أن يعمل له منبر فقيل له: إن نور الدين محمودا كان قد عمل بجلب منبرا أمر الصناع بالمبالغة في تحسينه وإتقانه، وقال: «هذا قد عملناه لينصب بالبيت المقدس.» فعمله النجارون في عدة سنين لم يعمل في الإسلام مثله فأمر بإحضاره فحمل من حلب ونصب بالقدس، وكان بين عمل المنبر وحمله ما يزيد على عشرين سنة.
ولما فرغ صلاح الدين من صلاة الجمعة تقدم بعمارة المسجد الأقصى، واستنفاد الوسع في تحسينه وترصيفه وتدقيق نقوشه، فأحضروا من الرخام الذي لا يوجد، ومن الفص المذهب القسطنطيني وغير ذلك مما يحتاجون إليه، وقد ادخر على طول السنين. فشرعوا في عمارته ومحوا ما كان في تلك الأبنية من الصور، وكان الصليبيون فرشوا الرخام فوق الصخرة وغيبوها فأمر بكشفها، وكان سبب تغطيتها بالفرش أن القسيسين باعوا كثيرا منها للصليبيين الواردين إليهم من داخل البحر للزيارة فكانوا يشترونه بوزنه ذهبا رجاء بركتها، وكان أحدهم إذا دخل إلى بلاده باليسير منها بنى له الكنيسة وجعله في مذبحها. فخاف ملوكهم أن تفنى فأمر بها ففرش فوقها حفظا لها. فلما كشفت نقل إليها صلاح الدين المصاحف والربعات، ورتب القراء وأدر عليهم الوظائف الكثيرة.
شكل 10-7: كنيسة القيامة بالقدس عند فتحها.
وأما الإفرنج من أهل بيت المقدس فإنهم شرعوا في بيع ما لا يمكنهم حمله من أمتعتهم وذخائرهم وأموالهم وما لا يطيقون حمله، وباعوا ذلك بأرخص الثمن. فاشتراه التجار من أهل العسكر، واشتراه النصارى من أهل القدس الذين ليسوا من الصليبيين؛ فإنهم طلبوا من صلاح الدين أن يمكنهم من المقام في مساكنهم، ويأخذ منهم الجزية فأجابهم إلى ذلك. فاستقروا فاشتروا حينئذ من أموال الصليبيين، وترك الصليبيون أيضا أشياء كثيرة لم يمكنهم بيعها من الأسرة والصناديق والبنيات وغير ذلك، وتركوا أيضا من الرخام الذي لا يوجد مثله من الأساطين والألواح وغيره شيئا كثيرا ثم ساروا. (أ) تهاني الشعراء بالفتح
وكانت ليلة المعراج وكان يوم فخر لجيش المسلمين، فتقاطر الشعراء من سائر الأنحاء؛ لتهنئة السلطان صلاح الدين بما أتاه الله من الفتح، ونظموا القصائد، وقالوا الخطب على الجماهير، وسالت أقلام الكتاب، وفاضت قرائحهم؛ فكنت ترى فيهم إما خطيبا يبشر ويحرض، وإما شاعرا يحمد الله ويمدح الفتح، أو مؤرخا يذكر الحادثة بما فيها من الفخر لجيش المسلمين، وكان من جملة من كتب القاضي الفاضل صاحب السيرة الأيوبية، وعماد الدين الأصبهاني، وممن أنشد في هذا الشأن عبد الرحمن بن بدر النابلسي فقال قصيدة منها:
هذا الذي كانت الأيام تنتظر
فليوف لله أقوام بما نذروا
بمثل ذا الفتح لا والله ما حكيت
অজানা পৃষ্ঠা