উন্মাদের ইতিহাস: প্রাচীন যুগ থেকে আজ অবধি
تاريخ الجنون: من العصور القديمة وحتى يومنا هذا
জনগুলি
ومرة أخرى، يبدو أن الاعتقالات التي تمت بموجب أمر ملكي بعيدة عن أن تشكل أغلبية، وهكذا تأكد من جديد بما لا يدع مجالا للشك أن الإيداعات المباشرة من قبل العائلات والمجتمعات المحلية هي السبب الرئيس وراء أغلبية حالات الاحتجاز، حتى حينما يتعلق الأمر «بعريضة موقعة من عدد كبير من المواطنين». بل إنه في العديد من المؤسسات الصغرى، كانت الأوامر الملكية تشكل استثناء.
لجنة التسول
بالتزامن مع إلغاء الأوامر الملكية، وضعت أملاك الإكليروس تحت تصرف الأمة (نوفمبر 1789)، وفي المقابل تولت هذه الأخيرة، ضمن أمور أخرى، مسألة المساعدة العامة وتكفلت بها. يأتي هذا الإجراء أيضا كنتاج للحركة الخيرية الإنسانية التي انطلقت منذ عشرين عاما، والمرتبطة بالفكرة المتكررة التي تقول بأن المساعدة، باعتبارها ليست إحسانا وإنما واجب، تقع على عاتق الدولة. ومن ثم، فإن فكرة تقديم مساعدة عامة ذات صبغة علمانية تغذيها الضريبة وليس الصدقة - مع العلم بأنها ليست بالفكرة الثورية (بمعنى أنها لم تخرج من رحم الثورة) - فرضت نفسها بقوة. وهو الغرض الذي من أجله تأسست لجنة التسول في مطلع عام 1790. كان أعضاء هذه اللجنة جميعهم - والبالغ عددهم 19 عضوا - بدءا برئيسها لاروشفوكو ليانكور؛ أنصارا لتيار العمل الخيري ومساعدة الغير، وكانوا يناضلون لمكافحة البؤس. وقد كان أحد هؤلاء الأعضاء، وهو الأب دو كولمييه - نائب طبقة الإكليروس في باريس - مديرا لدار شارنتون.
تخطى اختصاص اللجنة - على الرغم من اسمها - مسألة التسول التي كانت تعد دوما مشكلة مؤرقة، ليشمل أمورا أخرى؛ إذ كلفت الجمعية الوطنية أعضاء هذه اللجنة «بأن يقدموا إليها مقترحات بشأن قوانين لتطوير المشافي، ودور الاحتجاز الجبري والسجون.» وقد عقدت سبعون جلسة حتى انتهاء عمل الجمعية التأسيسية في الثلاثين من سبتمبر 1791. كان من الضروري أولا تحديد فئات المعوزين المستحقين للعون وتقييم الوضع في المنشآت، بدءا بالمؤسسات الاستشفائية في العاصمة. وقد كانت هناك حوالي عشر مؤسسات تابعة للمشفى العام وحده. فقد كان بمنزلة «آلة ضخمة» تعمل على إغاثة ما يقرب من 12 ألف شخص. وقد احتلت العديد من الفئات الأولوية على الجنون، وأتى على رأس القائمة الأطفال اللقطاء أو المهجورون. فقد كان مشفى باريس العام يستقبل سنويا ما بين 5 آلاف و6 آلاف طفل لقيط، وكان ثلثاهم يموتون خلال الشهر الأول.
ذهبت اللجنة في زيارتها الأولى إلى بيستر. وسلط الضوء من جديد على أوجه القصور - التي أدينت منذ ما قبل الثورة - مع التركيز على البطالة العامة. وقد كونت اللجنة انطباعا طيبا فيما يتعلق بالمجانين (الذين تفاوتت الأسماء التي أطلقت عليهم، ما بين «مختلين عقليا» وفقا للتعبير الذي كان سائدا في عهد النظام القديم، ومصطلح «المرضى عقليا» الذي لم يكن قد فرض نفسه بعد ولكنه أصبح أكثر تداولا) البالغ عددهم 219 شخصا، بالإضافة إلى 89 أبله، جميعهم كان «ينظر إليهم على أنهم غير قابلين للشفاء منذ وصولهم إلى الدار». وتبين وجود حالات شفاء (بلغت نسبتها حوالي الخمس) من بين أولئك الذين تم إرسالهم للعلاج في المشفى الرئيس بالمدينة، وأيضا أولئك الذين، في ظل غياب أي طرق علاجية أو أدوية، «منت عليهم الطبيعة بنعمتها». لقد بدأ مجانين بيستر «يستعيدون الهدوء والوداعة في سلوكهم»، أما أولئك الذين لم يكونوا مصابين بالهياج، فقد كانوا يمنحون حرية التنزه في الأفنية الجيدة التهوية. «عشرة فقط كانوا مقيدين بالسلاسل يوم زيارتنا». أما عن الحجرات، «فهي ليست بالسيئة بالنسبة إلى رجل واحد» (بيد أن الحجرة الواحدة يتشاركها اثنان). الأمر الوحيد الذي جرى استنكاره وشجبه بشدة هو تلك الممارسة التي كانت سائدة هناك، والمتمثلة في وضع بعض الجانحين أو مرضى الصرع على سبيل العقاب في عنابر المجانين (ما لا يقل عن 50 شخصا كانوا على هذه الحال في يوم التفتيش).
أما بخصوص زيارة سالبيتريير - تلك المؤسسة التي بدا بشكل عام عدم السيطرة عليها نظرا لاتساع المكان - فمن الواضح أنها تركت انطباعا سلبيا ولم ينل هذا المشفى استحسان اللجنة فيما يتعلق بالمجنونات البالغ عددهن آنذاك 550 مختلة عقليا. «حال المجنونات هنا (أي في سالبيتريير) أسوأ بكثير من حال المجانين في بيستر؛ فالهواء داخل الحجرات القديمة ملوث ونتن الرائحة، والحجرات صغيرة، والأفنية ضيقة. كل شيء في حالة محزنة من الإهمال لدرجة تفوق حد التصور ... كل أنواع الجنون بأشكاله المختلفة مختلطة بعضها ببعض: فالمجنونات المقيدات بالجنازير (وهن كثيرات) مجتمعات في مكان واحد مع المجنونات الهادئات المسالمات، وأولئك اللواتي تنتابهن نوبات غضب عارم وهياج شديد كن تحت أعين أولئك اللواتي يتحلين بالهدوء. منظر التلوي، والهياج، والغضب، والصرخات، والصياح المتواصل، كل ذلك يحرم تماما من الراحة جميع أولئك اللاتي هن في أمس الحاجة إليها، ويجعل النوبات المرافقة لهذا المرض الرهيب أكثر تكرارا، وأشد عنفا، وأشد قسوة وأكثر استعصاء. في تلك الدار، لا يوجد في النهاية أي نوع من أنواع الرفق، أو التعزية، أو العلاج. تم بناء حجرات جديدة أكبر قليلا وأفضل من حيث التهوية، وأقل عرضة للتلوث، ولكنها كانت لا تزال خاضعة للنظام نفسه السائد، وبالتالي لم تحل المشكلة من جذورها وبقيت المساوئ وأوجه القصور الجوهرية على ما هي عليه. وجدنا 22 من المجنونات، الهادئات إلى حد ما، ينمن في أحد عشر سريرا، بالإضافة إلى 44 من البله كن ينمن أيضا مثنى. وقد كانت القاعات غير نظيفة وخالية من الهواء النقي المتجدد.»
فيما بين عامي 1786 و1789، قام شارل فرانسوا فييل - المهندس المعماري للمشفى العام ثم لبيوت الإيواء في باريس - ببناء حجرات جديدة في مؤسسة سالبيتريير الاستشفائية. وكان يتعين للمرة الأولى إيواء ألف مريضة عقليا وفقا للمتطلبات الصحية الجديدة التي كان ينبغي مراعاتها: أنشئت 257 حجرة و6 مهاجع مقسمة على أجنحة متباعدة بشكل كاف بعضها عن بعض، في سياق تنظيمي متماثل، وتم الشروع في تصنيف المرضى إلى أربعة قطاعات (مختلات عقليا في مرحلة المعالجة، «مجنونات مصابات بالهياج، ومختلات عقليا لا أمل في شفائهن»، مجنونات مصابات بالجرب وبالصرع، مريضات ميئوس من شفائهن وبلهاوات). إزاء النقد اللاذع الذي وجهته لجنة التسول لمؤسسة سالبيتريير، ولا سيما بسبب اكتظاظ الحجرات، وأيضا بسبب عدم هدم الحجرات القديمة؛ لم يكن من المستغرب الاحتجاج على الصورة الرومانسية الجميلة وشبه المثالية التي قام برسمها فيليب بينيل، بعد عشر سنوات، لمستشفى سالبيتريير. فها هو يتحدث عن الفناء الذي يحوي فسقية وصفين من أشجار الزيزفون، والمختلات عقليا «اللائي تنعم كل واحدة منهن بالمكوث في غرفة منفصلة»، والمريضات عقليا المسالمات اللواتي يتنزهن بحرية، والمصابات بالخرف الشيخوخي اللائي يجري الاعتناء بهن ورعايتهن بواسطة «فتاة مسئولة عن الخدمة تحرص على تلبية احتياجاتهن وتهتم بنظافتهن»، والمهاجع الرحبة بما يكفي لتهيئة مساحات متباعدة بين الأسرة «التي تشع نظافة ...»
طالبت لجنة التسول في تعليقاتها الختامية أن يراعى في المؤسسات الخيرية التي سيتم إنشاؤها، «الاهتمام بشكل أكثر رفقا وحنوا، على وجه الخصوص، بمصير هؤلاء التعساء الذين يعانون - إذ تدهورت حالتهم حتى انتهت بالعودة بهم إلى أنبل وأطهر جزء فيهم، وإذ أصبحوا لعبة تحركها مخيلة مريضة - أبشع أنواع الشقاء الإنساني وأشدها ترويعا.» طالما وضعنا السلامة العامة - تستطرد اللجنة - في مقدمة أولوياتنا. لم يبذل أي جهد في هذا البلد من أجل شفاء المجانين، خلافا لإنجلترا، وإيطاليا وإسبانيا. إحياء للرؤية المثالية حسب تصور النظام القديم، أوصي في المقام الأول بتقديم المساعدات المنزلية، ولكن هذه المرة في إطار التقسيم الجديد إلى مقاطعات بالنسبة إلى الريف وإلى «أحياء» (الحي يعادل دائرتين إداريتين) بالنسبة إلى المدن، مع ضرورة تعيين طبيب مختص بمعالجة الفقراء في كل قطاع.
بالإضافة إلى ذلك، تقرر «إنشاء مشفيين لعلاج الجنون» في باريس. وبالمثل، اقترحت اللجنة، أن يتم - في العاصمة أيضا - إنشاء مشفيين للمصابين بالأمراض التناسلية، ودارين للنقاهة، وثلاث دور للمسنين والعجزة، ودار للأطفال اللقطاء، بحيث يكون كل هذا تحت اسم الأمراض الكلاسيكية. علاوة على ذلك، اقترحت اللجنة تخصيص مؤسستين أخريين للمتسولين والمتشردين. بدا أن علاج الجنون في المشفى الرئيس بالمدينة لم يعد ممكنا؛ نظرا للازدحام والخلطة بين المرضى من شتى الأنواع وعدم الاهتمام بالرعاية الفردية. وكان من المقرر أن يتم إنشاء المشفيين المختصين بعلاج الجنون في موقع بعيد عن وسط العاصمة؛ حيث بدا أن «الهدوء والبعد عن أي ضوضاء شرطان أساسيان للشفاء من هذا المرض القاسي.» هذا فضلا عن تخصيص مبان للمرضى القادرين على الدفع. وهكذا فإن هذه المؤسسات «لن تكلف الدولة شيئا»، وفي المقابل تستمر هذه الأخيرة في التكفل بالمرضى المعوزين. وقد كان من المقرر أن يخصص أحد هذين المشفيين للمجانين غير القابلين للشفاء؛ «إذ تتم معاملة المرضى بمنتهى الرقة واللطف، وإذ يخضعون للإشراف الدقيق والمتابعة النشطة على الدوام لكل ما يطرأ على حالتهم من تغيرات، فإن الكثيرين ربما يدينون لتلك الرعاية بالفضل في هذا الأثر المحمود وغير المتوقع لمعالجتهم [بمعنى أسلوب التعامل معهم]. أما بالنسبة إلى أولئك الذين تبقى حالتهم على ما هي عليه دون أدنى أمل في الشفاء - وهم كثر - فسيتمتعون على الأقل بكل تلك التجهيزات، ووسائل الراحة والتعزية المتوافقة مع حالتهم، والتي من شأنها إشعارهم بآدميتهم، وهو ما يعد واجبا على المجتمع الإنساني نحوهم.»
وفيما يتعلق بالمشفى المقرر تخصيصه لمعالجة الجنون، فلم يذكر أي شيء بشأنه. ومع ذلك، بدأ الحديث عن شارنتون. خلصت لجنة التسول إلى أن الرهبان الذين يعتنون بالمجانين في شارنتون «يولونهم أكبر قدر من الرعاية والاهتمام، ويسعون بكل الوسائل إلى جعل بقائهم في الحجز مريحا قدر الإمكان وفق ما تقتضيه وما تسمح به حالتهم»؛ ومن ثم «تستحق هذه المؤسسة كل تقدير وإشادة». في ديسمبر 1790، قام ثلاثة مفوضون من بلدية باريس بجولة تفتيشية لاحقة لتفقد مؤسسة شارنتون، بناء على طلب لجنة الخطابات المختومة التي تلقت شكاوى بخصوص عمليات اعتقال تعسفية أو حجز متعنت، فضلا عن ذلك، «كان ثمة ادعاءات بأن الزنازين غير صحية، وقذرة وبشعة». ولكن التقرير المطول الناتج عن هذه الزيارة لم يكف بدوره عن الإشادة بدار شارنتون والثناء عليها. وقد فندت الاتهامات واحدا واحدا. أولئك «الذين لم يروا عن قرب مآسي إنسانية تأثروا لدرجة جعلتهم يروون أمورا مجافية للحقيقة»؛ «ولذا ليس من المستغرب ظنهم بأن تلك الغرف، ذات القضبان الحديدية والأقفال التي يقيم بها المهووس المحبوس، زنازين غير صحية وشنيعة.» في موضع آخر، أشيد بالنظام الممتاز للدار: موقع جغرافي متميز، طعام ممتاز وصحي ومتنوع، نزه، عدد كبير من الموظفين، ناهيك عن «الرهبان المستنيرين والمؤهلين منذ فترة طويلة لتقديم خدمات الرعاية والقيام بالواجبات الشاقة.» باختصار، «لماذا لا تشيد الأمة مؤسسة جديرة بعظمتها ولا سيما بإنسانيتها؟»
অজানা পৃষ্ঠা