তারিখ মিসর হাদিথ
تاريخ مصر الحديث: من الفتح الإسلامي إلى الآن مع فذلكة في تاريخ مصر القديم
জনগুলি
أما محمد الإخشيد فلما رأى الخليفة المتقي ميالا إلى مطاوعة توزون في المسير إلى بغداد مكث في دمشق بضعة أيام، ثم عاد إلى مصر. فسار سيف الدولة إلى حلب، وكان حاكمها يانس المونسي من قبل الإخشيد فحاربه، واستولى عليها. ثم سار متعقبا إبراهيم الأوكيلي قائد الجيوش المصرية، وغلبه بين سرمين والمعرة، واستولى على دمشق، وكانت إلى ذلك العهد في حكم محمد الإخشيد. فأرسل محمد الإخشيد في الحال كافورا إلى الشام، وكان من مواليه وله في الثقة التامة، وأرسل معه جيشا كبيرا.
وكان كافور عبدا أسود خصيا مثقوب الشفة السفلى بطينا قبيح القدمين معتل البدن جلب إلى مصر وعمره عشر سنين فما فوقها في سنة 310ه فباعه الذي جلبه لمحمد بن هاشم أحد المتقبلين للضياع. فباعه لابن عباس الكاتب، واتفق أن ابن عباس الكاتب أرسله يوما إلى الأمير أبي بكر محمد بن طغج الإخشيد، وهو يومئذ أحد قواد تكين أمير مصر فأخذ كافورا ورد الهدية فترقى عنده بالخدمة حتى صار من أخص خدمه. فلم يكن بأسرع من ورود الخبر من دمشق بأن سيف الدولة علي بن حمدان أخذها وسار إلى الرملة حتى خرج لملاقاته، فالتقى الجيشان يوم الجمعة، فاعتذر بنو حمدان أنهم لا يحاربون في هذا اليوم المبارك فتركوا معسكرهم وساروا يطوفون في الخلاء المجاور، فهجم كافور على معسكرهم، وسلب مؤنهم، ففر سيف الدولة إلى حمص فتبعه كافور، فسار إلى حماه ومنها إلى رستو فتبعه كافور، وكان سيف الدولة في انتظاره هناك بقدم ثابتة؛ فلما قدم جيش كافور، وجد بينه وبين العدو نهر العاصي فاضطر إلى عبوره بجيشه، فاغتنم سيف الدولة فرصة في غاية المناسبة والعساكر المصرية سباحة في الماء، وهجم عليهم فأخذ منهم خمسة آلاف أسير، وجميع أمتعتهم، وفر كافور إلى حمص، ومنها إلى دمشق.
فلما بلغ ذلك محمد الإخشيد سار من مصر بجيش كبير حتى أتى المعرة. فعلم سيف الدولة بمجيء الجيوش المصرية بقيادة الإخشيد، فهاله الأمر، ولكنه لم يشأ الفرار فعزم على أن يهاجم العدو مهاجمة اليأس. فأسل خزائنه وعبيده وحرمه إلى ما بين النهرين، وتقدم بجيشه لمقابلة الإخشيد فالتقيا في قنسرين، فقسم محمد الإخشيد جيشه إلى فرقتين؛ جعل الرماحة إلى الأمام، وسار هو في عشرة آلاف رجل من نخبة الرجال إلى الوراء. فهاجم سيف الدولة الفرقة الأمامية وشتتها، أما فرقة الإخشيد فكانت راسخة القدم فلم يقدر سيف الدولة على تشتيتها تماما، لكنه استولى على بعض متاعها. فافترق الجيشان ولم تنته الغلبة لأحدهما، وسار سيف الدولة إلى منبج فعبر بحيرتها قاصدا ما بين النهرين. فمرض في الرقة، وكانت جيوش محمد الإخشيد هناك، ويفصل الجيشين نهر الفرات، وبقيا عدة أيام بدون حرب. ثم اصطلحا على أن تكون حمص وحلب وما بين النهرين لسيف الدولة، ومن حدود حمص إلى حدود بلاد العرب تبقى لمحمد الإخشيد، وحفروا خندقا بين جوشنا ولبوه حدا فاصلا بين المقاطعتين حيث لا يوجد لها حدود طبيعية، وتأييدا لهذا الصلح تزوج سيف الدولة ابنة محمد الإخشيد، وعاد كل منهما إلى بلاده. إلا أن المصالحة المذكورة لم تلبث حتى نقضت، وحصل بين الإخشيد وبني حمدان مواقع آلت إلى استرجاع حلب للإخشيد.
وفي سنة 334ه توفي محمد الإخشيد في دمشق في ذي الحجة، وعمره ستون سنة، ومدة حكمه 11 سنة و3 أشهر ويومان ، ودفن في القدس الشريف، وكان ممتازا بصفات حميدة أخصها البسالة والتدبير في الحرب، فكان ملكا حازما شجاعا كثير التيقظ في حروبه ومصالح دولته حسن التدبير مكرما للجند شديد العضل لا يكاد يجر غيره قوسه، وكان له ثمانية آلاف مملوك يحرسه في كل ليلة ألفان منهم، ويوكل بجانب خيمته الخدم إذا سافر، ثم لا يثق حتى يمضي إلى خيم الفراشين، وكان لا ينام ليلتين متواليتين في مكان واحد فلم يكن أحد يعلم بمكان نومه.
على أن المؤرخين لم يطلعونا على شيء صريح عن حدود ممكلته باختلاف الأزمان، وإن قالوا: إنها نحو المملكة الطولونية في زمانها، أي إنها تشمل مصر وفلسطين وسوريا إلى الفرات، وقسما كبيرا من بلاد العرب، وقد شكا المسيحيون من جوره. فكان إذا جرد حملة، واحتاج لإعانة أخذها منهم، ولو باعوا أثاث بيوتهم أو كنائسهم في سبيل ذلك، وقال أحد المؤرخين المعاصرين: إن محمد الإخشيد كان يرد لهم ما يأخذه في سبيل الإعانة، ومما يبرئ ساحة الإخشيد أنه ظفر بمخبأة في بعض الآثار القديمة أصاب فيها أشياء تساوي مبالغ وافرة لم يكن - والحالة هذه - في حاجة إلى سلب مال الأهلين.
وهذه صورة النقود التي ضربت في عهد محمد الإخشيد سنة 332ه كما ترى في شكل
8-3 .
شكل 8-3: نقود محمد الإخشيد. (2) أنوجور بن الإخشيد (من 334-349ه أو 946-961م)
وتولى بعد محمد الإخشيد ابنه أبو القسم محمد الملقب بأنوجور، وكان صغير السن ضعيف الرأي فعهد بتدبير الأحكام إلى كافور وزير أبيه، وكان كافور يعمل لأبي القسم بأمانة ونشاط يستوجب عليهما المدح. فعزل أبا بكر محمدا جابي الخراج لتعدد التشكيات وثبوتها عليه، وأقام مقامه رجلا من ماردين يقال له محمد كان عفيفا مستقيما. فعلم سيف الدولة بوفاة محمد الإخشيد وسفر ابنه إلى مصر، فشخص هو إلى دمشق واستولى عليها، وأسرع كافور بجيش عظيم فلاقى سيف الدولة في الرملة قادما من دمشق، والتحم الفريقان فانهزم سيف الدولة إلى الرقة، واستولى كافور على دمشق قبل أن يستقر سيف الدولة فيها.
وفي سنة 354ه أغار ملك النوبة على مصر حتى أتى أسوان فأرسل كافور جيشا تحت قيادة محمد بن عبد الله الخازن عن طريق البر، وأنفذ عمارة بحرية في النيل، وفرقة سارت في البحر الحمر فنزلت على سواحله، ومنها إلى ما وراء النوبة؛ لتسد على النوبيين السبيل. فتضايق النوبيون وفروا يطلبون النجاة تاركين حصنهم في إبريم (على 150 ميلا وراء أسوان) في أيدي المصريين.
অজানা পৃষ্ঠা