উন্মাদের ইতিহাস: প্রাচীন যুগ থেকে আজ অবধি
تاريخ الجنون: من العصور القديمة وحتى يومنا هذا
জনগুলি
3
إن نظرية الأبخرة، التي جعلت الهستيريا تحظى بكل هذا الاهتمام والعناية، قد وضعت لرصد مظاهر هذا المرض التي لا يمكن التنبؤ بها. بعد شارل لوبوا (1563-1633)، كان سيدنهام، بالإضافة إلى ويليس، واحدا من أوائل المدافعين عن الأصل الدماغي للهستيريا التي لم تعد، وفقا لما كانت قد ساقته نظرية الرحم المتجول، حكرا على النساء. في الواقع، كان لا بد من الانتظار قرنين حتى تعتمد الكلية بشكل رسمي مفهوم الهستيريا الذكورية. أما عن الثاني؛ أي توماس ويليس - طبيب سريري وعالم متخصص في تشريح الجهاز العصبي - فقد أعد أول خطاب عقلاني ومتسق في الوقت نفسه حول الباثولوجيا النفسية،
4
واضعا حدا لمسألة الشيطانية، ورافضا العلاقة السببية بين الركيزة الخلطية والجنون، ونابذا الطابع الديكارتي الميتافيزيقي للنفس والعقل. يرى ويليس أن العقل كف عن أن يكون مطلقا، وحلت الوظيفة (دور أحد الأعضاء وعمله) محل الملكة (العقل).
5
وقد طرح ويليس أيضا، بعد أريتايوس وروفوس الأفسسي، احتمالية وجود روابط بين الهوس والسوداوية.
شهد القرن الثامن عشر، المختلف اختلافا جوهريا، ظهور ظروف مواتية لبزوغ فكر علمي جديد. بعد ديكارت ونيوتن، أصبحت الطبيعة تكتب بلغة الرياضيات. وكما يؤكد فولتير، ليس من الملائم بالنسبة إلى هذا القرن المستنير أن يتبع خطى هذا الفيلسوف أو ذاك؛ فلا وجود بعد الآن لمؤسس مذهب معين، وإنما المؤسس الحقيقي هو البرهان. ها قد أتى العصر الذي شهد بزوغ نجم لافوازييه وبوفون، ولينيه وكوفييه، الذين شرعوا عن طريق وضع تصنيفات واسعة في تنظيم الطبيعة. حذا الأطباء حذو الباحثين في علم التاريخ الطبيعي وخاطروا بوضع أولى التصنيفات الكبرى للأمراض. أقدم فرانسوا بواسييه دو سوفاج - طبيب من مونبلييه - على الخطوة الأولى من هذا النوع حين أصدر في عام 1732 مقالاته البحثية الأولى تحت عنوان «صنوف جديدة من الأمراض»، ثم وردت هذه التصنيفات من جديد بشكل موسع في كتابه الصادر عام 1763 تحت عنوان «علم تصنيف الأمراض المنهجي». يحتوي هذا المؤلف على وصف لما لا يقل عن 2000 مرض؛ حيث جرى تقسيم هذه الأمراض إلى فئات، ورتب وأنواع. خصصت إحدى الفئات العشر - القسم الثامن - ل «الذهان العقلي أو الجنون على اختلاف أشكاله وأنواعه: ويقصد به الخلل العميق نوعا ما، الذي يصيب ملكات الفهم والإدراك.» نجد في الفئة الأولى الهلاوس أو الضلالات الذهنية «التي يجب أن تنشأ عن عيب بعضو ما خارج الدماغ، ومنه تأتي الضلالات التي تصيب المخيلة.» يندرج تحت هذه الفئة الدوار، والغشاوة، والعثرة، والارتباك (طنين بالأذن يرافقه هلاوس سمعية يعاني منها الشخص المصاب)، وعصاب توهم المرض والسرنمة. في الرتبة الثانية، نجد الكآبة والمزاج العكر [غرابة الأطوار] التي تتجلى في صورة «شهوة منحرفة أو اشمئزاز وكراهية شاذة». يندرج تحت هذه الرتبة، القطا (الرغبة الملحة طويلة المدى في اشتهاء أكلة واحدة أو أكثر من المواد غير الصالحة للأكل لمدة شهر على الأقل) أو شهوة الغرائب [اشتهاء مواد غير صالحة للأكل بشكل مرضي]، والنهام أو الشره المرضي، والعطاش النفسي المنشأ [العطش المفرط]، والنفور، والحنين أو الشعور بالغربة، والرهاب الشامل [الهلع]، والشبق، والغلمة أو شدة الشهوة الجنسية عند الإناث التي يطلق عليها (الاهتياج الرحمي)، والرقوصة [مرض عصبي كان سائدا في جنوب إيطاليا، ويظهر في صورة رقص هستيري متنوع، وتسببه لدغة حشرة الرتيلاء]، ورهاب الماء أو داء الكلب. نجد في الرتبة الثالثة الهذيانات التي تعرف على أنها «أرق أو تشويش في الحكم على الأمور منشؤهما خلل في الدماغ.» يندرج تحت هذا التصنيف الهذيان (نقلة أو اغتراب، بمعنى هذيان عابر يحدث بفعل السم أو غيره من الأمراض)، والهبل أو العته، والسوداوية، والهوس (الجنون) وهوس الشياطين. سوف نلاحظ أن بواسييه دو سوفاج قد صنف بحكمة، على غرار ابن سينا، أنواع الجنون الرئيسة ووضعها في الرتبة ذاتها. وأخيرا، تأتي الرتبة الرابعة التي تشمل أشكال الجنون اللانمطية (ذهان عقلي شاذ) المتمثلة في فقدان الذاكرة والأرق. تنقسم كل فئة بدورها إلى العديد من الفئات الفرعية؛ حيث يشتمل العصاب المراقي (عصاب توهم المرض) على عشر فئات فرعية، والعته على اثنتي عشرة فئة فرعية، ويندرج تحت السوداوية - بما أن لكل مقام مقالا - أربع عشرة فئة فرعية.
كانت هذه التوصيفات المرضية العامة تعاني تارة من ارتباطها بشكل حصري بمبحث الأعراض (بواسييه دو سوفاج، أو كولين، كان هو أول من استخدم في عام 1769 مصطلح العصاب للدلالة على الأمراض غير المصحوبة بالحمى أو بالآفات الموضعية)، وتارة من كونها «سيكولوجية» (على سبيل المثال، ميز فايكهارد في عام 1790 بين نوعين من الجنون: جنون العاطفة وجنون العقل). وقد حاول مؤلفون قليلون، مثل توماس أرنولد في إنجلترا،
6
التوفيق بين الاتجاهين.
অজানা পৃষ্ঠা