তারিখ মিসর হাদিথ
تاريخ مصر الحديث: من الفتح الإسلامي إلى الآن مع فذلكة في تاريخ مصر القديم
জনগুলি
والمماليك الذين كانوا في دور الخلفاء كانوا يمتازون غالبا بالقوة البدنية والعقلية، وكانوا يتقربون من أسيادهم شيئا فشيئا حتى استخدموهم في بلاطهم.
وقد كان المماليك في بادئ أمرهم في ظلمات من الجهل والهمجية، وعلى أبعاد من الفضيلة وشعائر الدين، لا يعرفون القراءة، لكن بمخالطتهم للأمراء ورجال الدولة أصبحوا على جانب من التهذيب والاستنارة؛ لاعتناقهم الديانة الإسلامية، ثم تدربوا شيئا فشيئا في شئون الدولة فبرعوا في السياسة، وتدبير الأحكام، وإدارة الأعمال؛ فعظموا في عين الخلفاء، فلما كثر تمرد ولاة الأمصار صار الخلفاء يعهدون إليهم ولاية الأمصار، فكثر أنصارهم، فأقاموا لهم أحزابا من أبناء البلاد ينجدونهم عند الحاجة، ولم يكن ذلك كل ما فعله الخلفاء، لكنهم كانوا يبذلون المبالغ الوافرة في ابتياعهم؛ ينتقون منهم الممتازين جمالا، وقوة، وذكاء؛ ليدخلوهم في خدمتهم الخاصة، ومن ذلك ما فعله الخليفة المعتصم؛ إذ رغب في تعزيز حاشيته فابتاع من أولئك المماليك ألوفا فوق ما كان عنده منهم، وأمر بتدريبهم على استعمال السلاح، وإلحاقهم بالجيش؛ ليختار منهم - متى شاء - من يصلح لبطانته، فكبرت نفوسهم، وجعلوا يعيثون فيمن حولهم؛ فكثرت التشكيات في حقهم، وكثر الهرج في بغداد حتى اضطر المعتصم إلى بناء مدينة سامرا لإقامته معهم.
وكان للمعتصم بالله بطانة من المماليك عليهم رئيس يقال له: «طولون» من قبيلة الطغرغر إحدى الأربع والعشرين قبيلة التي تتألف منها تركستان، وكانت عائلته مقيمة في جوار بحيرة لوب في بخارى الصغرى فأسر في إحدى المواقع الحربية، وجيء به إلى ابن أسد الصمامي، وكان من عمال المأمون؛ يدفع له جزية سنوية من المماليك، والخيول التركية، وأشياء أخرى، ففي سنة 200ه كان طولون في جملة من أرسلهم ابن أسد من المماليك، وكان متناسب الأعضاء، قوي البنية؛ فأعجب المأمون به، فألحقه بحاشيته، وما زال يراقبه حتى جعله رئيس حرسه، ولقبه بأمير الستر، وهذا المنصب لم يكن يناله إلا من كان للخليفة ثقة خصوصية بأمانته وإخلاصه؛ ليكون محافظا على حياته الشخصية، وبعد أن صرف طولون نحوا من 20 سنة في هذا المنصب في أيام المأمون، والمعتصم أصبح ذا عائلة وأولاد منهم أحمد الذي لقب بعد ذلك بأبي العباس، وهو مؤسس الدولة الطولونية، ولد في بغداد، وقال آخرون: في سامرا سنة 220ه من والدة تركية تدعى قاسمة، ويدعوها بعضهم هاشمة كانت في عداد السراري، وقال آخرون: إنه ابن المهلبي خادم طولون، وأن طولون رباه صغيرا، والله أعلم. (10) خلافة الواثق بن المعتصم (من سنة 227-232ه/842-847م)
وقبل أن يترعرع أحمد بن طولون توفي المعتصم بالله، وبويع ابنه هارون أبو جعفر؛ فلقبوه بالواثق بالله، وفي السنة الأولى من خلافته عزل القسم الأعظم من ولاة الأمصار وأصحاب المناصب الذين كان قد ولاهم أبوه، وكان في نيته إقالة أشناس من إمارة مصر، لكنه لم يكد يفعل حتى توفي أشناس في الفسطاط سنة 228ه فأقام مقامه علي بن يحيى الأرمني، وبعد نحو سنة أبدل بعيسى بن منصور للمرة الثانية، وفي سنة 231ه توفي الخليفة الواثق بالله في 24 ذي الحجة وسنه 34 سنة، ومدة حكمه 5 سنوات و9 أشهر و13 يوما. (11) خلافة المتوكل بن المعتصم (من 232-247ه/847-861م)
وعند وفاة الخليفة تواطأ وزيراه أحمد بن أبي داود ومحمد بن عبد الملك الملقب بالزيات مع واصف التركي رئيس الحجاب على أن يبايعوا محمد بن الواثق ويلقبوه بالمهتدي بالله، إلا أنهم رأوا سنه لا يجيز له تعاطي الأحكام؛ فعدلوا عنه إلى جعفر بن المعتصم، فبايعوه ولقبوه بالمتوكل على الله، وقد كان الواثق والمتوكل أخوين من أب واحد ووالدتين ؛ والدة الأول جارية يونانية تدعى قراطيس، ووالدة الثاني جارية تركية تدعى سرجه.
وفي سنة 232ه عقد المتوكل على مصر لهرثمة بن نصر الجبلي، وفي السنة التالية أبدله بابنه المنتصر بن المتوكل وسنه 234ه تولاها حاتم بن هرثمة، وفي أيامه ثارت البجة في النوبة بعد أن كانوا عاهدوا المأمون على الصلح؛ فأنفذ المتوكل لحربهم محمد بن عبد الله، فخرج إليهم من مصر في عدة قليلة، ورجال منتخبة على المراكب في النيل؛ فاجتمع البجة في عدد عظيم قد ركبوا الإبل، فهاب المسلمون ذلك، فبعث إليهم محمد بن عبد الله كتابا لفه بثوب، فاجتمعوا لقراءته، فحمل عليهم وفي أعناق الخيل الأجراس؛ فانزعرت جمال البجة، ولم تثبت أمام صلصلة الأجراس، فركب المسلمون أقفيتهم، وأثخنوا فيهم، وقتلوا كبيرهم؛ فقام من بعده ابن أخيه، وبعث يطلب الهدنة؛ فصالحوه على أن يطأ بساط أمير المؤمنين، فسار إلى بغداد، وقدم على المتوكل، وصولح على أداء الأدوات والبقط، واشترط عليه أن لا يمنع المسلمين من العمل بالمعدن.
وفي تلك السنة أبدل حاتم بن هرثمة بعلي بن يحيى الأرمني (ثانية) وفي سنة 235 أبدل هذا بإسحاق بن يحيى الجبلي، وفي هذه السنة أوصى المتوكل بالخلافة بعده لابنه المنتصر، وبعده لابنه الثاني المعتز بالله، وبعد هذا لابنه الثالث المؤيد بالله، وجعل مملكته حصصا؛ فولى المنتصر: إفريقية، وكل المغرب من العريش إلى آخر حدود المغرب بما فيه مصر، وأضاف إلى ذلك قنسرين، وسوريا، وبين النهرين، وديار بكر، والموصل، وكل البقاع التي يرويها دجلة، ومكة، والمدينة، وحضرموت، والبحرين، والسند، وسامرا، والكوفة وكل توابعها، وولى المعتز: خراسان، وطبرستان، وفارس، وأرمينيا، وأذربايجان، وولى المؤيد: دمشق، وحمص، والأردن، وفلسطين. أما المنتصر فلم يقنع بما قسم له، وطمع بتوليته الخلافة قبل وفاة أبيه؛ فأخذ يسعى في خلعه.
وفي سنة 236ه أقيم على مصر خوط عبد الواحد بن يحيى، وفي سنة 238ه أبدل بعنبسة بن إسحاق، وفي سنة 239ه أمر المتوكل ببناء حصن في مدينة الفرما وحصون أخرى في دمياط وتنيس، وتولى بناءها عنبسة، وأنفق عليها أموالا طائلة؛ وقاية من غزوات الروم، لكنهم لم يكادوا يتحصنون حتى هجم الروم على دمياط وملكوها ومن فيها، وقتلوا جمعا كثيرا من المسلمين، وسبوا النساء والأطفال وأهل الذمة، فلما علم بذلك عنبسة ركب إليهم يوم النحر في جيشه، ونفر كثير من الناس؛ فأخبروه أن الروم قد ساروا إلى تنيس، وتحصنوا في أشموم، فلم يتبعهم عنبسة؛ فكتب يحيى بن الفضل إلى الخليفة المتوكل على الله رسالة فيها هذه الأبيات:
أترضى بأن يوطأ حريمك عنوة
وأن يستباح المسلمون ويحربوا
অজানা পৃষ্ঠা