তারিখ মাবাদি ইকতিসাদিয়া
محاضرات في تاريخ المبادئ الاقتصادية والنظامات الأوروبية
জনগুলি
ولكن ما يقال عن رأيه في نمو النسل لا يقال عن رأيه في نمو مواد الغذاء، فإنه لا يمكن الجزم بمقصود مالتوس منه، فهل يريد إثباته كقاعدة مقررة ثابتة لا تتغير، ولا تتحور أم يريد أنه قريب من الحقيقة الواقعة. وذلك الشك يطرأ علينا؛ لأن القاعدة التي قررها مالتوس لا تنطبق على قانون معروف مثل نمو النسل الذي يعرفه علماء علم الحياة بيولوجيا. وقد أثبت العلامة لافوازيه الكيماوي الفرنسوي أن نمو القمح بفرنسا يكفي سكانها؛ وذلك لقلة النسل فيها، ولكن القمح الذي ينمو في إنكلترا وفي ألمانيا لا يكفي سكانها على الإطلاق؛ لأنهم ينمون بسرعة شديدة، ولكن هذا هو قانون يسمونه المحصول غير النسبي
rendement nonproportionnelle ، وهو ليس ما ذكره مالتوس بل لم يشر إليه مطلقا.
على أن القواعد والقوانين التي قال بها خصوم مالتوس لا تنقض قانونه، ولا تقلل من قيمته العلمية.
والذي لا ريب فيه هو أنه لا يمكن أن يعيش في بقعة ما من الأرض عدد أكثر ممن يمكنهم أن يعيشوا من محصول هذه البقعة، وثبت أيضا أن في علم الحيوان وفي الجماعات المتوحشة يموت عدد عظيم من الأفراد جوعا (وفي لندن أيضا)، وقد أسهب مالتوس البحث في أحوال هؤلاء المتوحشين.
فرد عليه بعض منتقديه بأن ما كان يصح عند الحيوان أو الجماعات المتوحشة لا يصح في عهد المدنية، فأجاب مالتوس بأن الأمم المتمدنة حفظت أشياء كثيرة من عادات المتوحشين، وهذا حق لأن القحط إن لم تكن أثاره الفظيعة باقية إلى الآن في روسيا والهند، فإن له آثارا أشد فظاعة في البلاد المتمدنة، وهي تظهر بمظاهر مختلفة كلها ذات علاقة بالجسم البشري.
ففي المتمدنين أمراض مثل السل الذي أهم أسبابه هو سوء التعذية، ووفيات الأطفال، ووفيات العمال قبل الأوان، والحروب الفظيعة التي تغتال ألوف الألوف في أقل من لمح البصر، وقد شهد مالتوس بعينه حروب الثورة الفرنسية، وحروب بونابرت التي قتل أثناءها نحو عشرة ملايين من الرجال في مقتبل العمر. يقول مالتوس: إن هذه الحوادث الكبرى هي التي حفظت النسبة بين الناس وبين المحصول، ولكن هذه الحوادث كما ترون هي من آثار البربرية، وحيث إن المتوحشين كانوا مسوقين بطبيعتهم إلى حفظ النسبة بزيادة الوفيات، فالمتمدنون يحفظون هذه النسبة بعينها بتقليل النسل.
والطريقة الوحيدة في نظر مالتوس هي الامتناع الأدبي أو الصوم
moral restrain
عن العلاقة الجنسية، وبذا تحفظ النسبة بين المحصول وبين السكان. وهو يقصد بذلك الامتناع عن أي علاقة جنسية بين الرجل والمرأة بغير الحلال إذا كان الرجل أو المرأة متزوجين.
وقبل الزواج ينبغي للرجل والمرأة أن يعفا، وأن لا يتحملا مسئولية العيلة قبل أن يكون القيام بأعبائها ممكنا. فإذا لم يتيسر هذا فليمتنع الشخص عن الزواج مطلقا، وهو يقول بصريح العبارة في ص616 من كتابه السابق الذكر: إنني أرفض كل وسيلة مصطنعة غايتها تقليل النسل، وإن ما أوصي به من طرق التقليل هو نتيجة ما يأمر به العقل والدين، فإنه من السهل جدا بالطرق العلمية تقليل النسل، أو قطعه مرة واحدة، ولكن هذا وقوع في الطرف الأخرى أي تفريط.
অজানা পৃষ্ঠা