مقدمة المترجم
الكتاب الأول: تاريخ مصر
1 - وصف مصر القديمة والكلام على النيل
2 - في أصل المصريين وتكوين بلادهم
3 - الكلام على منف والدولة القديمة
4 - طيبة والرمسيسيين
5 - تغلب الأجانب على مصر
6 - في الديانة المصرية
7 - الآثار والصناعة
8 - استكشافات شامبوليون والكلام على علماء الآثار المصرية من الفرنساويين
অজানা পৃষ্ঠা
الكتاب الثاني: في تاريخ الكلدانيين والآشوريين
9 - وصف بقعة دجلة والفرات
10 - أصل الكلدانيين والكلام على أيامهم الأولى
11 - الكلام على نينوي وذكر سرجون وخلافائه
12 - ذكر نابوكودونوزور وخراب بابل
13 - الديانة الكلدانية
14 - الآثار والفنون الصناعية
15 - الاستكشافات العصرية
الكتاب الثالث: في تاريخ الفينيقيين
16 - وصف فينيقية وذكر صيدون وصور وتأسيس قرطاجة
অজানা পৃষ্ঠা
17 - الديانة - حروف الهجاية - التجارة - الصناعة
18 - المستعمرات الفينيقية
الكتاب الرابع: في تاريخ الماديين والفرس
19 - وصف إيران - آسيا الصغرى - مملكة الماديين
20 - الفرس - كورش - كمبيز - فتح الفرس للقسم الأعظم من بلاد المشرق المعروفة قديما
21 - دارا - تنظيم مملكة الفرس
22 - الديانة - الأخلاق - العادات - الآثار
مقدمة المترجم
الكتاب الأول: تاريخ مصر
1 - وصف مصر القديمة والكلام على النيل
অজানা পৃষ্ঠা
2 - في أصل المصريين وتكوين بلادهم
3 - الكلام على منف والدولة القديمة
4 - طيبة والرمسيسيين
5 - تغلب الأجانب على مصر
6 - في الديانة المصرية
7 - الآثار والصناعة
8 - استكشافات شامبوليون والكلام على علماء الآثار المصرية من الفرنساويين
الكتاب الثاني: في تاريخ الكلدانيين والآشوريين
9 - وصف بقعة دجلة والفرات
10 - أصل الكلدانيين والكلام على أيامهم الأولى
অজানা পৃষ্ঠা
11 - الكلام على نينوي وذكر سرجون وخلافائه
12 - ذكر نابوكودونوزور وخراب بابل
13 - الديانة الكلدانية
14 - الآثار والفنون الصناعية
15 - الاستكشافات العصرية
الكتاب الثالث: في تاريخ الفينيقيين
16 - وصف فينيقية وذكر صيدون وصور وتأسيس قرطاجة
17 - الديانة - حروف الهجاية - التجارة - الصناعة
18 - المستعمرات الفينيقية
الكتاب الرابع: في تاريخ الماديين والفرس
অজানা পৃষ্ঠা
19 - وصف إيران - آسيا الصغرى - مملكة الماديين
20 - الفرس - كورش - كمبيز - فتح الفرس للقسم الأعظم من بلاد المشرق المعروفة قديما
21 - دارا - تنظيم مملكة الفرس
22 - الديانة - الأخلاق - العادات - الآثار
تاريخ المشرق
تاريخ المشرق
تأليف
غاستون ماسبيرو
ترجمة
أحمد زكي
অজানা পৃষ্ঠা
مقدمة المترجم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله المنفرد بالبقاء والقدم، مبيد الأمم ومعيده من العدم والصلاة والسلام على نبيه الذي بعثه بلسان الصدق لهداية الخلق إلى صراط الحق، وعلى آله وأصحابه الذين خلدوا من المآثر والآثار ما يتجدد لنا به الافتخار، على تعاقب الليل والنهار.
وبعد؛ فهذا كتاب في تاريخ الأمم القديمة ببلاد المشرق مهبط أسرار الحكمة، ومشرق أنوار العرفان. وضعه باللغة الفرنساوية العلامة الثقة الحجة الموسيو ماسبيرو، الذي يرجع إلى معارفه في بيان ظلمات التاريخ القديم، ويعتمد على أقواله في شرح أحوال الأمم الماضية والقرون الخالية وخصوصا أجدادنا المصريين؛ لوثيق معرفته بكتاباتهم وكناياتهم، وتمام درايته فيما يتعلق بحياتهم؛ حتى أصبح ببلاد أوروبا، وهو عمدة أهل التحقيق والتدقيق وأستاذ المستنبطين والمستكشفين، وقد ضمنه الرجل كثيرا من آثار بحثه وتنقيبه، واجتهد في تقريبه للأذهان بعبارة امتزجت فيها الفائدة بالطلاوة، وشخصت للقارئ معيشة أولئك الأقوام، كما هي بالتمام في تلك الأيام. لذلك ما لبث هذا الكتاب أن ظهر بفرنسا حتى أهرعت الأمم المتمدنة إلى ترجمته للغات أوروبا كلها بعد أن تعدد طبعه في فرنسا جملة مرار.
ولما اطلع عليه سعادة يعقوب باشا أرتين وكيل نظارة المعارف العمومية، ورآه منطبقا على برنامج التدريس بالمدارس الأميرية أراد أن لا تكون مصر محرومة من ثمراته، فإن أهلها أولى الأمم بمعرفة أحوال أسلافهم، فقد بنى لإتحاف أهل مصر بل أهل اللغة العربية بهذا الكنز الثمين؛ فشمرت عن ساعد الجد في تعريبه، طبق الأصل بالتمام، مع العناية بضبط ما فيه من الأعلام واختيار الألفاظ الموفية بالمرام.
وقد رأيت من باب الواجب تعليق بعض الشروح في متن الكتاب أو في حواشيه، بحسب المقام، وكلها فيما يختص بالتاريخ والجغرافية والترجمة ونحو ذلك من أبواب العرفان. وأظن أن المطلع عليها سيعرف لي تعبي؛ إذ يرى في هذه الحواشي كثيرا من الفوائد المتشتتة في كتب العرب، مما اعتاد الناقلون عن ألسنة الأعاجم في هذا الزمان على إهماله، أو عدم التنقيب عنه من باب التكاسل أو التجاهل.
وقد حليت ترجمتي هذه بالصور التي ازدان بها الأصل الفرنساوي، كما أني بذلت في تعريب الخرط وضبط أسماء المواقع الجغرافية عناية وتعبا لا يشعر بشيء منهما إلا من كابد مثل هذا العمل الشاق، الذي يوجب ضياع الأيام بحثا في المطولات المتنوعة والمعاجم المتعددة؛ للوقوف على حقيقة اسم واحد، خصوصا وأن هذه الخرط أغلبها يختص ببلاد الشرق. وقد نقل الإفرنج أسماءها محرفة مشوهة أو تعارفوها مختلة معتلة، فكان إرجاعها إلى أصلها موجبا لتعب كثير قد لا يخلو الخائض عبابه من الزلل والتقصير، ولكني أقدر أجاهر بأنه لم يظهر في اللغة العربية إلى يومنا هذا خرائط أكمل من التي ترجمتها ضبطا وإتقانا، أو أوفى منها إحكاما وبيانا.
ولي حينئذ أمل وطيد في أن يكون لترجمتي هذه نصيب وافر في استفادة الدارس، وتذكير الباحث؛ حتى تكون حسنة من حسنات مولانا وولي نعمتنا الخديو الأعظم «عباس حلمي الثاني» الذي رفع رايات المعارف، وسعى بهذه الأمة في طريق الجد والمجد والكمال أدامه الله بدرا في سماء مصر وفخرا لهذا العصر آمين.
سكرتير ثاني مجلس النظار
الكتاب الأول
অজানা পৃষ্ঠা
تاريخ مصر
الباب الأول
وصف مصر القديمة والكلام على النيل (1) النيل
يخرج النيل من عيون وراء خط الاستواء في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية، ثم يذهب مستمدا بالمياه الجارية من البحيرات الكبيرة بأفريقية الوسطى، ويأخذ نحو الشمال مارا بسهول فسيحة وفدافد واسعة تتخللها غابات ومستنقعات، ويمده بحر الغزال من جهة اليسار بما يزيد من مياه الحوض الذي يمتد بغير انتظام بين دارفور والكونجو.
ومن جهة اليمين يجيئه نهر سوبات والنيل الأزرق ونهر تقزى بالمياه التي تنحدر من جبال الحبشة، ثم لا يلبث أن يمر بالهضبة الكلسية (الجيرية) التي في الصحراء، ويمر في أخدود متعرج بتلك الهضبة، ثم يأخذ مجراه بتثن وانعطاف، فيقاطعه خمسة من الجنادل، ثم يسير الهوينا غير مستمد بعد بشيء من المياه، إلى أن ينصب في البحر الأبيض المتوسط. ومصر هي القسم الشمالي من هذا الوادي فيما بين شلال أسوان والبحر المالح، وما زالت معتبرة كذلك في كل عصر. (2) النيل في مصر
قالوا إن مصر هبة من هبات النيل
1
وهي من ابتداء أسوان إلى ما يجاور مدينة طيبة (ثيبة)، محصورة حصرا ضيقا بين جبلين قد يتقاربان تقربا كليا في بعض المواضع، كما هو عند جبل السلسلة، حتى لا يكون لواديها أثر سوى مجرى النهر، يحف به من الجانبين صخور شامخة من الجلمود، وعرضها فيما بين طيبة والقاهرة خمسة عشر كيلومترا بعد التعديل المتوسط، وينقسم النيل فيها إلى فرعين يذهب كل منهما بحذاء سلسلة من السلسلتين الجبليتين الحافتين بهذا الوادي، فالفرع الغربي أشبه شيء بترعة غير منتظمة، تنتابه أسماء مختلفة في مجراه من ضواحي دندرة إلى البحر المالح، وكثير من أجزائه تجف مياهه مدة شهور كثيرة من السنة، ولا يشبه في سيره النهيرات حقيقة إلا فيما بين أسيوط والفيوم (وهو المعروف ببحر يوسف) ومع ذلك فلا يتيسر للسفائن أن تسير فيه إلا أيام الفيضان وتوارد المياه
2
أما النيل الشرقي وهو النيل الحقيقي فالأحرى به أن لا يدعى نهرا؛ بل بحيرة ذات تعاريج مشحونة بالجزائر الصغيرة، وهو يجري بقوة وانتظام فيما بين سواحل سوداء مقطوعة قطعا عموديا في أراض خصبة؛ مكونة من طمي النيل. والناظر إلى البر لا يقع نظره إلا على غابات صغيرة من النخيل أو أيكات من شجر الأقاقيا
অজানা পৃষ্ঠা
3
والجميز ومزارع القمح والشعير، أو غيطان من الفول والبرسيم، أو كثبان من الرمال يستثيرها أقل ريح، أو منازل مجتمعة متجاورة أو قرية علاها الغبار، أو أخرى صغيرة ألبسها ظليل النخيل رواء وبهاء.
وفيما وراء القاهرة يأخذ الجبلان في الابتعاد عن بعضهما، فتذهب جبال لوبيا إلى أن تنقطع عند البحر المتوسط غربي الإسكندرية، وتذهب سلسلة جبال العرب نحو الشرق إلى أن تكون على مقربة من البحر الأحمر، وهناك منقطعها، وكانت المسافة الفاصلة بين هذين الجبلين فيما سلف من الزمان خليجا من البحر المالح يصب النيل فيه قريبا من المكان القائمة عليه الأهرام، في هذه الأيام، وهي الآن سهل فسيح، مثلث الشكل، تكون من الطمي وتقوت به تربته، وانفسح وفي شماله كثبان متقاطرة وبطائح متوالية، وكانت ترويه في الأحقاب الخالية ثلاثة فروع كبيرة وهي الفرع البيليوزي
4
في الشرق والفرع السبنيطي
5
في الوسط والفرع الكانوبي
6
في الغرب، وقد زال الفرع الأول منذ أجيال طوال وكانت هذه الفروع الثلاثة مرتبطة ببعضها بجملة من الترع الطبيعية أو الصناعية بعضها يصب في البحر مباشرة فتزيد عدد الأشاتيم أي فروع النيل؛ فتجعلها سبعة أو أربعة عشر أشتوما بحسب اختلاف الأوقات. (3) فيضان النيل
تهطل الأمطار الغزيرة في شهر فبراير من كل عام في البقعة التي فيها البحيرات الكبيرة، فيكون من ذلك ازدياد النيل وفيضانه ويمتد هذا الفيضان بسرعة من الجنوب إلى الشمال وينتشر في الوادي كله في بضعة شهور، وتصل مياه الفيضان إلى مدينة الخرطوم في أواخر شهر أبريل، ويظهر أثرها بما يرد إليها من مياه النيل الأزرق، ثم تسير الهوينا فيما بين أراضي النوبة حتى تصل مصر في أواخر شهر يونيو ويظهر أثرها في أسوان يوم ثمانية منه، وفي القاهرة يوم سبعة عشر منه، وبعد ذلك بيومين تعم أراضي الدلتا بأكملها.
অজানা পৃষ্ঠা
وقبل ذلك بخمسين يوما تهب على مصر ريح الخماسين، وتتوالى عليها من جهة الغرب من غير انقطاع، فتلفحها بنارها وسمومها؛ حتى إن كثيرا من جهات القطر تكون كأنها قطعة من البادية متصلة بهذه الديار، ومتى طلعت عليها الشمس علاها الغبار وثار فوقها وهي جرداء قحلاء. فأينما رمى الإنسان بطرفه رأى الأرض على مدى البصر مشققة تشقيقا متقاطعا، ثم ترتفع في الجو طبقة من الغبار الأزرق فتحيط بالأشجار وتعدمها البهجة والحياة. وأما النيل فيقل اتساعه إلى نصف عرضه المعتاد، وتهبط مياهه حتى تكون نصف عشر ما كانت عليه في شهر أكتوبر، ثم لا يلبث أن يعود زاخرا حتى يركب الجسور. وفي نحو منتصف شهر يوليو يخشى من تجاوزه لها وطغيانه عليها؛ فتقطع السدود المانعة له فتنساب مياهه إلى أرض المزارع، وتعمها في بضعة أيام حتى تضرب من الجبل الشرقي إلى الجبل الغربي؛ فيصبح الوادي وهو لجة من الماء العكر يجري بين امتدادين من الرمال والصخور، تطفو عليها القرى والروابي وتلوح للرائي كأنها قمم خضراء ونقط سوداء، وتخترق اللجة جسور تجمع بين القرى فتقسمها إلى مربعات غير منتظمة. ويكون منتهى الزيادة في بلاد النوبة في آخر شهر أغسطس، وفي القاهرة والدلتا بعد ذلك بشهر واحد. ثم يقف الفيضان فلا يزيد النهر ولا ينقص نحو ثمانية أيام متواليات، وبعد ذلك تأخذ المياه في التناقص والهبوط بسرعة حتى إذا ما حل شهر ديسمبر عاد النيل إلى مجراه فلا يتعداه. (4) نباتات مصر وحيواناتها
لا جرم أن القطر الذي تهاجمه المياه في كل عام لا يكون فيه كثير من الأشجار، على أن الجميز وأصناف الأقاقيا والسلم والأثل تنبت بها وتعيش فيها، ومن أشجار بساتينها التين والمشمش واللبخ
7
والسنط الحساس (المستحية) والكرم. وأما نخل الدوم فينبت في الصعيد من غير فلاحة تقريبا وأرضها، موافقة كل الموافقة لإنبات النخيل، فحيثما وجه الإنسان ناظره أبصر أشجاره، صنوانا وغير صنوان، في أفواه المجاري وحوالي القرى، وعلى امتداد السواحل مصفوفا إلى جانب بعضه بنظام يحاكي نظام العمدان، ومغروسا باتساق واعتدال بحيث تتكون منه غابات غير كثيفة، وكلها في غاية البهجة والجمال. وقد يزرعون حول النخيل أشجارا أخرى فيختلف بها المنظر اختلافا يشرح الصدر وترتاح له النفس. وأما النباتات المائية فهي كثيرة في الدلتا تنمو في بحيرات الساحل نموا عجيبا، وتشتبك أغصانها؛ حتى إنها كانت في كثير من الأوقات ملجأ للمغضوب عليهم المهدور دمهم، والأمراء المنهزمين يأمنون فيه من كيد العدو ومباغتة الغريم.
وقد اشتهر من هذه النباتات نوعان هما؛ البردي والبشنين بما كان لهما من الشأن والأهمية في تاريخ مصر المقدس والملوكي. فكان البردي علامة رمزية على الدلتا واتخذوه ورقا للكتابة في قديم الزمان، وأما البشنين فجعلوه عنوانا لإقليم طيبة (الصعيد). وكان القدماء يطلقون اسم البشنين على ثلاثة أنواع من النبات ما بين زرقاء وبيضاء وحمراء، من غير تفرقة في الإطلاق، وقد كاد البردي يكون معدوما، وأما البشنين فهو نادر الوجود. وكان سكان وادي النيل يتناولون كلا من النباتين غذاء مسلوقا أو مشويا أو مطحونا ومتخذا خبزا، وكان هذا الغذاء خاصا بالفقراء والمساكين، وكان القوم يؤثرون عليه ما تخرجه الأرض من غير كبير عناء ولا شديد عمل؛ كالترمس والفول والحمص والبامية والعدس والقمح خصوصا، وغير ذلك من أنواع الحبوب؛ مثل الشعير والأذرة والأذرة العويجة. وكثير من الحيوانات المستخدمة المعروفة عندنا الآن كانت مجهولة في مصر الأولى؛ فإن الفرس لم يدخلها إلا في حدود القرن العاشر قبل الميلاد، والجمل في أيام البطالسة، أما الثور والضأن والعنز والخنزير فقد وجدت صورها ورسومها على أقدم الآثار، وكذلك كثير من أنواع الكلاب الأهلية المستخدمة، والغزلان المستأنسة، وأما الأوز والبط فكان كثيرا فيها، ولكن الدجاج لم يظهر له أثر بها وبقي نادرا مدة طويلة من الزمان. وفيها شيء كثير من الأسماك منها ماهو كبير جدا، وأغلبها صالح للأكل. وأما الحيوانات المضرة المؤذية فهي قليلة، وكانت الآساد وبعض وحوش من فصيلة السنور؛ كالفهد والغيلس والببر، وكثير من أصناف الضباع، وبنات آوى، والذئاب، تختلف إلى أطراف الصحراء. وكثير من العقارب والثعابين السامة مثل الحية القرناء، والثعبان الناشر تدب في المزارع والمساكن. أما فرس البحر فقد غادر بطائح الدلتا في أواخر القرن السادس عشر بعد الميلاد، وقد بقي التمساح في مكانه إلى أيامنا هذه حتى جاءت البواخر فطردته إلى ما وراء الشلال الأول. (5) الإله النيل وعبادته
النيل هو مدار النظام في أرض مصر، وكل ما فيها من نبات تخرجه أرضها وحيوان يدب عليها وطيور تعلو في جوها، وقد أدرك المصريون هذه المزايا كما ينبغي، وعلموا أنه أس الحياة في بلادهم، فألهوه وسموه «حابي ومعناه النيل السعيد». وكانوا يترنمون على الدوام بمديحه وذكر نعمه وفضائله (شكل
1-1 ) فكانوا يقولون:
شكل 1-1:
الإله النيل (نقلا عن التمثال المحفوظ في المتحف البريطاني).
النيل هو موجد القمح، ومخرج الشعير
অজানা পৃষ্ঠা
من الأرض، وسبب الابتهاج والسرور في
المعابد والهياكل، فإذا تفرغت أصابعه عن
العمل، أو ألم به ألم نزلت البلواء والبأساء
بالأقوام؛ لأن الآلهة في السماء متى حل
بها الصغار والهوان هلك الإنسان، ونفق
الحيوان، وصب العذاب على الأرض كلها
بمن فيها من كبير وصغير، ولكن متى أقبل
النيل تغيرت جميع هذه الأحوال أمام
الإنسان؛ فإنه بمجرد ما يبدو للعيان بعد أن يخلقه خنوم إله الشلال
ترى الأرض وقد أخذت زخرفها وازينت، وجميع البطون، وقد
অজানা পৃষ্ঠা
فرحت واستبشرت، وجميع القدود وقد استولى عليها الطرب
والسرور، فاهتزت وترنحت، وجميع الثنايا وقد ابتسمت لما قضمت
فترى الترح قد زال، وحل محله الفرح في كل حال، فدم أيها النيل
في عز ويمن وإقبال، وأحيي الأقوام بالأنعام، والأنعام بالحدائق
والرياض، ألا فدم يا نيل في عز ويمن وإقبال، هيا بنا.
خلاصة ما تقدم (1)
يخرج النيل من البقعة التي بها البحيرات الإفريقية الكبرى، ويستمد في سيره بمياه الحبشة الواردة إليه بواسطة النيل الأزرق، ونهر تفزي ثم يجري بها في خلال النوبة ومصر الحقيقية حتى يصب في البحر الأبيض المتوسط. (2)
ومصر هبة من هبات النيل وتمتد من شلال أسوان إلى البحر المالح، وليست في بدئها إلا واديا ضيقا جدا، يبلغ متوسط عرضه 15 كيلومترا. وفيما وراء القاهرة يكون هذا الوادي مثل سهل فسيح أو دلتا يتفرع فيها النيل فروعا كثيرة وترعا ثانوية، قبل أن ينصب في البحر من الفروع الثلاثة الأصلية التي لم يبق منها سوى اثنين في هذا الزمان؛ وهما فرع رشيد وفرع دمياط. (3)
يفيض النيل في كل عام وتصل الزيادة إلى أرض مصر في أوائل شهر يونيو، ثم تغمر الوادي بأكمله إلى أن يحل شهر أكتوبر، وفي أوائل ديسمبر تكون قد بلغت نهاية الكمال. (4)
إن تعاقب الفيضان في أوقات معينة يجعل الحيوانات والأشجار غير متوفرة في مصر بكثرة، تشبه ما هو حاصل في بلاد أوروبا وغيرها. وليس في هذا الوادي إلا قليل من الأشجار الكبيرة؛ مثل أصناف الأقاقيا والجميز وغابات من النخيل، وفيها كثير من النباتات المائية مثل البردي والبشنين. وأغلب الحيوانات الأهلية كانت معروفة فيها من قديم الزمان، ولكن الفرس لم يدخلها إلا في حدود القرن المتمم للعشرين، قبل التاريخ المسيحي. وقد تلاشى منها كثير من الحيوانات الكاسرة والوحوش الضارية؛ مثل الأسد وفرس البحر، ولم يبق من التمساح إلا عدد قليل. (5)
অজানা পৃষ্ঠা
وكان المصريون يعتبرون النيل إلها من آلهتهم، ويحتفلون له بمواسم عظيمة؛ تمجيدا لشأنه وتعظيما لقدره.
هو قول هيرودوت المؤرخ اليوناني المشهور.
تقسيم النيل بهذه الكيفية هو بحسب تفرعه في الأزمان القديمة لا في عهدنا هذا. فتنبه !
هذا هو اللفظ الوارد في الكتب العربية القديمة ومترجم عن لفظة
Acacia
اليونانية، وهي تدل على الشجرة التي يستخرج منها الصمغ العربي مثل السنط وغيره، ثم توسع النباتيون في هذا الاسم فصار يطلق على أجناس نباتات كثيرة من فصائل مختلفة بحيث بلغ عدد أجناس الأقاقيا 420 أكثرها لا تعرف طريقة استعماله.
نسبة إلى بيلوز التي هي الطينة بقرب الفرما.
نسبة لمدينة قديمة سبتيطة، كائنة بالقرب من تفرعه الآن.
نسبة لمدينة كانوب القديمة وهي مدينة صقع كان بها دير التوبة، ومعبد تحتمي فيه الأرقاء، وكان يحج إليه أغلب الناس ثم عرفت بسد أبي قير.
هو شجر كان يوجد بمصر قديما وله ثمر بقدر اللوزة يؤكل، ولكنه انقطع الآن من مصر بالمرة. واللبخ المعروف اليوم ليس منه في شيء.
অজানা পৃষ্ঠা
الباب الثاني
في أصل المصريين وتكوين بلادهم (1) روايات المصريين عن مبادئ العالم
في الأزل كان «نو» أي البحر المحيط الأول، وكانت أصول الأشياء وعناصر الموجودات تسبح في أقصى أعماقه مختلطا بعضها ببعض، ثم خرج منه «رع» الذي هو الشمس، وخلق الكون بادئ بدء من غير سماء، فأوجد الأرض وحدها بنباتها وحيوانها وأهلها، ثم حكمها قرونا طويلة وأجيالا عديدة إلى أن تآمر عليه الناس في أيام شيخوخته، فذبح فريقا منهم، وخلق السماء على دعائمها، ثم استقر فيها وهو الذي يتراءى في كل صباح في المشرق؛ ليضيء اليوم الجديد.
فلما كمل العالم بخلق السماء تولى الملك بعده أربعة من أكابر الآلهة، وكان القوم ينسبون إلى الثالث منهم وهو أوسيرس وزوجته إيسس إيجاد جميع الاختراعات، التي جعلت الإنسان قادرا على احتمال الحياة، فإنه نظم حقوق الملكية ورتب العائلة ووضع الشرائع وعلم النسيج وحراثة القمح والكرم وتربية الماشية، وقد قتله أخوه تيفون وتولى مكانه، ولكن لم تمض عليه سنون قليلة حتى هاجمه ابن أخيه حوروس واضطره لأن يتنازل له عن أرض الدلتا، وأن يبقي لنفسه الوادي الكائن فيما بين ضواحي منف ومدينة أسوان، ومن ذلك الوقت لم يبق العالم دولة واحدة. ولما انقسمت مصر إلى مملكتين بارحها أولياء تيفون وأشياعه وانتشروا في البلاد المحيطة بها؛ فزنوج كوش في الجنوب، وأهالي آسيا في الشمال، واللوبيون في الغرب، والأعراب من البدو في الشرق.
ثم حكم على مصر بعد حوروس عائلتان إلهيتان من طبقة ثانية، وبعد ذلك صعد الآلهة إلى السماء، وقام الناس مقامهم في ولاية الأحكام فجاء مينيس من مدينة ثيتيس، وأسس أول دولة بشرية. (2) مصر الأولى والكلام على مينيس
تلك هي الروايات التي تناقلتها ألسنة الأهالي، ولا يبعد أن يكون المصريون جاءوا من آسيا عن طريق برزخ السويس، والظاهر أن الأماكن التي استوطنوها أولا كانت في الدلتا، فإن رواياتهم ونقولهم تدور مواضيعها كلها على مدائن الدلتا فيما يتعلق بآلهتهم الذين يبالغون في إعظامهم وإجلالهم؛ أي مبالغة مثل «رع» و«أوسيرس» و«إيسس» و«نيث» كما أن قواعد العقائد قد وضعت في مدينة هليوبوليس
1
التي يزعم مؤرخوهم أنها كانت مقرا للدول الإلهية. وكانت الدلتا في ذاك العهد عبارة عن بطيحة فسيحة، تتخللها جزائر رملية وتغشاها آجام وغياض تجري خلالها فروع النيل متنقلة على الدوام من مكان إلى مكان، ولم يكن الوادي إلى حدود الشلال الأول مرتبا ترتيبا طبيعيا أحسن من الدلتا فإن الصحراء كانت تنهال رمالها؛ حيث لا يجيء الفيضان من نفسه؛ فيغمر الأرض ويحييها. وأينما وصلت مياه الفيضان فلكونها لم تكن مدبرة على يد الإنسان كانت تسيل بسرعة شديدة لا يتأتى معها إخصاب الأرض، أو ترسب عليها مدة طويلة؛ حتى إنها بعد جريانها فيها تتركها ذات وحل متراكم تنبعث منه الأوبئة وأنواع الطاعون.
وقد تغلب المصريون على طبيعة الأرض بالصبر والمواظبة؛ فاتخذوا للنيل جسورا تحفظ مياهه، وجففوا الأرض، وشقوا فيها الترع والخلجان؛ وهي التي ما زال حفظ ثروة البلاد متوقفا عليها إلى يومنا هذا، وأسسوا في هذا العهد القديم معظم مدائنهم مثل؛ تنيس وبوباسطة، وبوتو، وكوئيس، ومنديس، وبسايس، وهليوبوليس، وهيراكليوبوليس، وسيوط، وخميس، وثينيس، ودندرة، وطيوة، وهرمنتيس، وكانت كل مدينة منها عاصمة لولاية مخصوصة كانوا يميزونها عن الأخرى بحسب الرمز الخاص بالإله المعبود فيها فيقولون: ولاية الطرفاء، أو الجميزة، أو البقرة ، أو الخاطوف (وهو الكلاب) أو ابن آوي أو القنومة
2
অজানা পৃষ্ঠা
وقد تجزأت هذه الولايات جملة مرات؛ حتى آل بها الأمر إلى أن صارت في الحقيقة كورا إدارية، ليس إلا، وكان عدد هذه الكور في العادة أربعة وأربعين، نصفها في الدلتا والنصف الآخر في الوادي، وكان القائم على رأس هذه الولايات زعماء يتولون الحكومة فيها بالوراثة، وقد حازوا في أيديهم جميع فروع السلطة من ملكية وعسكرية ودينية، ثم اتحد بعضها ببعض على توالي الأيام، وصارت كلها عبارة عن مملكتين متمايزتين؛ إحداهما مملكة الوجه البحري في الدلتا، والأخرى مملكة الوجه القبلي في الوادي؛ أي في حدود الفيوم إلى جبل السلسلة ثم إلى الشلال الأول.
وفي رواية لا تخلو غالبا من الصحة التاريخية أن منا أومينيس أحد عرفاء ولاية ثينيس، هو الذي حاز الشرف وأحرز الفخار بضمه المملكتين إلى بعضهما، وبتشييد دعائم الدولة المصرية عليهما، وكان ذلك في حدود سنة 5000 قبل المسيح. (3) الفرعون والكلام على العائلات: بحسب ترتيب مانيثون
كان الملك عند قدماء المصريين بمثابة ملكين اثنين في شخص واحد؛ لأنه كان سيد الوجه البحري وسيد الوجه القبلي. وأحب ألقابه لدى رعيته هو لفظة «فرعون» وهذا الاسم مشتق من اسم داريه الكبيرتين «بير-عوى» اللتين يتألف منهما قصره، وكل منهما رمز إلى إحدى مملكتيه. وكان من سلالة الآلهة مباشرة، ويدعو نفسه بابن الشمس؛ ولذلك كان له سلطة أحد الآلهة التي ليس لها حد تقف عنده، وكان القوم يقومون له في ظروف كثيرة بالتعظيم والإجلال على وجه هو أشبه بالعبادة منه بالتأدب المعتاد مع الملوك؛ فكانوا يبخرونه بالبخور ويهللون أمامه ويدعونه بدعوات دينية ويسجدون له ويقربون القربان إلى صوره وتماثيله ويتقربون إليها بالصلوات، فإذا مات قالوا «إنه طار ليلحق بقرص الشمس الذي هو جده»، وحينئذ يخلفه على سرير الملك أكبر أولاده، ويكون عادة من الذكور، ولكن الإناث كان لهن أيضا من حقوق الملك ما للذكور من غير فرق؛ فإذا انقرضت الذكور أو وقعت فتنة فقلبت دولتهم وأنزلتهم عن سرير الملك كان الفرعون الجديد يتزوج بمجرد ولايته بواحدة فأكثر من هذه الأميرات لتأتي بأولاد يكون بهم استمرار جنس الشمس في الوجود؛ ولذلك يؤكد المصريون بأن الذين حكموهم من مبدأ الأمر إنما هم أبناء عائلة واحدة توالت فروعها على عرش المملكة، فتكونت منها عائلات متوالية بمقدار عددهم، على أن المؤرخين منهم لم يتفقوا على عدد هذه العائلات ومدة حكمها وذلك لأن أحد هؤلاء المؤرخين وهو مانيثون
3
من سبنيطوس الذي كان في عصر بطليموس فيلادلف، وقد كتب لليونان تاريخ بلاده؛ قال إن عدد هذه العائلات واحد وثلاثون من عهد مينيس إلى أن افتتحها الإسكندر، وقد اختار الحديثون هذا التقسيم، ولو أنهم لم يقفوا على حقيقة أسبابه إلى الآن. وتمتاز كل عائلة عن الأخرى باسم البلد الذي خرجت منه، ولم تكن هذه العائلات سواء في الشوكة والاقتدار، ولكن المصريين كانوا يعتبرونهن كلهن متناسلات من الشمس تناسلا شرعيا صحيحا. وهذه العائلات تنقسم بالطبع إلى ثلاث طوائف تختلف مدة حكم كل منها عن الأخرى: (1)
فأقدمها وهي العائلة الأولى فالثانية إلى العاشرة قد حكمت في أيام كان مستقر الحياة السياسية والدينية فيها بالجزء من مصر الكائن في مدخل وادي النيل، وهذه هي الدولة القديمة أو العصر المنفي. (2)
وأما العشر عائلات التي جاءت بعدها فقد رفعت شأن الصعيد وأعلنت مكانته على الوجه البحري، فسمي عصرها بالعصر الطيبي، وقد أغارت الرعاة وهم العمالقة (العائلتان 15، 16) على أرض مصر في وسط ذلك العصر، فانقسمت الدولة إلى دولتين؛ وهما الدولة المتوسطة من العائلة العاشرة إلى العائلة الرابعة عشرة، والدولة الأخيرة من العائلة السابعة عشرة إلى العائلة المتممة للعشرين. (3)
ومن ابتداء العائلة الواحدة والعشرين كان لمدائن الدلتا الشأن والسيطرة على بلاد الصعيد، وكانت هي مقر الحكومة وفيها تصاريف السياسة في مصر، إلى أن أتاها المقدونيون وهذا هو العصر الذي حكمت فيه العائلة الصاوية. (4) الثلاث عائلات المنفية الأولى
لا يكاد يكون لدينا تاريخ للعصر المنفي (فيما بين سنة 5000 وسنة 3500ق.م) وقد جاء في الروايات والنقول أن مينيس نظم مجرى النيل بجسور متينة مكينة فوق رأس الدلتا بقليل، وشيد على هذه الأرض المستحدثة مدينة منف أو منفيس واتخذها مقرا لحكومته، وعاصمة لمملكته، ولم يرد عن خلفائه إلا أحوال خصوصية وأشياء خوارق للعادات؛ مثل ظهور غرنوق له رأسان، والطاعون الجارف، وقحط توالى سبع سنين، وانفجار هوة عميقة على مقربة من مدينة بوباسطة ابتلعت كثيرا من الناس. ولذلك لا يمكن للإنسان إلى اليوم أن يحكم على معظم ملوك العائلتين «الأوليين الطيبيتين» هل كان لهم مسمى في عالم الوجود حقيقة أو أنهم من اختراع الوهم والخيال.
على أن الاسفنكس
অজানা পৃষ্ঠা
4
الكبير المعروف بأبي الهول الكائن بجوار أهرام الجيزة، وهو من أغرب الآثار وأعجب الأعمال في العالم بأسره، قد كان تشييده في عهد أولئك الملوك إن لم نقل في أيام الذين سلفوهم، وهذا الاسفنكس الكبير هو رمز تمثيلي للإله «الشمس»، وبعبارة أقرب وأولى هو تمثال لوحش هائل مرعب له جسم أسد ورأس إنسان، يزعمون أنه كان موجودا في الصحراء وقد أرصدوه للإله الشمس، على سبيل الوقف والنذر، وهو منحوت من جلمود أتوا به من أقصى أطراف هضبة لوبيا، وأقاموه بحيث يظهر كأنه يرفع رأسه فوق الوادي كله ليكون أول من يمتع ناظره بالقرص المضيء والسراج المنير. وقد انهالت عليه الرمال وانتهك جسمه فلم يبق فيه من الأسد إلا هيئته العامة وشكله الإجمالي، ثم جاءه قوم متعصبون للديانة فحطموا أسفل عمارته
5
ولحيته وأنفه، هذا وإن الطبقة الحمراء التي كانت تخيل الحياة على تقاطيعه قد كادت تكون لا أثر لها، على أن مجموع هذا التمثال يتجلى مع ما أصابه من صروف الزمان ومحن الأيام في جلباب الرفعة، ويتراءى بمظهر القوة والسلطان. لا جرم أن الصانع الذي تصور في مخيلته تصوير هذا التمثال على هذا المنوال، وأفرغه في قالب الكمال وهو يصطنعه فيما بين الجبال؛ لجدير بالمدح والإجلال، فإن عمله هذا يدل على تقدم فائق وحذق غريب.
وقد نشأ التمدن المصري على يد الأجيال المجهولة لنا، التي تعاقبت تحت أقدام هذا التمثال الهائل، وسعت في إنماء حضارتها وترقيتها محصورة في بلادها لا تتخطاها. ولا بد أن آثار هؤلاء الأقوام موجودة باقية، ولا شك أن الأيام ستكشف لنا مخباها وتوقفنا على مكنوناتها.
وأما الآن فنقول إن حقيقة التاريخ لا تبتدئ أمامنا إلا من العائلة الثالثة؛ فإن الملك سنفرو آخر ملوكها هو أول فرعون وقفنا له على أثر صحيح ونبأ صادق، فقد عثرنا على نقوش بارزة على صخرة في أحد وديان الطور يذكر فيها فوزه وانتصاره على المتبربرين المستوطنين ببادية العرب (شكل
2-1 ).
شكل 2-1:
سنفرو منتصرا على أعدائه (كما في نقش بارز على أحد جبال الطور).
خلاصة ما تقدم (1)
অজানা পৃষ্ঠা
كان المصريون يعتقدون أن آلهتهم حكمت الدنيا مباشرة في مبدأ الأمر وأن رع؛ أي الشمس، هو أول الملوك. وبعد أن توالت الأجيال الطوال على حكم الآلهة جاء مينيس من مدينة ثينيس وأسس العائلات الدولية البشرية. (2)
والظاهر أن أصل المصريين من آسيا، وأن أقدم مواطنهم كانت بالدلتا، وقد حصروا النيل وأبعدوا حدود الصحراء، فظهرت بذلك أرض مصر وأحدثوا فيها ولايات صغيرة تجزأت وانتظمت فيما بعد وتعدلت، فتكون منها 44 قسما إداريا أو كورة، ثم اتحدت هذه الولايات فصارت مملكتين اثنتين؛ وهما الدلتا أي الوجه البحري والصعيد أي الوجه القبلي، وقد ضمهما مينيس إلى بعضهما، وأقام عليهما مملكة الفراعنة. (3)
وعلى هذا يصح القول بأن الفرعون هو ملك مزدوج، واسمه مشتق من لفظة بيرعوي المجعولة علما على قصريه وهو عندهم من سلالة الشمس مباشرة، وكان يلقب نفسه بابنها، وكان عبارة عن إله منتعش بالحياة على وجه الأرض.
وقسم المؤرخ مانيثون الفراعنة إلى إحدى وثلاثين عائلة، فالعائلات العشر الأول يسمى عصرها بالعصر المنفي أو الدولة القديمة والعشر عائلات الثانية (العائلة 11 إلى 20) عصرها هو المسمى بالطيبي، وقد شطرته إغارة العمالقة (الهكسوس) إلى قسمين هما؛ الدولة الوسطى، والدولة الأخيرة، وأما العائلات الباقية فهي داخلة في العصر الصاوي. (4)
لا يكاد يكون عندنا تاريخ للعصر المنفي (فيما بين سنتي 5000 و3500ق.م) ولا نعلم شيئا عن أمر العائلات الثلاث التي جاءت بعد مينيس إلا أسماء بعض الملوك وبعض الأقاصيص عن حوادث خارقة للعادة، وأول فرعون حصلنا على أثر صحيح له هو آخر ملوك العائلة الثالثة، وهو سنفرو، الذي قاتل بدو الأعراب في جزيرة الطور.
هي عين شمس المعروفة الآن بالمطرية بجوار مصر القاهرة وفيها مسلة قائمة إلى اليوم.
سمكة توجد بأعلى الصعيد وتعرف عند الفرنساوية باسم
Oxyrrhynque .
هو كاهن مصري ألف تاريخ مصر القديم من معدنه بأمر بطليموس فيلادلف الثاني وذيله بجدول يشتمل على أسماء الملوك.
الاسفنكس (واسمه عند قدماء المصريين أرماخيس) هو في خرافات الأغارقة عبارة عن وحش، كان له رأس ونهدان كما في المرأة، وجسم شبيه بجسم الكلب ومخالب أسد وأجنحة نسر، وفي ذنبه سهم حاد. وورد في خرافاتهم أنه كان يعيش في بلاد الصعيد على جبل عال، ويلقي الألغاز على من يمر به من الناس، فمن لم يفسرها افترسه في الحال، فنادى أحد ملوك طيبة بأنه يزوج ابنته ويعطي تاجه لمن يريح العالم من شر هذا الآفة، فجاء رجل اسمه أديب وحل اللغز، فأهوى الوحش بنفسه من فوق الصخور وتحطم جسمه وخلص الناس من ضرره. وأما اللغز فهو «ما هو الحيوان الذي يمشي على أربع في الصباح وعلى اثنين في الظهر وعلى ثلاثة في المساء» وجوابه هو الإنسان؛ يحبو على قدميه ويديه في الطفولية، ويسعى على رجليه في الشبيبة، ويتوكأ على عصا في الشيخوخة.
অজানা পৃষ্ঠা
العمارة بالضم هي كل ما يوضع على الرأس لتغطيته، ويقابلها في الفرنساوية لفظة
Coiffure .
الباب الثالث
الكلام على منف والدولة القديمة (1) العائلة الرابعة وذكر الملك خيوبس وخفرن وميقرينوس والكلام على احتلال المصريين شبه جزيرة الطور
الظاهر أن أغلب ملوك العائلة الرابعة (المنفية) كان لهم حزم ودراية في التدبير، وقد رزقهم الله السعادة في إدارة شئون البلاد؛ نخص بالذكر منهم الملك خيوبس، والملك خفرن، والملك ميقرينوس، على أنهم لم يوجهوا همتهم واجتهادهم إلى الاشتغال بما هو خارج عن الديار المصرية، بل حصروا أعمالهم فيها. ولما كانت مصر تحف بها البوادي وتحدق بها الصحاري من كل جهة، فليس لها في الحقيقة من جيران. نعم إن اللوبيين القاطنين بالواحات الواقعة غربي النيل والأعراب الذين كانوا يحومون ويتمورون
1
على قلة عددهم وسوء عددهم في الجهة الشرقية فيما بين النيل والبحر الأحمر كانوا قد يضايقون القطر؛ ولكنهم لم يكونوا بالقوم الذين يخشى بأسهم أو يرهب جانبهم؛ فلذلك كان حسب ملوك مصر أن يغزوهم من حين إلى حين؛ لإلقاء الرعب في روعهم ومنعهم عن العدوان، وحفظ الوادي من غاراتهم.
على أن الفراعنة الأقدمين صمموا على الخروج من ديارهم إلى نقطة واحدة أسسوا فيها مستعمرة باقية مستمرة، وهي شبه جزيرة الطور؛ لأنها كانت تحتوي في بعض وديانها المواجهة لمصر على معادن يكثر فيها النحاس والفيروزج، وما لبثت هذه الجهة أن توطنت فيها العمال واشتغلوا باستخراج هذه المعادن مدة أجيال طوال، وقد أقاموا في مواضع مختلفة جسورا لحبس مياه الأمطار، فكانت منها بحيرات صغيرة أمكن بواسطتها فلاحة بعض الأراضي وتربية قليل من الماشية، وكان البرابرة من أهل الجيزة ينازعون أولئك المستعمرين في امتلاك هذه الواحات الصناعية، وبعد سنفرو قد صد هجماتهم كثير من الفراعنة، ولكن لم يقم بفكر أحد من هؤلاء الملوك أن يتمم غزوته ويستقصي نصرته. ولم يكن بين كور آسيا الممتدة خلف الصحراء التي نشأت منها فيما بعد بلاد فلسطين ويهوذا وبين الديار المصرية؛ إلا علاقات تجارية، وكانت القوافل تتردد بانتظام فيما بين أفريقيا وآسيا، وأما الجيوش فلم تسلك هذه الدروب. (2) الأهرام الكبرى
كان الأمن والسكينة ضاربين أطنابهما في داخل البلاد المصرية، ويظهر لنا من الأوراق المكتوبة في ذلك العصر أن الفلاحة كانت في غاية الفلاح، وأن الصناعة ارتقت في معاريج النجاح، وهناك مئات من القبور تفصح بلسان الحال عن الدرجة السامية التي بلغها فن العمارة والنقش في ذاك الزمان.
وكان الملوك في ذلك العصر كلفين ببناء القبور العظيمة لأنفسهم مدة حياتهم على شكل هرمي قاعدته رباعية، وقد وقف الباحثون في هذا الزمان على أطلال نحو ستين هرما، تتقاطر وراء بعضها في مصر الوسطى من أرباض القاهرة حتى مدخل الفيوم. وأشهرها هي المعروفة بالأهرام الكبرى، وهي قائمة على سفح سلسلة جبال لوبيا إلى الغرب قريبا من المدينة المستحدثة المعروفة بالجيزة (شكل
অজানা পৃষ্ঠা
3-1 ).
شكل 3-1:
الأهرام الكبرى بالجيزة.
وفي كل واحد من هذه الأهرام حجرة واحدة أو أكثر لدفن الموتى، يدخل إليها الإنسان من دهاليز منحدرة منحوتة في نفس البناء وكانوا متى وضعوا موميا
2
الملك أقفلوا الحجرات بصخور من الصوان، ثم يردمون الجزء من دهليز الدخول القريب من الخارج ردما تاما، وبعد ذلك يطلون جميع سطوح الهرم بطبقة كلسية جميلة بهيجة فيختفي الباب، ولا يبقى له أثر يدل عليه. وارتفاع الهرم الأكبر المعروف عند قدماء المصريين بما معناه «الباهي» هو في أيامنا هذه 137 مترا، وكان فيما غبر من الأيام مقبرة للملك خيوبس ولكنه لم يبق فيه الآن سوى خابية التابوت من الرخام الأبيض. والهرم القائم بجانبه هو لخفرن، وأما الهرم الأصغر فبانيه ميقرينوس.
وقد دارت على ألسنة العوام منذ الأحقاب الخوالي جملة أساطير وخرافات بشأن هذه الآثار الثلاثة، فيقال: إن «خيوبس بدأ بإقفال الهياكل، وتحريم القربان، ثم ألزم جميع المصريين بالعمل له، فكانوا يؤخذون للسخرة في كل ثلاثة شهور مائة ألف رجل منهم، وأن مدة شقائهم وبلائهم في بناء الهرم كانت ثلاثين عاما منها عشر سنين في تمهيد أرضيته، وبناء حجراته التي تحت الأرض، وبناء الجسر (الموصل إليه من شاطئ النيل المعد لنقل الأحجار التي بني منها هذا الهرم)، والعشرون عاما الأخرى قضوها في بناء الهرم ذاته. وأن الهرم عليه نقوش تنبئ بمقدار ما صرف في شراء الفجل والبصل والثوم لأجل غذاء الشغالة». وقد بقي هذا الظلم والاستبداد على عهد خفرن، ولم ينقطع أثره إلا بتولي ميقرينوس «فإنه أعاد فتح الهياكل، وأباح للناس أن ينطلقوا إلى شئونهم، ويتفرغوا لأمورهم الدينية، وحكم بالعدل أكثر من جميع الملوك الآخرين.» ولعمري إن هذا من باب الأقاصيص الملفقة؛ ترويحا لنفوس السائحين، فإن خيوبس وخفرن هما من أعظم وأكبر ملوك مصر (شكل
3-2 ).
شكل 3-2:
تمثال خفرن كما هو بمتحف الجيزة. (3) الملوك المنفيون الأخيرون من العائلة الخامسة والسادسة وذكر افتتاح بلاد النوبة
অজানা পৃষ্ঠা
الظاهر أن العائلة الخامسة «المنفية» لا تختلف عن العائلة الرابعة في شيء، فإنها تشبهها في توفر أسباب الثروة واليسار وتوطد دعائم الأمان والنظام والولوع بالترف في العمائر، ولكنها مع ذلك كانت مبدأ لسقوط الدولة المصرية وانحطاطها.
وكان مؤسسو الحكومة الملوكية في مصر لم يخلعوا أمراء الولايات (الكور)، بل كان هؤلاء يتعاقبون عليها بطريق الميراث وجعلهم الملوك إخاذيين
3
تابعين لهم، وأبقوا لهم حقوق الإمارة على شرط أن يدفعوا لهم إتاوة معينة، ويمدوهم بالجند في الخدمة العسكرية، وكانت هذه الولاية الأخاذية ما زالت يانعة زاهرة في مدة الأجيال السابقة، فكان للكثير من العشائر التي يتألف منها هؤلاء الأمراء أملاك واسعة وأقطاع فسيحة؛ بحيث إنها في زمن الفتن كان يخشى على العائلة الحاكمة من أن تكون لها خصما عنيدا يجب الاحتفاظ منه، ولا نعلم كيف أن إحدى هذه العشائر وأصلها من جزيرة «أسوان»
4
استبدت على العائلة المنفية وتناولت دونها الأحكام، ولكنها تعاطت شئون التدبير ومهام الملك؛ بما أوجب لها المهابة والفخار والمعزة والاقتدار (وهي العائلة السادسة). وأقدم الملوك المصريين الفاتحين الذي وقفنا على حروبه هو الملك الثاني من هذه العائلة المعروف باسم بيبي، فإنه انتصر في وقائعه مع الأقوام المستوطنين شرقي الدلتا وغربيها، وحطم ما كان لهم من أشجار التين، وقطع كرومهم، وأحرق قمحهم، وسبى نساءهم وأولادهم، ثم أخضع كور النوبة وهي ما يلي الشلال الأول جنوبا، وأدخل أهاليها في سلك الجيوش المصرية.
وبعد ذلك بقرن ونصف عاد الأمر والسلطان إلى العائلات المنفية (العائلة السابعة والثامنة) ولكن لم يقبل الدهر على فراعنتها إقباله الأول، فلم ترجع لهم أيام العز القديم، وكانت الولايات الإخاذية التي في مصر الوسطى هي الأكثر شوكة واقتدارا في هذا العصر، فجاء أسياد هيراكليوبوليس
5
وهم أصحاب الفيوم فقبلوا دولة الفراعنة الشرعية، ولبسوا التاج، واستأثروا بالملك، ومن ذلك العهد لم تخرج من منف عائلة تولت الأحكام في مصر. (4) العائلات الخارجة من هيراكليوبوليس وجلوس العائلات الطيبية على سرير الملك
إن السيطرة التي حصلت عليها مدينة هيراكليوبوليس لم تبق لها إلا قليلا من الزمن (حكمت فيه العائلتان التاسعة والعاشرة) فقد ظهر لها في الجنوب أخصام ذوو بأس شديد، ولم تكن مدينة طيبة إلى ذلك العهد نالت من الظهور ما يجعل لها حديثا في التاريخ ولم تنل الأهمية ورفعة الشأن إلا بعد سقوط المنفيين وخروج الأمر من يدهم. وكانت في أول الأمر تابعة لهيراكليوبوليس ولكنها ما لبثت أن جاهرتها بالعصيان، وأشهرت عليها الحرب العوان، وجالد أمراؤها فراعنة العائلة العاشرة، وفازوا بالظفر والانتصار حتى استبدوا عليهم وانتزعوا الملك من أيديهم (في حدود سنة 3200ق.م).
অজানা পৃষ্ঠা