وَأكْرم أَنْت ابْن كلاب بن مرّة بن كَعْب بن لؤَي بن غَالب وقومك عِنْد الْبَيْت الْحَرَام وَمَا حوله. فأجمع قصي على الْخُرُوج إِلَى قومه واللحاق بهم وَكره الغربة فِي أَرض قضاعة فَقَالَت لَهُ أمه: يَا بني لَا تعجل بِالْخرُوجِ حَتَّى يدْخل عَلَيْك الشَّهْر الْحَرَام فَتخرج فِي حَاج الْعَرَب فَإِنِّي أخْشَى عَلَيْك. فَأَقَامَ قصي حَتَّى دخل الشَّهْر الْحَرَام وَخرج فِي حَاج قضاعة حَتَّى قدم مَكَّة فَلَمَّا فرغ من الْحَج وَأقَام بهَا، وَكَانَ قصي رجلا جليدًا حازمًا بارعًا فَخَطب إِلَى خَلِيل بن حبشية الْخُزَاعِيّ ابْنَته حبى ابْنة خَلِيل، فَعرف خَلِيل النّسَب فَرغب فِي الرجل فَزَوجهُ خَلِيل، وَكَانَ خَلِيل يَوْمئِذٍ يَلِي الْكَعْبَة وَأمر مَكَّة، فَأَقَامَ قصي مَعَه حَتَّى ولدت حبى لقصي عبد الدَّار وَهُوَ أكبر وَلَده وَعبد منَاف وَعبد الْعُزَّى وَعبد بن قصي. فَكَانَ خَلِيل بِفَتْح الْبَيْت، فَإِذا اعتل أعْطى ابْنَته حبى الْمِفْتَاح ففتحته فَإِذا اعتلت أَعْطَتْ الْمِفْتَاح زَوجهَا قصيًا أَو بعض وَلَدهَا ففتحه، وَكَانَ قصي يعْمل فِي حيازته إِلَيْهِ وَقطع ذكر خُزَاعَة عَنهُ، فَلَمَّا حضرت خَلِيلًا الْوَفَاة نظر إِلَى قصي وَإِلَى مَا انْتَشَر لَهُ من الْوَلَد من ابْنَته فَرَأى أَن يَجْعَلهَا فِي ولد ابْنَته، فدعى قصيًّا فَجعل لَهُ ولَايَة الْبَيْت وَأسلم إِلَيْهِ الْمِفْتَاح وَكَانَ يكون عِنْد حبى، فَلَمَّا هلك خَلِيل أَبَت خُزَاعَة أَن تَدعه وَذَاكَ وَأخذُوا الْمِفْتَاح من حبى، وَيذكر أَيْضا أَن أَبَا غبشان من خُزَاعَة، واسْمه سليم، وَكَانَت لَهُ ولَايَة الْكَعْبَة بَاعَ مَفَاتِيح الْكَعْبَة من قصي بزق خمر فَقيل: " أخسر من صَفْقَة أبي غبشان " ذكره المَسْعُودِيّ والأصبهاني فِي الْأَمْثَال. فَعِنْدَ ذَلِك هَاجَتْ الْحَرْب بَينه وَبَين خُزَاعَة، فَمشى قصي إِلَى رجال من قومه قُرَيْش وَبني كنَانَة ودعاهم إِلَى أَن يقومُوا مَعَه فِي ذَلِك وَأَن ينصروه ويعضدوه فَأَجَابُوهُ إِلَى نَصره، وَأرْسل قصي إِلَى أَخِيه لأمه رزاح بن ربيعَة وَهُوَ بِبِلَاد قومه من قضاعة يَدعُوهُ إِلَى نَصره ويعلمه مَا حَالَتْ خُزَاعَة بَينه وَبَينه من ولَايَة الْبَيْت، ويسأله الْخُرُوج إِلَيْهِ من إِجَابَة قومه، فَقَامَ رزاح فِي قومه فَأَجَابُوهُ إِلَى ذَلِك وَخرج رزاح بن ربيعَة وَمَعَهُ إخْوَته من أَبِيه فِيمَن تَبِعَهُمْ من قضاعة فِي حَاج الْعَرَب مُجْتَمعين بالنصر قصي وَالْقِيَام مَعَه، وفلما اجْتمع النَّاس بِمَكَّة خَرجُوا إِلَى الْحَج فوقفوا بِعَرَفَة ونزلوا منى، وقصي مجمع على مَا أجمع عَلَيْهِ من قِتَالهمْ بِمن مَعَه من قُرَيْش وَبني كنَانَة وَمن قدم عَلَيْهِ مَعَ أَخِيه رزاح من قضاعة، فَلَمَّا كَانَ آخر أَيَّام منى أرْسلت قضاعة إِلَى خُزَاعَة يَسْأَلُونَهُمْ أَن يسلمُوا إِلَى قصي مَا جعل لَهُ خَلِيل، وعظموا عَلَيْهِم الْقِتَال فِي الْحرم وحذروهم الظُّلم وَالْبَغي بِمَكَّة وذكروهم مَا كَانَت فِيهِ جرهم وَمَا صَارَت إِلَيْهِ حِين ألحدوا فِيهِ الظُّلم، فَأَبت خُزَاعَة أَن تسلم ذَلِك فَاقْتَتلُوا بمنقضى مأزمي منى فَسمى
1 / 59