আলেকজান্দ্রিয়ার প্রাচীন উপসাগরের ইতিহাস এবং মাহমুদিয়া খাল
تاريخ خليج الإسكندرية القديم وترعة المحمودية
জনগুলি
إهداء
خليج الإسكندرية
مذكرات ونبذ لبعض المهندسين وغيرهم عن ترعة الإسكندرية
وثائق دار المحفوظات المصرية الملكية عن حفر ترعة المحمودية
ما ذكره سائر المؤرخين عن ترعة المحمودية
إهداء
خليج الإسكندرية
مذكرات ونبذ لبعض المهندسين وغيرهم عن ترعة الإسكندرية
وثائق دار المحفوظات المصرية الملكية عن حفر ترعة المحمودية
ما ذكره سائر المؤرخين عن ترعة المحمودية
অজানা পৃষ্ঠা
تاريخ خليج الإسكندرية القديم وترعة المحمودية
تاريخ خليج الإسكندرية القديم وترعة المحمودية
تأليف
الأمير عمر طوسون
إهداء
الأمير عمر طوسون
يهدي إلى حضرة صاحب العزة مصطفى فهمي بك مؤلفه تاريخ خليج الإسكندرية القديم وترعة المحمودية، مع أطيب التحيات.
محمد علي باشا
مقدمة
بقلم عمر طوسون
অজানা পৃষ্ঠা
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه نبذة عن ترعة الإسكندرية، نقلناها إلى العربية من المجلد الثامن من مؤلفنا الفرنسي: «تاريخ النيل»، المطبوع بمطبعة المجمع العلمي بالقاهرة سنة 1925م، وضممنا إليها ما كتبه المؤرخون عنها، آملين أن يكون من وراء نشرها على أبناء هذا الوطن العزيز بلغة بلادهم المحبوبة ما يعود عليهم بالنفع، لا سيما أنها تتعلق بتاريخ مرفق عظيم من مرافق بلادهم الحيوية. والله المسئول أن يوفقنا إلى ما فيه نفع الوطن وأهله.
خليج الإسكندرية
لقد سمى المؤرخون على اختلاف عصورهم مجرى ماء باسم «خليج الإسكندرية» على حين أن هذا المجرى انتقل من مكانه خمس مرات في فترات متباينة فظن الكثيرون أنه هو هو منذ نشأته الأولى.
وسنذكر فيما يلي تاريخ هذا الخليج، وتاريخ الفرع الكانوبي، والتطورات التي لحقت بهذا الفرع إلى أن صار ترعة، ونبين أيضا بعض أوصافه العامة والخاصة، ثم ننتقل بعد ذلك إلى استقصاء كل قسم من أقسامه. (1) لمحة عامة
كان الفرع الكانوبي في العصور الخالية أهم فروع النيل السبعة
1
القديمة (انظر الخريطة 1) حتى إن أرسطو الفيلسوف اليوناني الذائع الصيت الذي عاش من سنة 384 إلى سنة 377ق.م - وكان أستاذا وصديقا للإسكندر الأكبر - قال: «إن هذا الفرع وحده هو المجرى الطبيعي، وإن ما سواه من الفروع الأخرى حفرتها يد البشر ابتغاء تجفيف أراضي الدلتا».
وكان مبدأ هذا الفرع من رأس الدلتا القديم في الطرف الجنوبي من جزيرة الوراق التي يتكون عندها نقطة انفصال الفرع البيلوزي الممتد إلى بيلوز؛ أي: الفرما، عن الفرع الكانوبي الممتد إلى كانوب؛ أي: أبي قير. وهذان الفرعان كانت تنحصر بينهما الدلتا قديما.
ويسير الفرع الكانوبي بعد خروجه من رأس الدلتا في مجرى فرع رشيد الحالي إلى قرية زاوية البحر (الرافقة) التابعة لمركز كوم حمادة من مديرية البحيرة. وفي هذه النقطة يكون هذا الفرع كوعا؛ أي: زاوية، ويتجه إلى الشمال الغربي، ويحتمل كثيرا أن قرية زاوية البحر إنما سميت كذلك لهذا السبب، ومن المحقق أن القسم المتجه هذا الاتجاه من الفرع الكانوبي وجد قبل الفتح الإسلامي، غير أن اسمه القديم عرب في الزمن الذي حدث فيه هذا الفتح، ألا ترى مثلا أن ناحية بيلوز التي معناها باللغة اليونانية الطين تسمى في أيامنا هذه: الطينة.
অজানা পৃষ্ঠা
ومن قرية زاوية البحر يسير الفرع المذكور في مجرى ترعة أبي دياب في اتجاه الشمال الغربي، ويمر غرب كوم جعيف الذي كان يسمى في القرون الماضية نقراطس، وهي مدينة كان قد تنازل عنها للإغريق أمازيس؛ خامس ملوك الفراعنة، وأحد الأسرة السادسة والعشرين (سنة 568-535ق.م) في مقابل الخدم التي أدوها له فاستغلوها زمنا طويلا، ودرت عليهم خيرا جزيلا، وبعد ذلك يستمر الفرع سائرا إلى أن يصل إلى قرية جنباواي، ومنها يمتد مجراه مارا بجانب قرية العوجه، وبعد ذلك يمر قرب قرية دسونس أم دينار وقراقص، ويصل إلى دمنهور (هيرموبوليس بارفا) التي قال عنها استرابون، وهو من أهل القرن الأول الميلادي: إنها بنيت على نفس النهر.
وبعد دمنهور يسير الفرع الكانوبي في مجرى ترعة دمنهور القديمة المبينة بخريطة علماء الحملة الفرنسية، والتي يشغل موضعها في الوقت الحاضر الطريق الزراعي بين دمنهور والعطف، ويستمر في سيره إلى أن يتصل بترعة الأشرفية بجوار قرية أفلاقة.
ومن هناك يسير الفرع المذكور إلى الكريون وشديا (النشو البحري) التابعة لمركز كفر الدوار؛ أي إلى مبدأ خليج الإسكندرية القديم.
وبعد شديا يتتبع الفرع الكانوبي جانب ترعة الإدكاوية القديمة المسماة الآن الترعة الكانوبية ، (انظر الخريطة 4)، تاركا كوم مازن على يمينه، ثم يسير عندئذ متتبعا مرتفع الأرض الصغير الفاصل بحيرة أبي قير عن بحيرة إدكو، ولا ريب أن هذا المرتفع هو محل الفرع القديم الذي كانت ضفافه كما هي الحال الآن مرتفعة بلا شك ارتفاعا قليلا عن سطح الأرض بحكم فعل الطمي، وبعد ذلك يمر بين كوم الذهب وكوم الطرفاية، ويبلغ البحر عند الكوم الأحمر الواقع على سكة رشيد، والمسمى الآن بالطابية الحمراء؛ نسبة إلى الحصن الذي بني فوقه، (انظر الخريطة 3).
والفرع الكانوبي كان لا يقع عند هذه النقطة، بل يمتد فوق ذلك ستة كيلومترات في خليج أبي قير، حسبما ذكر محمود باشا الفلكي بالصفحة 79 من مذكرته الفرنسية عن مدينة الإسكندرية في الأزمان الغابرة، وإليك ترجمة ما قاله: «إن سبر غور الماء الذي قام به مسيو لاروس
Larousse
قبيل عام 1859م في مرفأ أبي قير لا يترك مجالا للشك في أن موقع مصب الفرع الكانوبي كان في سفح تل الكوم الأحمر.
فمجرى مصب النهر يرى في الواقع جيدا في قاع ماء المرفأ وظاهرا بين رأسين. وهذان الرأسان الممتدان من الكوم الأحمر إلى أن يقتربا من جزيرة أبي قير على مسافة زهاء ستة كيلومترات من اليابسة في الوقت الحالي، لا يزالان إلى الآن يضمان بين جوانبهما مجرى المصب على مسافة ستة أو سبعة أمتار تحت سطحومسيو لاروس الذي ذكره الماء، بينما لا يزيد عمق هذا الماء نفسه فوق الرأسين عن مترين أو ثلاثة أو أربعة.
وقد تكون الرأسان المذكوران تحت سطح البحر من طمي النيل بالطبع، كما تكون الرأسان اللذان نراهما الآن في كلا المصبين الحاليين اللذين يمتدان في البحر مسافة تزيد على ستة كيلومترات، فتكون من كليهما بهذه الكيفية رأسان ممتدان بعد رشيد ودمياط.
ولا بد أن رأسي المصب الكانوبي كانا في الأزمان الغابرة فوق مستوى سطح البحر، وبالتالي مكونين مع الساحل لغاية رأس أبي قير شبه ميناء لمدينة كانوب». أ.ه.
অজানা পৃষ্ঠা
ومسيو لاروس الذي ذكره هنا محمود باشا الفلكي كان مهندسا تابعا لشركة قناة السويس ، وقد كلفه الوالي سعيد باشا أن يسبر غور خليج أبي قير، والأبحاث التي قمنا بها بنفسنا في مايو سنة 1933م في الخليج المذكور، والأطلال التي عايناها أيدت صحة ما ذكره لاروس تأييدا تاما. وتأكدنا فوق ذلك أن سطح هذا الخليج كان في الأزمنة الخالية فوق مستوى سطح البحر. (2) تاريخ خليج الإسكندرية
لما أنشأ الإسكندر الأكبر مدينة الإسكندرية كان عليه بادئ بدء أن يفكر بالطبع في إيجاد وسيلة لتزويد المدينة الجديدة بالماء؛ لأن الماء القليل الذي يحصل عليه أهالي ضيعة راكوتيس
2
من المطر والآبار لا يمكن أن يكفي حاجة سكان مدينة لها أهمية المدينة التي عزم هذا الفاتح الكبير على إنشائها، فكان من المحتم أن يوجه الفكر إلى ينبوع آخر ماؤه أكثر غزارة، وهذا الينبوع لا يمكن أن يوجد إلا في البحر الكبير؛ أي: النيل. وكان فرع هذا النهر الأقرب إلى موقع المدينة الجديدة هو الفرع الكانوبي (انظر الخريطة 3)، وإلى هذا الفرع اتجه النظر للحصول على الماء من مدينة شيديا - النشو البحري - لأن المسافة التي بينها وبين المدينة التي عقد العزم على تشييدها أقصر منها بين هذه وأي موقع آخر. وعلى هذا حفرت من شيديا إلى الإسكندرية أول ترعة للإسكندرية في فترة إنشائها، وذلك في عام 331ق.م، ورأس هذه الترعة القديم وفمها لا يزالان إلى اليوم بالحالة التي كانا عليها في عصر إقامتهما على ترعة الناصري القديمة التي تمثل مجرى الفرع الكانوبي مصغرا عن شكله القديم. (3) الفرع البولبتيني
يتفرع الفرع البولبتيني من الفرع الكانوبي عند زاوية البحر، ويسير متتبعا في سيره فرع رشيد الحالي إلى أن يبلغ البحر، أما اسمه هذا فقد استعير من مدينة بولبتين: وهي مدينة رشيد الحالية.
وهذا الفرع لم يكن في عصر هيرودوت سنة 450ق.م سوى ترعة حفرتها يد البشر كما ذكر هذا المؤرخ (انظر الخريطة 1)، وقد ورد ذكره بأنه فرع في زمن استرابون فقط؛ أي: في القرن الأول الميلادي، ولما كان هذا الفرع أكثر انحدارا واستقامة في مجراه فقد اكتسب بالتدريج مع مرور السنين والأيام لسرعة جريان الماء في النهر من الأهمية ما جعل الفرع الكانوبي يفقد أهميته، فتضاءلت أهمية جزئه الممتد من زاوية البحر إلى البحر حتى صار هذا الجزء عبارة عن ترعة لا أكثر.
وبهذا صار البولبتيني فرعا، وأصبح الكانوبي ترعة، وسنشرح ذلك فيما بعد. (4) تطورات ترعة الإسكندرية
لما ابتلع الفرع البولبتيني شيئا فشيئا الجزء العلوي من الفرع الكانوبي من زاوية البحر إلى رأس الدلتا للأسباب التي سبق إيضاحها - وذلك ليكون فرع رشيد الحالي - انحط بالتدريج الجزء السفلي من الفرع الكانوبي من زاوية البحر إلى خليج أبي قير حتى صار ترعة لا غير، ومن الواضح أن هذا التطور لم يتم طفرة بل ببطء وتدريج.
ومن العسير معرفة الوقت الذي ابتدأ فيه انحطاط هذا الفرع، الذي كان أهم فروع النيل، غير أنه من رأينا أن ذلك لا بد أن يكون قد حدث قبيل القرن الخامس الميلادي؛ لأن إميان مارسلان
Amien Marcellin
অজানা পৃষ্ঠা
الذي زار مصر في النصف الثاني من القرن الرابع الميلادي ذكر الفرع الكانوبي بهذه الحالة كما ذكر مصبه.
أما هذا الانقلاب بقضه وقضيضه فلا بد أن يكون قد تم قبيل القرن السادس الميلادي؛ أي: قبل فتح العرب لمصر، والدليل على هذا أنه لم يذكر ذلك مؤرخ من مؤرخي العرب حتى المتقدمين منهم، بل لم ينوه أحد منهم بذكره أيضا، وعلى ذلك يكون هذا الفرع قد زال واختفى من الوجود بهذه الكيفية في القرن الخامس الميلادي.
وبعد أن أضحى هذا التطور أمرا مقضيا صار الجزء الممتد من زاوية البحر إلى الكريون؛ ترعة يتفرع منها فرعان: أولهما: يشغل مجرى الفرع الكانوبي القديم (الترعة الكانوبية الآن) يذهب إلى خليج أبي قير. والثاني: يبدأ من شديا ويذهب إلى الإسكندرية وهو خليج الإسكندرية، وقد توارى أولهما عن الأعين وزال سريعا، وذلك أيضا قبل الفتح الإسلامي، كما يؤخذ من بيان جان
Jean
أسقف نيكيو
Nikiou
3
في تاريخه الاستقرائي، ومن بيانات مؤرخي العرب؛ وذلك لأمرين: (1)
أن الفرع المتجه إلى الإسكندرية كان عليه تموين مدينة لها تلك الأهمية؛ لذا كان دائما أبدا موضع عناية كبرى، الأمر الذي ساعد على جر المياه نحوه. (2)
أما الفرع المتجه إلى خليج أبي قير فقد كان يمر بمنطقة قاحلة أو على أكثر تقدير ذات محصول زهيد، فأهمل وجف بسبب تحول الماء جميعه إلى الفرع الآخر؛ ولذا اختفى وتوارى على عجل أو انحط وصار ترعة لا أهمية ولا قيمة لها البتة؛ لأننا لم نر أحدا تكلم عنه.
অজানা পৃষ্ঠা
وهذه الحالة هي التي دعت أولا جان أسقف نيكيو في القرن الأول الهجري - القرن السادس الميلادي - ومن بعده ابن عبد الحكم في القرن الثالث الهجري - القرن التاسع الميلادي - وغيره من مؤرخي العرب الذين نقلوا جميعا عنه إلى القول بأن الملكة كليوبطرة هي التي ساقت خليج الإسكندرية حتى أدخلته إليها، ولم يكن يبلغها الماء، كان يعدل من قرية يقال لها كسا قبالة الكريون، فحفرته حتى أدخلته الإسكندرية.
ومن الجلي أن هذه الرواية ليس لها نصيب من الصحة؛ لأن كليوبطرة ليست هي التي أنشأت هذه الخليج، غير أن الإنسان لو فحصها فحصا دقيقا صارفا النظر عن مسألة كليوبطرة؛ لتبين له أنها لا تخلو من شيء ترتكز عليه.
ذلك أن الفرع الممتد من الكريون إلى الإسكندرية ظل باقيا، وظلت سيرته كذلك باقية تتداولها الألسن، وفحواها أن هذا الفرع حفر ليوصل إلى الإسكندرية مياه الكريون، وذلك من الفرع الكانوبي، أما فرع الكريون الممتد إلى خليج أبي قير، فكان قد زال وزالت من الوجود أيضا سيرته.
وبما أن هؤلاء المؤرخين لم يروا قدام أعينهم شيئا ثابتا يعتمدون عليه سوى مياه النيل ووقوفها عند الكريون، وسمعوا أيضا الرواية المتداولة في البدء من أن الجزء الذي بين الكريون والإسكندرية حفرته يد البشر؛ لجلب المياه إلى الإسكندرية، فهذا هو الذي سوغ لهم أن يظنوا أن المياه لم يسبق أن جرت في مجرى آخر.
ولما كان من الثابت أن الجزء الواقع بين زاوية البحر والكريون يفوق الجزء الواقع بين الكريون والإسكندرية أهمية كما ذكر المسعودي فيما يلي فقد ساعد ذلك كثيرا على تمسكهم بهذه النظرية.
قال المسعودي:
وقد كان النيل انقطع عن بلاد الإسكندرية قبل سنة 332ه (943م)، وقد كان الإسكندر بنى الإسكندرية على هذا الخليج من النيل، وكان عليها معظم ماء النيل، فكان يسقي الإسكندرية وبلاد مريوط، وكانت بلاد مريوط في نهاية العمارة والجنان المتصلة بأرض برقة، وكانت السفن تجري في النيل وتتصل بأسواق الإسكندرية. وقد بلط أرض خليجها في المدينة بالأحجار والمرمر، وانقطع الماء عنها لعوارض سدت خليجها ومنعت الناس دخوله فصار شربهم من الآبار وصار النيل على يوم منهم. أ.ه.
ومسافة اليوم التي ذكرها المسعودي هي عبارة عن المسافة من الإسكندرية إلى الكريون؛ أي: طول ترعة شيديا القديمة، بينما الفرع الذي يوصل الماء إلى الكريون كان أثرا للفرع الكانوبي القديم. ويعلم لنا مما قاله المسعودي أن الجزء الثاني في ذلك الحين كان أيضا يفوق الأول أهمية، إذ إنه كان يوصل المياه إلى الجزء الآخر.
أما عزو إنشاء هذه الترعة إلى كليوبطرة فهذا أمر يشق علينا أن نجد له تفسيرا يقبله العقل، فهو غلطة فادحة في التاريخ، فالذي حفرها إنما هو الإسكندر الأكبر عند إنشائه مدينة الإسكندرية.
ومجمل القول: إن ترعة الإسكندرية كانت لدى الفتح العربي تمر بهذه النواحي وهي: زاوية البحر، والنقيدي، ودنشال، ودمنهور، وأفلاقه، وكفر الحمايدة، والكريون، والإسكندرية، (انظر الخريطة 4).
অজানা পৃষ্ঠা
وقد روى مؤرخو العرب أن هذه الترعة حفرت أو طهرت ست مرات في أزمنة متباينة بالكيفية الآتية:
ففي المرة الأولى قام بذلك الحارث بن مسكين قاضي مصر، وذلك في سنة 245ه (859م).
وفي المرة الثانية أحمد بن طولون حاكم مصر في سنة 259ه (872م).
وفي المرة الثالثة الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله وذلك في سنة 404ه (1013م).
وفي المرة الرابعة السلطان الظاهر بيبرس وذلك في سنة 664ه (1265م).
وفي المرة السادسة السلطان الأشرف بارسباي، وذلك في سنة 826ه (1432م).
وفيما خلا هذه المرات الست دعت الحالة إلى حفر أو تطهير الترعة المذكورة، وذلك في أوقات أخرى أغفل المؤرخون التحدث عنها، فالقسم من شابور إلى النقيدي حفر في تاريخ غير التواريخ التي ذكرناها، وقد حفره شخص ظل مجهولا.
وزيادة في الإيضاح نرى أنفسنا مضطرين أن نقسم الترعة إلى ثلاثة أقسام وهي:
القسم الأول :
من النيل إلى كفر الحمايدة.
অজানা পৃষ্ঠা
القسم الثاني:
من كفر الحمايدة إلى الكريون.
القسم الثالث:
من الكريون إلى الإسكندرية.
وقد قلنا القسم الأول من النيل إلى كفر الحمايدة؛ لأنه هو الذي توالى على موقعه التغيير والتبديل، فاستبدلت نقطة مصدره من النيل مرارا وتكرارا، ومن هنا نشأت استحالة تعيين موضع ثابت له.
أما القسمان الآخران فإنهما مع عدم تبدل موضعهما نرانا مضطرين إلى فصلهما عن بعضهما؛ لأن كليهما كان تابعا لمجرى يختلف عن الآخر، فأولهما كان تابعا للفرع الكانوبي، وثانيهما لترعة الإسكندرية الأولى؛ أي: خليج الإسكندرية.
وها نحن أولاء نبين أحوال الأقسام الثلاثة والمواضع الخاصة بها:
القسم الأول: من النيل إلى كفر الحمايدة
لقد تغير موضع هذا القسم خمس مرات والمراحل التي كان يمر بها كانت كالآتي مرتبة حسب توالي الأزمان:
أولا:
অজানা পৃষ্ঠা
الرافقة أو زاوية البحر والنقيدي ودنشال وقرطسا أو دمنهور وأفلافة وكفر الحمايدة.
ثانيا:
شابور والنقيدي ودنشال وقرطسا أو دمنهور وأفلافة وكفر الحمايدة.
ثالثا:
منية أبيج أو الضهرية وأبو منجوج ومحلة فرنوي ومحلة نصر ومسروق وقرطسا أو دمنهور وأفلاقة وكفر الحمايدة.
رابعا:
العطف وكفر الحمايدة.
خامسا:
الرحمانية وأفلاقة وكفر الحمايدة.
والآن نشرع في بيان الأزمنة المختلفة التي وجدت فيها هذه المراحل والأشخاص الذين قاموا بتطهيرها أو حفرها:
অজানা পৃষ্ঠা
أولا:
المسافة من الرافقة إلى كفر الحمايدة:
هذه المرحلة هي التي كانت في فترة الفتح الإسلامي، وقد قص علينا خبرها المؤرخون القدماء. وآخر من ذكر الرافقة كنقطة تحويل الترعة من النهر هو قدامة بن جعفر المتوفى سنة 310ه (922م) في كتابه «الخراج وصنعة الكتابة» وذكرها بعده مؤرخ آخر هو المقدسي المتوفى سنة 380ه (990م) في كتابه «أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم»، ولكن في هذه المرة لم تذكر كنقطة تحويل الترعة من النهر؛ لأن هذه النقطة - كما يرى فيما بعد - كانت انحدرت في تلك الفترة إلى شابور، فذكرها المقدسي في كتابه المذكور في رحلته من الفسطاط إلى الإسكندرية، وبعد المقدسي توارت هذه المدينة واختفت عن الأنظار ولم يعد يذكرها بعد مؤرخ ما.
وقد كان قدامة كما ذكرنا سابقا آخر مؤرخ ذكر الرافقة كنقطة تحويل الترعة من النهر، ولا بد أن هذه الحالة هي التي ظلت ثابتة لغاية تاريخ وفاته في سنة 310ه (922م)، ولننظر الآن مع مراعاة ترتيب التواريخ التي ذكرها المؤرخون: من هم الأشخاص الذين باشروا تطهير هذه المرحلة؟
إنه بحسب التواريخ التي ذكرناها قبلا نجد أن الحارث بن مسكين هو الذي قام بعملية تطهيرها أولا، وذلك في سنة 245ه (859م)، وأحمد بن طولون ثانيا، وذلك في سنة 259ه (872م)، إذ هما وحدهما اللذان ذكرا قبل وفاة قدامة.
ثانيا:
المرحلة من شابور إلى كفر الحمايدة:
هذه المرحلة مماثلة للمرحلة التي أتينا توا على ذكرها غير أن جزء الرافقة النقيدي استبدل بجزء شابور النقيدي، وأول مؤرخ ذكر هذا التخطيط ابن حوقل المتوفى سنة 350ه (961م)، «في كتابه المسالك والممالك»، فيكون هذا الجزء قد تم إنجازه بين هذا التاريخ وتاريخ وفاة قدامة في سنة 310ه (922م)، ولم ينقل لنا التاريخ أي تطهير أو حفر بين هذين التاريخين. وبذا يكون إنجاز هذا القسم قد تم بمباشرة شخص وفي تاريخ ظل كلاهما مجهولا. وذكر الشريف الإدريسي المتوفى سنة 548ه (1153م) في كتابه «نزهة المشتاق في اختراق الآفاق» أيضا هذه المرحلة، ولكن إجمالا مع التي بعدها، والظاهر أنهما من ناحية أخرى ظلتا تؤديان وظيفتهما معا كما سيذكر بعد.
ثالثا:
المرحلة من الضهرية إلى كفر الحمايدة:
অজানা পৃষ্ঠা
إن أول مؤرخ تكلم عنها هو الشريف الإدريسي المتوفى سنة 548ه (1153م)، وعلى هذا يكون تم إنجازها بين هذا التاريخ وتاريخ وفاة ابن حوقل قبيل سنة 350ه (961م)، ويوجد في هذه الفترة بالتدقيق الحفر أو التطهير الذي باشره الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله في سنة 404ه (1013م)، ومن رأينا أن هذا الخليفة هو الذي لا بد أن يكون قد أنجز هذا القسم، وهو من ناحية أخرى لم ينشئ إلا جزءا منه إنشاء جديدا كما يتضح ذلك مما يأتي:
إن مرحلة منية ببيج أو الضهرية لغاية محلة نصر ومسروق تشغل موضع فرع فرنوى بلهيب (العطف) الذي ذكره ابن حوقل، والذي لا بد أن يكون قد توارى بعد أن مات هذا المؤرخ؛ لأنه لم يعد يتكلم عنه أحد بعده. ومن هنا نستنبط أن ما حدث في الوقت الذي أراد فيه الخليفة الفاطمي أن ينجز مشروعه هو ما يأتي:
أن الجزء السفلي من فرع فرنوى الواقع تحت محلة نصر ومسروق لغاية بلهيب (العطف) كان قد اختفى أو كاد، وعلى ذلك اضطر لدى تطهيره الترعة أن يحفر فرعا جديدا مبتدئا من محلة نصر ومسروق ومنتهيا عند ترعة شابور بين دنشال ودمنهور، ولعل هذا الفرع يكون الجزء السفلي من ترعة الضاهر الحالية. والغرض من هذه العملية فتح باب جديد لتغذية ترعة الإسكندرية، وهذه الحالة هي التي دعت الإدريسي لأن يقول: إن الترعة الموصلة للإسكندرية تسمى ترعة شابور، وإن مدخلها كان في النهر تحت أبيج.
وقد ذكر المقريزي أنه أنفق في هذه العملية 15000 دينار أي ما يساوى 9000 جنيه.
ونحن نثبت فيما يلي تخطيط هذا الفرع عن المؤرخين الآتي ذكرهم وهم: (1)
قال أبو الحسن المخزومي
4
أحد قضاة مصر في كتاب المنهاج، وقد عاش قبيل سنة 580ه (1184م)؛ أي في نفس العصر الذي كان فيه الإدريسي: «أما خليج الإسكندرية فإنه من فوهة الخليج إلى ترعة بو درة (أبو درة) ليس على شيء منها سد. بو منجوج (أبو منجوج). محلة بتوك (أبتوك) أسينة (أسمانية) أورين. محلة فرنوى. محلة حسن. منية طراد وتعرف بالقاعة. محلتا نصر ومسروق». أ.ه.
وهذا المجرى هو بعينه فرع فرنوى الذي ذكره ابن حوقل لغاية هذه القرية الأخيرة، ومجرى ترعة الضاهر الحالية. (2)
ذكر القلقشندي المتوفى عام 821ه (1418م) في كتابه «صبح الأعشى» أنه في الأزمان الغابرة كان مدخل خليج الإسكندرية بالظاهرية، وأنه كان يمر بدمنهور، وهذا هو بالضبط مجرى هذه المرحلة.
অজানা পৃষ্ঠা
واتحاد وجهة أعمال هذه المرحلة مع التي قبلها لم يؤيده الإدريسي فحسب - كما سبق القول - بل أيدته أيضا الأعمال التي أمر السلطان الظاهر بيبرس بمباشرتها في المرحلتين، وذلك في سنة 662 و664ه (1263 و1265م).
أما المرحلة السالفة فيلوح أن هذا السلطان لم يفعل شيئا سوى أن طهر الجزء الواقع بين شابور والنقيدي، بينما يقول المقريزي أنه طهر بين أعمال أخرى الترعة بين النقيدي وفمها، وبالتالي القسم الواقع تماما بين هذه القرية الأخيرة وشابور وهي التي طهرها السلطان الظاهر بيبرس.
ورب سائل يسأل: هل تم تطهير جزء المرحلة الواقع بين النقيدي ونقطة الاتصال بالمرحلة التي ذكرناها؟ والجواب على ذلك صعب جدا لعدم وجود شيء يمكن الاستناد إليه.
أما آثار الأعمال التي تمت في عهد هذا السلطان فلدينا عنها الأدلة الآتية: (1)
بعض الأبنية التي أقامها في قرية الضهرية الحالية التي يجب أن يكون حقيقة اسمها الظاهرية، والقائمة قرب فمها والتي قال بصددها المرحوم جورجي بك زيدان في كتابه (تاريخ مصر الحديث): إن هذا السلطان هو الذي بناها، وكان الأجدر به أن يقول: إنه أطلق عليها اسمه بعد أن أقام فيها تلك الأبنية، وإنها كانت كما ذكر ابن دقماق منشأة قبله بأزمان باسم منية ببيج. (2)
ترعة الضاهر المسماة باسمه في الوقت الحاضر، والتي كان يجب أن تسمى ترعة الظاهر، كما هو الحال في مسجده القائم بالقاهرة هي برهان ساطع على أن هذا السلطان لم يطلق اسمه على هذه الترعة إلا لأنه أجرى بها بعض الأعمال.
وقال ابن مماتي المتوفى سنة 606ه (1209م) في كتابه: «قوانين الدواوين» بمناسبة ذكر هذه المرحلة:
رأيت جماعة من أهل الخبرة وذوي المعرفة يقولون: إنه إذا عملت من قبالة منية ببيج إلى ببيج زلاقة مثل زلاقة أخنويه (ويقيننا أنه يقصد بذلك عمل سد) استمر الماء جاريا فيه (أي خليج الإسكندرية)، إلى الإسكندرية صيفا وشتاء، ورويت البحيرة جميعها، وحوف رمسيس والكفور الشاسعة، وزرع عليه القصب والقلقاس والنيلة، وأنواع زراعة الصيفي، وجرى مجرى بحر الشرق والمحلة وتضاعف عبر البلاد وعظم ارتفاعها، وإن الآن إقامة هذه الزلاقة ممكنة، وأسباب عمارتها ميسرة؛ لوجود الحجارة في الربوة والطوب في البحيرة، وإنهم قدروا ما يحتاجون إليه برسم ذلك، فوجدوا فيه ما يناهز عشرة آلاف دينار (6000 جنيه). أ.ه.
ويلوح أن السدود كانت تقام على النيل في الأزمان الغابرة بنفقة أقل منها في أيامنا هذه.
ويقول هذا المؤرخ عينه إن طول خليج الإسكندرية في عصره كان يبلغ من فمه 30630 قصبة، والقصبة المقصودة هنا هي القصبة الحاكمية التي طولها 3,85 من الأمتار. فيكون طول الخليج ما يقرب من 118 كيلو مترا. وامتداد هذه المرحلة الآن لغاية الإسكندرية حسبما هو مرسوم على خريطة مصلحة المساحة 111 كيلومترا.
অজানা পৃষ্ঠা
وعلى ذلك يكون هذا القسم من الأقسام التي ورد ذكرها في التاريخ، وأن حفره أو تطهيره حدث مرتين اثنتين:
الأولى:
في عهد الحاكم بأمر الله، وذلك في سنة 404ه (1013م).
الثانية:
في عهد الظاهر بيبرس، وذلك في سنة 664ه (1265م).
رابعا:
المرحلة بين العطف وكفر الحمايدة:
قال المقريزي في خططه ج1 ص276 و277: ثم تعطل استمرار جريان الماء فيه (أي الخليج) بطول السنة، وصار يحفر سريعا بعد شهرين أو نحوهما من دخول الماء إليه، واحتاج أهل الإسكندرية في طول السنة إلى الشرب من الصهاريج التي يخزن فيها الماء إلى أن كانت سنة 710ه (1310م)، فقدم الأمير بدر الدين بكتوت الخزنداري المعروف بأمير شكار ومتولي الإسكندرية إلى قلعة الجبل، وحسن للسلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون حفره، وذكر له ما في ذلك من المنافع:
أولها:
حمل الغلال وأصناف المتجر إلى الإسكندرية في المراكب، وفي ذلك توفير للكلف وزيادة في مال الديوان.
অজানা পৃষ্ঠা
وثانيها:
عمارة ما على حافتي الخليج من الأراضي بإنشاء الضياع والسواقي؛ فينمو الخراج بهذا نموا كثيرا.
وثالثها:
انتفاع الناس به في عمارة بساتينهم وشرب مائه دائما، فأعجب السلطان ذلك وندب الأمير بدر الدين محمد بن كندعدي ابن الوزيري مع بكتوت لعمله، وتقدم إلى جميع أمراء الدولة بإخراج مباشريهم لإحضار رجال النواحي الجارية في إقطاعاتهم للعمل للحفر، وكتب لولاة الأعمال بالوقوف في العمل فاجتمع من النواحي نحو الأربعين ألف رجل جمعت في نحو العشرين يوما ووقع العمل في شهر رجب من السنة المذكورة. أ.ه.
ولم يعين المقريزي المدة التي استغرقها هذا العمل إلا أنه قال:
وعظمت المشقة في حفر هذا الخليج، فإن الذي تجاوز البحر منه غلب عليه الماء، فصارت الرجال تغطس فيه وترفع الطين من أسلفه، ثم كثر الماء فركبت السواقي حتى نزحته إلا أن عظم النفع به سهل جميع ذلك، فإن السفن جرت فيه طول السنة، واستغنى أهل الإسكندرية عن شرب ماء الصهاريج، وبادر الناس للعمارة على جانبي الخليج، فلم يمض غير قليل حتى استجد عليه ما يزيد على 100000 فدان زرعت بعد ما كانت سباخا، وما ينيف على 600 ساقية، برسم القلقاس والنيلة والسمسم وفوق الأربعين ضيعة، وأزيد من ألف غيط بالإسكندرية، وعمرت منه عدة بلاد كثيرة، وتحول عالم عظيم إلى سكنى ما استجد عليه. أ.ه.
وبعد انتهاء الأعمال من هذا الخليج سمي الخليج الناصري نسبة إلى السلطان الناصر قلاوون الذي تم حفره في عهده.
هذا ومع أن المقريزي صرح في بيانه الآنف الذكر بأن جانبا من هذا الخليج أو الترعة أنشئ إنشاء، إلا أنه لم يدلنا على موضع ذلك الجانب الجديد الذي أنشئ، أما القلقشندي المعاصر لهذا السلطان فقد تلافى هذا النقص، إذ قال: إن مدخل الترعة في زمنه كان في العطف قبال فوة. وقال الجبرتي كذلك في تاريخه «عجائب الآثار في التراجم والأخبار»: إن والي مصر محمد علي أجرى حفر ترعة المحمودية في موضع ترعة الناصري القديمة ابتداء من العطف. مرجحا هذا الموضع على موضع الأشرفية الذي يبتدئ في الرحمانية لقصره.
ويلوح أن الأعمال التي باشرها هذا السلطان تعد أعظم أهمية من التي ذكرها مؤرخو العرب بصدد هذا الخليج.
خامسا:
অজানা পৃষ্ঠা
المرحلة من الرحمانية إلى كفر الحمايدة:
لقد وصلنا الآن إلى آخر تغيير حدث في محل هذا القسم، وإلى المرة الوحيدة التي فيها تقهقرت نقطة تحويل النهر من الشمال إلى الجنوب، ومن هذه النقطة صارت تؤدى الأعمال لغاية الوقت الذي جدد فيه محمد علي جريان هذه الترعة وأرجعها إلى العطف مرة أخرى.
قال المقريزي في خططه ج1 ص278:
ولم يزل الخليج فيه الماء طول السنة إلى ما بعد سنة 770ه (1368م)، فانقطع الماء منه وصار الماء لا يدخل إليه إلا في أيام زيادة ماء النيل فقط، ثم يجف عند نقصه، فتلف من أجل هذا أكثر بساتين الإسكندرية وخربت، وتلاشى كثير من القرى التي كانت على هذا الخليج - إلى أن قال - وقصد من أدركناه من ملوك مصر حفر هذا الخليج غير مرة فلم يتهيأ له ذلك، إلى أن كانت سلطنة الملك الأشرف برسباي، فندب لحفره الأمير جرباش الكريمي المعروف بعاشق، فتوجه إليه وجمع له من قدر عليه من رجال النواحي، فبلغت عدتهم ثمانمائة وخمسة وسبعين (875) رجلا، ابتدءوا في حفره من 11 شعبان (20 يوليه) لتمام 90 يوما، فانتهى عملهم ومشى الماء في الخليج حتى انتهى إلى حده من مدينة الإسكندرية، وجرت فيه السفن فسر الناس به سرورا كبيرا، وجبى ما أنفق على العمال في الحفر من أرباب النواحي التي على الخليج ومن أرباب البساتين بالإسكندرية. أ.ه.
ويبدو جليا أن عدد الرجال الذي ذكره المقريزي في عبارته السابقة لا يتفق قاطبة مع أهمية العمل الواجب تأديته في حفر هذا الخليج؛ ولذا لا يحتمل قبوله إلا مع التحفظ الشديد.
وبعد أن تمت أعمال هذا الحفر سميت الترعة في قسمها الجديد باسم الأشرفية تيمنا باسم السلطان الأشرف المذكور.
وقد ظل هذا الاسم إلى الآن علما على هذا الجزء من الترعة القديمة.
وزاد المقريزي على كلامه السابق فقال: فلم يستمر ذلك إلا قليلا حتى انطم (أي الخليج) بالرمل وتعذر سلوك الخليج بالمراكب إلا في أيام النيل فقط. أ.ه.
وظلت الترعة على هذه الحال إلى الوقت الذي باشر فيه الوالي محمد علي أعمال الحفر فيها، وذلك في سنة 1234ه (1818م).
ونحن نجعل لك فيما يلي المراحل التي مرت على حفر هذه الترعة منذ الفتح العربي إلى الزمن الذي أجرى فيه الوالي محمد علي أعمال الحفر فيها مع بيان مددها:
অজানা পৃষ্ঠা
المرحلة الأولى:
من الرافقة إلى كفر الحمايدة، وذلك من وقت الفتح العربي في سنة 20ه (641م) إلى سنة 330ه (942م )، أي 301 سنة.
المرحلة الثانية:
من شابور إلى كفر الحمايدة، وذلك من سنة 330ه (942م) إلى سنة 404ه (1013م) أي 71 سنة.
المرحلة الثالثة:
من الظاهرية إلى كفر الحمايدة، وذلك في سنة 404ه (1013م) إلى سنة 710ه (1310م) أي 297 سنة.
المرحلة الرابعة:
من العطف إلى كفر الحمايدة، وذلك من سنة 710ه (1310م) إلى سنة 826ه (1422م) أي 112 سنة.
المرحلة الخامسة:
من الرحمانية إلى كفر الحمايدة، وذلك من سنة 826ه (1422م) إلى سنة 1232ه (1816م) أي 394 سنة.
অজানা পৃষ্ঠা
ومما ينبغي ملاحظته أنه كان كلما انتقلت مرحلة من موضعها لا تتوارى الأخرى عن الأعين بل يبطل فقط استعمالها كطريق نهري أو مجرى مياه موصل للإسكندرية، ويقصر استخدامها على القيام بحاجات الناحية التي تمر منها.
وعلى هذا لما كانت المرحلة من شابور إلى أفلاقة توصل الماء إلى الإسكندرية كانت المياه تجري متجهة من القرية الأولى إلى الثانية، ثم لما انتقلت مرحلة الإسكندرية هذه من هذه الترعة رأيناها انقسمت إلى قسمين: فالقسم من شابور إلى دمنهور يوصل الماء إلى هذه المدينة الأخيرة، أي بنفس الاتجاه الذي كانت تتجه قبلا، بينما القسم الآخر تكونت منه ترعة جديدة سميت ترعة دمنهور تسير فيها المياه في اتجاه معاكس لسيرها في ترعة الإسكندرية الجديدة من أفلاقة إلى دمنهور، ومن ناحية أخرى فإن ترع هذه المراحل كلها ظلت باقية إلى أيامنا هذه.
القسم الثاني: من كفر الحمايدة إلى الكريون
إن هذا القسم لم ينقل البتة من موضعه منذ أقدم العصور إلى أيامنا هذه؛ أي من وقت ما وجد الفرع الكانوبي الذي في مجراه محل هذا القسم، وهذا المجرى هو أقدم المجاري التي شاهدتها مصر، وهو يتقابل الآن مع جانب من ترعة المحمودية في بعض جهاتها، ولكن الجزء الأكبر من هذا القسم ظل منعزلا عن هذه الترعة وقت أن أجرى حفرها الوالى محمد علي. والقسم الذي لم يدخل فيها ظل دائما أبدا بهيئة ترعة صغيرة مسماة باسم الناصري، ولقد يشعر الإنسان بشيء كثير من الأسف عندما يرى هذه الترعة الصغيرة، ويتذكر أنها تمثل الفرع الكانوبي العظيم الشأن، والذي كان أكبر أفرع النيل جميعها.
القسم الثالث: من الكريون إلى الإسكندرية
هذا القسم يشغل موضع ترعة شديا القديمة برمته التي استعيض عنها بترعة المحمودية الحالية عدا موضعين:
الأول:
الكيلومتر الأول بعد الكريون الواقع شمال المحمودية.
الثاني:
المسافة بين حديقة النزهة وملك أفيروف بين كيلو 69 وكيلو 71، وهنا مجرى الترعة القديم واقع جنوب المحمودية.
অজানা পৃষ্ঠা
هوامش
مذكرات ونبذ لبعض المهندسين وغيرهم عن ترعة الإسكندرية
(1) مذكرة لانكريه وشابرول
وضع مسيو لانكريه
Lancret
ومسيو شابرول
Chabrol
من مهندسي القناطر والجسور ومن علماء الحملة الفرنسية على مصر مذكرة عن ترعة الإسكندرية نشرت بالمجلد الثاني من كتاب: «وصف مصر»، لعلماء هذه الحملة، طبعة باريس سنة 1813م، من (ص185 إلى ص195)، وإليك ترجمة هذه المذكرة: «إنه لدى الاقتراب من الرحمانية ينقسم فرع رشيد إلى قسمين رأسيين، يتكون منهما سلسلة جزر يبلغ طولها من 1500 إلى 1800 متر. وأهم الفرعين هو الفرع الشرقي، وهذا الفرع يبقى صالحا للملاحة طول السنة، أما الآخر فقد كان الماء يظل به مدى السنة - على قول الأهالي - إلى ما قبل اثني عشر عاما لا أكثر، ومن بعد ذلك امتلأ بالردم لدرجة أن صار يجف من ثمانية إلى تسعة شهور في السنة، وعلى شواطئ هذا الفرع تقوم قرية الرحمانية.
وعلى فرع النيل هذا تقع أيضا فوهة ترعة الإسكندرية على بعد 1200 متر تحت الرحمانية، ويدخل الماء فيها من فوهتين مرتفعتين
متر تحت مياه النهر المنخفضة وتبعد الواحدة عن الأخرى 600 متر.
অজানা পৃষ্ঠা
وأقدمها هي الفوهة السفلى، وهذه تركت وبطل استعمالها؛ لأن التطهير المتوالي نجم عنه ارتفاع جسورها بحيث أضحى من غير المستطاع وصول الهواء إلى أشرعة المراكب، ولذا أقيمت الأخرى منذ 4 سنوات لتحل محلها.
وترعة الإسكندرية في الفرسخ الأول (4000 متر) من مجراها تشبه حفرة عرضها من خمسة إلى ستة أمتار حفرت لاتصال هذه الترعة بفرع رشيد، وذلك عندما انطم فرع الكانوب الذي كان في العصور الخوالي المصدر الذي تستمد منه هذه الترعة المياه.
ويرى الإنسان جزء الفرع الكانوبي القديم هذا على بعد 250 مترا من قرية محلة داود ،
1
ولا يفصل هذا الفرع عن الترعة في هذه البقعة إلا جسر سمكه 4 أو 5 أمتار. وعندما يتقدم الإنسان بعد هذه النقطة يرى الترعة تزداد في الاتساع والنظام، وتستمر على هذه الحالة إلى أن تبلغ قرية سماديس، حيث تأخذ في اتساع يبلغ متوسطه 50 مترا، ويظل هذا الاتساع مستمرا إلى ما بعد قرية أفلاقة؛ أي: مسافة فرسخين ونصف فرسخ (10000 متر)، وذروة ارتفاع جسوره فوق القاع أكثر من أربعة أمتار، على حين أن هذا القاع متر واحد تحت مستوى الأراضي المجاورة لها، وبهذه القطعة من الترعة كل سمات القدم، ففيها مواني على شكل نصف دائرة عرضها 80 مترا، وهذه حالة لا تدع مجالا للشك في أن هذا الموضع كان يموج في الزمن الغابر بأفواج المراكب وكثرة البضائع، وهذا الموضع هو الذي وقع عليه الاختيار أيضا في الوقت الحاضر لتكديس محاصيل مديرية البحيرة والسلع الأخرى التي يراد شحنها للإسكندرية.
وهو من ناحية أخرى واقع من القدم بجوار مدينة كبيرة - أعني دمنهور - التي حلت على ما يلوح محل مدينة هيرموبوليس بارفا.
وليس في الفرسخين التاليين (8000 متر) بعد ذلك شيء يلفت النظر، اللهم إلا بين قريتي زاوية غزال وقابيل، حيث تركت الترعة القديمة من زمن يسير، وحفرت ترعة أخرى ذات طول مستقيم وعمق منتظم.
وبعد قابيل يدخل الإنسان في بقعة تختلف كثيرا عن البقعة التي تقدمتها، إذ لم يعد يرى سهلا خصبا تزينه المزارع، وقرى عامرة منبثة في جوانبه، بل يقع نظره على مدائن مدمرة، وأرض بائرة، وخرائب غير مأهولة، ومناظر تفوق رهبتها رهبة الصحارى، وربما كان الباعث على ذلك أن هذا المنظر يعيد على الذاكرة حالة ازدهار سابق أدركها العفاء فأمست أثرا بعد عين.
ومتوسط اتساع ترعة الإسكندرية بعد قابيل في مسافة أربعة فراسخ متتالية (16000 متر) عشرون مترا، وجسورها في هذه المسافة تارة تكون مرتفعة ارتفاعا قليلا، وطورا يتراوح ارتفاعها بين 8 و10 أمتار، وهذا الجزء من الترعة أجمل الأجزاء منظرا، وأكثرها تناسقا في العرض والعمق، وفي الفرسخ التالي (4000 متر) أعني لغاية ليلوها - قرية السعرانية - تقريبا يحتفظ بنفس هذا الاتساع، ونفس هذه المساواة التي كان محتفظا بها قبلا، ولكن السهل الذي يكتنفه يأخذ في الانحطاط شيئا فشيئا إلى أن يصير مستواه في مستوى قاع الترعة، حتى إن هذا القاع يعلوه في كثير من المواضع، ولا يعود إلى الانخفاض تحت مستوى السهل إلا عندما يقترب من الإسكندرية بنصف فرسخ (2000 متر).
وبعد ليلوها (السعرانية) مباشرة تتسع الترعة فجأة، ويصير عرضها في مسافة نصف فرسخ (2000 متر) 100 و200 بل 250 مترا، وجسورها لا تكاد ترتفع إلى مترين، أما من جهة المتانة فليست على شيء منها، حتى إن الماء ليرشح من جوانبها، وبعد ذلك تضيق كثيرا، وعندما تجاوز (قرية البيضاء) يصير عرضها 5 أمتار فقط، وارتفاع جسورها أكثر من 7 أمتار، والرمال المتحركة تغطيها، وتهدد الترعة بأن تطمها طما وتردمها ردما، والترعة في هذه البقعة تقع على مسافة متوسطة من بحيرة أبي قير قدرها 100 متر، وبعد ذلك تبتعد عنها، وفي فسحة فرسخ (4000 متر) تشبه في النظام والمساحة المسافة التي قبل ليلوها (السعرانية) تقريبا، وتدنو من البحيرة قبيل طرفها الغربي، وتحصرها عن كثب بحيث تصير لا يفصلها عنها إلا جسر من الأحجار سمكه من 6 إلى 7 أمتار.
অজানা পৃষ্ঠা