ذكر قتل معين الدين سليمان البرواناة
قد تقدم لنا عود أبغا إلى أردوه وأنه استصحب معه معين الدين البرواناة . وكان أبغا عند عوده فرق عساكره في البلاد للنهب والغارة على ضواحيها ، ولم يبق ا منها مدية حتى بعث إليها ، فنهبوا وقتلوا ما لا يدخل تحت حصر من الضواحي . ومر في طريةه على قلعة تسمى كوغرنيا ، وكانت خاص البرواناة ، وفيها أكثر ذخايره وأمواله وبها وال من جهته يسمى سيف الدين بارباره . فطلب أبغا من البرواناة تسليم القلعة االيه ، فأجابه إلى ذلك ، وبعث إلى سيف الدين المذكور ، يأمره تسليم القلعة إلى نواب ابغا ، ويحمل ما فيها من الأموال إلي . فلم يجبه إلى ما سأل ، واستعصى عليه . فلما بلغ امتناع سيف الدين من تسليمها قال للبرواناة : " أنت يا باغي" . فرغب إليه في أن يسيره إليها ، فيتسلمها من سيف الدين ، ويسلمها إلى نوابه ، فأذن له في ذلك ، ووكل به جماعة من المغل يمنعونه من الوصول إلى القلعة والاعتصام بها . فلما وصلها وطلبها من سيف الدين امتنع عليه . فقال له [البرواناة] : "لهذا الوقت خبأتك ، سلم إليالقلعة وما فيها لأدرأ بها عن نفسي القتل ، فإني مقتول لا محالة إن لم أسلمها إلى أبغا" . فقال : " إنما أسلمها لمن سلمها إلي" . فقال : " أنا سلمتها ا/ إليك" . فقال له : "إنما سلمها إلي معين الدين البرواناة" . فقال : " أنا هو ! " . فقال له : " أنت أسير وما لك حكم في شيء ، وما أسلمها إلا بأولادي الذين في مصر أسراء ، أنت كنت السبب في أسرهم وأسر غيرهم " . فعاد البرواناة إلى عند أبغا وأخبره بذلك ، فضاعف الموكلين عليه وزادهم . فلما رأى من معه من المماليك والأتباع ذلك تفرقوا عنه ليتقنهم بأنه مقتول لا محالة . ثم سار أبغا إلى أردوه . فلما ألقى عصا التسيار عن عاتق الدأب في العشي والأبكار ، اجتمع إليه الخواتين وبكوا ، وصرخوا ، وشقوا الجيوب بين يديه وقلن : " هذا الذي أعان على قتل رجالنا ولا بد من قتله" . فسوفهن أياما وهم يحرضونه في كل وقت على قتله . فلما أعياه دفاعهن أمر بعض خواصه في ان يأخذ معين الدين البرواناة ، وينطلق به إلى مكان يقتله فيه . فلما اجتمع به قال : ا إن أبغا يريد الاجتماع بك لكي يصطنعك ويعيدك إلى البلاد" . فقال له : "لو كان يريدني في خير بعث إلي أحد معارفي ، ولكنه يريد قتلي ! " . فخادعه في القول حتى انصرف معه في جماعة من أصحابه عينوا للقتل ، وهم ثلاثون نفسا . فلما بلغ به الجهة الي عين له قتله فيها ، قتله ومن استصحبه معه ، منهم : سيف الدين بلاكوش الجاويش، ومنكورس الجاشنكير ، وسيف الدين ابن اكسى .
পৃষ্ঠা ১৮৩