تاريخ ميورقة
পৃষ্ঠা ৫৯
مقدمة المؤلف
/ 2/ بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلم. قال الشيخ الفقيه الأجل، القاضي الأعدل، الكامل الأوحد الأفضل، أبو المطرف أحمد بن عبد الله بن عميرة المخزومي رضي الله عنه.
الحمد لله مصرف الأقدار على مشيئته، ومبتلي الإنسان من صرف الحدثان بما هو متقاض لنقده ونسيئته، وصلى الله على سيدنا محمد ورسوله طليعة غيب السماء لساكن الأرض وربيئته (1)، الذي عم الأنام حين بعث برسالته ويوم قبض برزيئته (2).
هذا ذكر من خبر ميورقة وتغلب الروم عليها، من حين أدارت الروم أمرها، وأرادت (3) أسرها، إلى أن محقت حقها، وملكت رقها، وأخرجت الإيمان من قلبها، وزجرت أغربتها لفل غربها. وهو لأحد الرجلين متعلم لصياغة الكلام، ومتألم (4) من صناعة الأيام، هذا يتعوذ من سوء القدر، وذاك
পৃষ্ঠা ৬১
يتعود صوغ الفقر (1) والغوص على الدرر، وقد يجتمع الأمران لواحد، فيحصل من الكلام على فائد، ومن العلم بما جرى على شيء زائد.
والذي بعث على إثبات هذا الخبر، وندب إلى جمعه على الوجه المختصر، أحد إخواننا ممن كان متربا (2) بتلك التربة، ثم عاد تربا (3) في أرض الغربة (4)، فإنه/ 3/ حث على عمله بجد، وأشار إلى أنه عنده كنزل معد، فقلت قرى حظ صاحبه منه قراءة، ومسرة بالإرضاء هي بالذكرى لتلك الأرزاء مساءة، ثم انتدبت لرغبته انتداب المجيب، وأتيت بالأخبار عن ذلك الأمر الغريب، وأثبته في الزمن القريب، وعلى الله التوكل وبه أستعين، وفي كنف فضله ومورد جوده أرغب وأحدهما هو المنيع والآخر هو المعين (5).
পৃষ্ঠা ৬২
ابتداء أمر الجزيرة بالأخبار عن أميرها وتوليه لتدبيرها إلى وقت تدميرها
هو محمد بن علي بن موسى وكان في الدولة المهدية (1) أحد أعيانها الكفاة، وأحمد من نهض بأعبائها من الولاة، إلى أن حط عن رتبته، وجووز إلى الأندلس في نكبته، ثم استقل بعض الاستقلال، وولي بلنسية
أدرك بخيلك خيل الله أندلسا
إن السبيل إلى منجاتها درسا
(2) وما إليها من الأعمال، وبعد ذلك بيسير تبادل هو ووالي ميورقة (3) محلي الولاية،
أدرك بخيلك خيل الله أندلسا
إن السبيل إلى منجاتها درسا
পৃষ্ঠা ৬৩
وأحدهما كفؤ الآخر في الكفاية.
فعبر البحر إليها سنة ست وستمائة (1) (606 ه) وسار فيها بأحمد السير، وحماها مما كان يتحيف غيرها من الغير، وسارت به ميورقة مثلا في العدل الواضح السنن، أملا لكل نائي الوطر (2) نابي الوطن (3)، وكان يجلس لعامة الناس عامة يومه (4)، ويأخذ الحق للضعيف من أقوى قومه، فأفعم قلب القلوب مودة، وأقام على مد ظلال العدل/ 4/ مدة. إلى أن آثر عرض هذا الأدنى على ذلك الغرض، وعرض له ما يعرض للأبدان الصحيحة من المرض، فجمع منهوبا بالمآل، وصار منهوما (5) لا يشبع من المال، واقتنى ما بداخل البلد وخارجه من الرباع (6) والضياع (7)، وما علم أن ما كسب فأملك
পৃষ্ঠা ৬৪
من يده له يد الضياع. ثم خلع قومه من الأندلس فكان خبرهم بميورقة بدأة الشر الذي باض وفرخ (1)، وماؤه رشح وبلاؤه رسخ، حسبما يفرغ من بيانه، ويستوفى إن شاء الله تعالى في مكانه.
পৃষ্ঠা ৬৫
وصف ما جرى من الجزيرة التي هاجت الروم لغزو الجزيرة
احتاج هذا الوالي إلى الخشب المجلوب من يابسة (1) فأنفذ عنه طريدة بحرية
أبا فارس عمر طرائدك التي
يبيت بها الشيطان وهو طريد
(2)، وعمر صحبتها قطعة حربية، فخرجت على مرأى من تجار للنصارى كانوا هنالك في قارب، ورب مسالم تحت أثوابه ضغن محارب (3)، فطاروا إلى طرطوشة (4) بالخبر، ووعدوا ظفر الكفر إن نشب فيها بالظفر، فجهز
أبا فارس عمر طرائدك التي
يبيت بها الشيطان وهو طريد
পৃষ্ঠা ৬৬
المثلثة (1) لها ثلاثا من القطع صغارا، وقرنوا بها واحدا من الكبار استظهارا، فخرجت لذلك المقصد، وجاءت حتى قعدت من طريق الإلفين بالمرصد، فانفصلا بحاجتهما من يابسة، وقصدوا ميورقة البائسة، ومرا بالعدو الكامن، ولا علم عند رجالهما من الأمر الكائن (2)، فخرجت عليهم القطع الأربع دفعة، وفاتها غراب
وغربانه في البحر فيها جوارح
كأنهم العقبان حين تصيد
(3) المسلمين سرعة، فطردت/ 5/ الطريدة حتى اقتنصتها، وخلصت إليها واستخلصتها.
وجاء الغراب ميورقة خزيان بإسلام الحليلة، لهفان على منعها بالقوة أو الحيلة، فعظم على الوالي ما حدث، وحدث نفسه بغزو الروم وليته ما حدث، ووجه إلى ملكهم وهو جاقمه بن بطر بن أدفونش (4) يطلبه برد
وغربانه في البحر فيها جوارح
كأنهم العقبان حين تصيد
পৃষ্ঠা ৬৭
الطريدة، ويتوعده بالنكايات الشديدة، والاغترار بزمامه آخذ، وحكم الله ماض وقضاؤه نافذ.
ثم أطاع الطمع، وجهز القطع، وأرسل منها العاديات سبحا، لا العاديات ضبحا (1)، وحاول عين الخسارة وهو يظنها ربحا (2)، وهناك حال عن سننه المعروف، وتعرض لهيج الحروب وهو لا يحسن من علمها تهجي الحروف (3). فجاءته قطعه بأجفان رومية، وما صاب سهمها تلك الصائفة عن رمية، وممن حصلته في قبضة الإسار، نصراني مشهور بالثروة واليسار، فاحتفظ به الوالي عند حفيظ، وطلبه بمال غليظ، ثم نزل معه إلى عشرة آلاف. وفسح له أن يبعث عنها من يأتي بها من غير إخلاف، فبعث إلى أهله في الظاهر أن يؤدوا ويدفعوا، ولحن
وأدت إلي القول عنهن زولة
تلاحن أو ترنو لقول الملاحن
(4) لهم أن يردوا ويمنعوا، ففهموا ما أراد
وأدت إلي القول عنهن زولة
تلاحن أو ترنو لقول الملاحن
পৃষ্ঠা ৬৮
فأيأسوه، وأنسوا لقوله فأظهروا أنهم نسوه.
পৃষ্ঠা ৬৯
قصة المسطح والمركب
واتصل بالوالي في أخريات ذي الحجة من سنة ثلاث وعشرين وستمائة (623 ه) أن مسطحا من برجلونة (1) ظهر على يابسة/ 6/ وقعد عليها مخيفا، وأقام حواليها مطيفا (2)، وأن مركبا من طرطوشة انضم إليه في ذلك المكان، وفيه من المال ما يخرج حصره عن الإمكان. فأغذ حركة زهوه، وأعد قطع غزوه، وملأها بكماة الهياج (3)، وحماة سرح الأثباج (4)، وجعل أحد بنيه، ووسمه بالتسمية لهذا الوجه النبيه، فخرج حتى نزل بمرسى (5) يابسة ووجد فيه لأهل جنوة (6) مركبا كبيرا، فأنشأ فيه تدبيرا، وعزم أن يعمره
পৃষ্ঠা ৭০
بالرجال، ويستظهر به في القتال.
فتم له ذلك في أقرب مدة، وفرغ مما كان بقي عليه من إكمال عدد وعدة، وسار في تعبئة سارة، ونهض في جوار للمركب جارة، حتى طلع على المركب والمسطح، وهما مرتبعان في ذلك الأبطح (1)، فدنا السواد من السواد (2)، وكان لما حضر من جياد الماء حضر الجياد. وبرز المركب للمسطح فقابله وهو مصمم إليه، وقاتله وهو مشرف عليه، فظهر المسلمون عليه ظهورا بينا، وقدروا الظفر به هنيا هينا (3).
وكشفوا النصارى عن ظهر المسطح حتى أخلوه، ولم يشكوا في علو الأيدي إذا علوه. فجدوا في حملتهم، ومالوا إلى جانب المركب بجملتهم، ولم تكن أحكمت أسباب جريته، ولا أصلحت أداة توصيله إلى بغيته، فأحجم عن طلقه، وكاد يغرق بقلقه، وبعد لأي ما استقل، ووجد المسطح فترة فنسل وانسل.
ولما علم أهل المركب أنه قنص قد أفلت من مخالبهم (4)، وقبس أظلم في عين طالبهم، عطفوا على/ 7/ مركب النصاري وريحه هابة، وظهره لا
পৃষ্ঠা ৭১
ترمحه من تلك القطع دابة (1)، فحين دنا منه يئس من الخلاص، وأيقن أنه في يد الاقتناص. فطلعه المسلمون من كل جانب، واقتسموه بين قاتل وناهب، ثم رفعوا القتال، وجمعوا بين يدي الوالي المتمول والمال، وكان فيهم أربعة من جنوة، هم أشهر أهلها يسارا وثروة، فقتل من ساعته من ذكر من أهل السعة، وكان مرباعه (2) مال هؤلاء الأربعة، فأودعه عند بطانته، وجعل أمناء على ما لم يدخل تحت خيانته. وعاد إلى ميورقة وهو يرى أنه غالب لملوك الزمن، بالغ بسيفه ويزنيه (3) مالم يبلغه سيف ابن ذي يزن (4)، وغاب عنه أنه أشأم من عاقر الناقة (5)، وأن طليعة عمله ستلحقها من الساقة ما ليس في الطاقة (6).
فإن الروم حين بلغهم الخبر قالوا خطب كبار، وأمر ليس عليه قرار، وكيف نقابل رفع هذه الفتوق بالفتور (7)، أو ننام وليس بنائم ليل الموتور، وقد
পৃষ্ঠা ৭২
كان لأميرها أبي إبراهيم إسحاق بن محمد (1) فينا أيام تشيب النواصي، وغارات تبلغ الأقاصي، حتى قطع عن البحر والساحل القاطع والقاطن، وأعاد مواطئ لخيله تلك المواطن. والآن بذلك الكيل تكال، ففيما التلكؤ وعلام الاتكال؟
واجتمعوا إلى ملكهم الذي سميناه (2) فقالوا قد خامر الأمر الفظيع (3)، وإن ضعنا فأنت هو المضيع، وكيف ترضى بخطة الخسف، أو تقنع لجبالهم وبحارهم/ 8/ بدون النسف والنزف (4)، وإنما هي خطتان إما سلم نقبلها كرها، أو حرب (5) لا ندع فيها من وجوه النظر وجها، فإن اخترت الحرب ففينا العدة والعدد، ومنا مع المدد البعوث والمدد (6)، ونحن نجهز بأموالنا جيشا يتلوه
পৃষ্ঠা ৭৩
جيش، ولا ترضى أن يدوم لنا على الضيم عيش. وهذا النصراني المأخوذ بميورقة نأخذ من ماله جملة، ونجعل ذات أيدينا للانتصاف من أعادينا وصلة.
فأخذ عليهم بذلك العهود، وأشهد على مقالتهم الشهود (1)، وأنفذ إلى ميورقة كبيرا من النصارى، وطلب الوالي برد المركب والمال والأسارى، على أن يكف عن المسلمين، ويصالحهم عشر سنين، وإن أصر على اللجاجة (2)، وصار إلى الرد في الحاجة، فإنه يغزوه لا محالة، ويصدق بفعاله هذه المقالة.
فوصل الرسول ونزل، وأدى عن صاحبه ما طلب وبذل، فاستعظم الوالي هذه الغرامة، وقال لا ولا كرامة (3)، وأعاد عليه الكلام فلم ينتفع بإعادة، وعاد إلى الاقتصار على الأسارى دون زيادة، والوالي قد استخف بالأحوال المخيفة، ومثل نفسه بصادق الحنيفية (4) مع كذاب حنيفة.
فلما علم الرسول أن يده لا تسمح بما أرعت، وأذنه لا تقبل على ما وعت، أحال إلى الكدر كبوه، وأبلغه مقالة الملك وأنه أجمع غزوه، فأبرق
পৃষ্ঠা ৭৪
وأرعد (1)، وأحفظه ما به توعد، وقال أو بلغ من حداثة الخبيث، أن يحدث نفسه/ 9/ بهذا الحديث (2)، قل له للبلوغ سن لو كان يدركها، لكان يدع هذه الدعوى ويتركها، ولو كان لنا أجفان تكفينا لركبنا إليه ثبج هذا البحر، ونزلنا من سرارة (3) أرضه بين السحر والنحر.
ولم يعلم أن من الاعتزاز ما يهب هوانا (4)، وأن رب كلمة هاجت حربا عوانا
حربا عوانا لقحت عن حولل
خطرت وكانت قبلها لم تخطر
(5). فقام الرسول وهو يقول قد زل لسانك وستزل قدمك، وستندم على ما فرط منك حيث لا يغني عنك قدمك، وما تغني أضغاث الأحلام (6)، إذا هاجت أضغاث الكلام، وخرج حتى ركب ظهر مطيته، وعاد بما انطوى عليه إلى طيته (7).
حربا عوانا لقحت عن حولل
خطرت وكانت قبلها لم تخطر
পৃষ্ঠা ৭৫
حديث ملك الروم حين عاد إليه رسوله من مراده مخفقا وللخبر المثير لأحقاده محققا
ولما انصرف صاحب الرسالة، وجاء على آخر المقالة، تملك الملك الغضب، وقال عند القراع يعلم أينا النبع وأينا الغرب (1). وتهيأ للعبور، وأقام لتلك الأمور، واستنجز طائفة الشرك موعودها، وأشهد على نفسه عابد الكنائس ومعبودها، وكتب أهل النجدات على اختياره، وميز الفارس والراجل باختباره، وأمر كل واحد من جنده أن يحضر من الدروع الفارسية والفرسية بأحصنها، ومن/ 10/ الترسة الذهبية بأحسنها، ومن الجياد بأفرهها
فصاف يفري جله عن سراته
يبذ الجياد فارها متتايعا
(2)، ومن الصعاد (3) بأشهرها وأشرهها (4).
وكانت هذه فريضة رباعية عني بحصرها، ولم ير السفر مظنة المشقة فيرخص في قصرها، واستكمل من عدة خيله التي انتقاها هذا الانتقاء، وكلف أشقياءها هذا الشقاء، ألفا وخمس مائة فارس، من كل محام ممارس، صابر
فصاف يفري جله عن سراته
يبذ الجياد فارها متتايعا
পৃষ্ঠা ৭৬
على كل جهد، ناهد على أقب نهد (1). فأما الرجالة فكانت عدة أهل البلاد منهم عشرين ألف راجل، بين رامح ونابل، وحام حامل، وخاتر حاتل (2)، وأكمل لمراكب البحر من جوارحه (3)، وسراحين (4) مسارحه (5)، ستة عشر ألفا شرط عليهم حمل السلاح، وأن يحضروا معه حومة الكفاح.
وأمر أهل السواحل بما شاء من الإنشاء، وفرغهم لنتاج الحاملات لعسكر الماء، ووظف عليهم من أنواعها عددا، وضرب لهم في الوفاء بها أمدا، ووعد الجميع مرسى شلوط (6) وهو أقرب المراسي للجزيرة، وأخصها
পৃষ্ঠা ৭৭
بالمصالح الكثيرة، فإنه مرسى ترفأ إليه السفن، وتدنو منه العمائر والمدن، بره سهل فسيح، وبحره لا تهيجه ريح، فهو مجمع لشاة تسام، وتاجر يستام (1)، ووارد يسافر، وصادر كافر جاء به الكافر.
পৃষ্ঠা ৭৮
وصف ما نشأ أثناء هذا التدبير من تهيب الروم لهذا المرام الكبير
/ 11/ وبعد أن عزم النصارى على هذا الرأي، وشاهدوا ما لملكهم فيه من الجد والسعي، تعقبوا النظر، واستشعروا الحذر، وقالوا يجب أن نتبين أقوم الطرق، والشروع في العمل قبل تدبير الغاية من الخرق. وميورقة على ضم الرجال مبنية، وهي للبعيد والقريب أمنية، فهي بالمقاتلة طافحة (1)، ثم هي لكبش السماء مناطحة، وليمين الثريا مصافحة (2)، وركوب البحر إليها ركوب الغرر، وورودها مظنة لسوء الصدر، والملك قد ركب رأسه، ووعد بها نفسه، وظن أنها أخيذة لشرك (3) شركه، وأن بهذا المسلك تنتظم في سلكه.
فمن الرأي أن نقوم الآن من مجلسنا، وننهض إليه بأنفسنا، ونأتي عنده في هذه العلة بقول شاف، ونبين عليه ما نتخوفه وهو عليه خاف . ولقد كانت ميورقة فوق ما هالهم، وأعظم مما راع علمه جهالهم، وأعز من أن تطرد سرحها ذئابهم، أو يطير إلى شهدها ذبابهم (4). ولكن قدر سبق، وقضاء من
পৃষ্ঠা ৭৯