উন্মাদের ইতিহাস: প্রাচীন যুগ থেকে আজ অবধি
تاريخ الجنون: من العصور القديمة وحتى يومنا هذا
জনগুলি
ومن وقت لآخر، تكشف السجلات الطبية للمشافي الرئيسة عن دخول حالات من فاقدي الرشد. في مشفى مولن، ورد في سجلات الحسابات الخاصة بنهاية القرن الرابع عشر بعض النفقات التي صرفت لرعاية المجانين على النحو التالي: 30 فلسا (عملة نقد معدنية) «لتغذية، وإشباع، وإعالة رجل مسكين وفقير مجنون وفاقد لعقله»، أيضا أنفق مبلغ 20 فلسا لعمل سرير صغير لتنام عليه راهبة «مصابة بجنون الهياج [و] لتقييدها إليه». في مشفى باريس، خصص للمختلين عقليا أسرة معينة مغلقة بالكامل بحيث تكون شبيهة بالزنزانة، مع عمل نافذة صغيرة لمراقبة المريض وأخرى كبيرة لتقديم خدمات الرعاية الطبية والتغذية. كما تم تزويد بعض الأسرة الأخرى بأحزمة قوية (لتقييد المريض عند الضرورة). كان الاهتمام منصبا بشكل عام على التفكير في كيفية احتواء المريض والسيطرة على هياجه. «يقتضي الطب، كما يقول بارثولوميوس الإنجليزي، وهو اختصاصي في تبسيط العلوم في القرن الثالث عشر، أن يقيد المجانين حتى لا تكون هناك ذرة شك في إمكانية إيذائهم لأنفسهم أو للآخرين.» وهذا لا يعني التعامل بقسوة من باب التخاذل في رعاية المريض، وإنما كإجراء وقائي لاستحالة مراقبته بصفة مستمرة.
واعتبارا من القرن الرابع عشر الميلادي، بدأ ظهور «التخصص» في أقسام المنشآت الكبرى؛ ففي ألمانيا، كان يجري في بعض الأحيان تخصيص أقسام بالمشافي الجديدة للمجانين على النحو التالي: مأوى المجانين في إلبلاج، على أرض الفرسان التيوتونيين، وحظيرة المجانين (حرفيا «زريبة المجانين ») في مشفى إرفورت، وزنزانة للمجنون في مشفى هامبورج. بعد مرور مائة عام، في سنة 1471، أنشأت بلدية بامبرج، في فرنكونيا، «منزلا للأفراد فاقدي العقل». في إنجلترا، ينص الميثاق التأسيسي لمشفى الثالوث الأقدس في ساليزبري على «أن يوضع المجانين في مكان آمن حتى يستعيدوا رشدهم.» ولكن، يجب أن نأخذ في الاعتبار، لدى قراءة ذلك الإعلان الذي تظهر فيه نبرة الفخر، العدد المحدود للغاية (ستة) للمجانين المحتجزين بمشفى سانت ماري بلندن، وهو الذي سيعرف فيما بعد، في عام 1403،
3
باسم «مصحة الأمراض النفسية والعقلية». في إسبانيا، تم إنشاء ملاجئ خاصة للمجانين بواسطة «مساهمات فاعلي البر والإحسان» [الجمعيات الخيرية]، أطلق على هذه المصحات اسم مشافي الأبرياء وبنيت في فالنسيا وفي إشبيلية. وليس هناك ما يؤكد على الإطلاق وجود مشاف، في العصور الوسطى، حتى وإن كانت محدودة المساحة، مخصصة بشكل حصري للمصابين بأمراض عقلية. ومع ذلك، سوف نجد أن بعض المشافي، مثل مشفى فالنسيا وإشبيلية وهامبورج (1375) وغيرها، قد تباهت فيما بعد - كل على حدة - بحمل لقب «أول مصحة للأمراض النفسية» في أوروبا.
إذا كانت نهاية العصور الوسطى قد شهدت ظهور مصطلحات جديدة فيما يتعلق بالمشافي، وذلك مع الاتجاه نحو «التخصص»، و«علمنة» الوظائف وتقديم مزيد من الخدمات الطبية والصحية؛ فإن الطبيب قلما كان موجودا في المشافي التي أنشئت في العصور الوسطى؛ فلم يكن يشكل ركنا أساسيا من أركان المؤسسة الطبية. وإذا أردت أن ترى طبيبا وهو يمارس مهام عمله، فلتبحث عنه في مكان آخر، «في المدينة»؛ حيث ستجده مشغولا بتقديم خدماته لقلة نظير أجر، أو مكرسا كل وقته وجهده للعمل كطبيب خاص لإحدى الشخصيات من ذوي النفوذ. إن واجب المحبة يفرض على الطبيب معالجة الفقراء بالمجان، ولكن هل من الوارد أن تقوم أي أسرة باستدعائه دون أن تكون قادرة على دفع أجرته، بل ودفع تكاليف الأدوية التي لم تخل منها حقبة العصور الوسطى؟ وفي الواقع، زخرت هذه الفترة بالعديد من المؤلفات في مجال الصيدلة، نذكر منها على سبيل المثال كتاب «فضائل الأعشاب» أو كتاب «مخزن الدواء والترياق» لنيكولاس ساليرنيتانو، الذي توالت طبعاته منذ القرن الثالث عشر الميلادي، بالإضافة إلى نسخة شبه رسمية من الأقرباذين؛ أي دستور الأدوية المعروفة في ذلك الزمن.
الهوس، السوداوية، الصرع، النوام، كل هذه الأمراض نجد لها أدوية، وبأنواع متعددة: مواد مستخلصة بالإغلاء، نقيع، شراب، حبوب أو أقراص، وكذلك زيوت، مراهم، لبخات، لزقات طبية توضع على رأس حليق، ومعطسات [أدوية مسببة للعطس]. وتنقسم أدوية الجنون الموروثة عن العصور القديمة إلى نوعين كما يلي: المهدئات والأفيون والمغد (جنس من النباتات من الفصيلة الباذنجانية) مثل اليبروح أو البلادونا؛ والمقويات أو المنشطات مثل الأفسنتين، والينسون، والقراص، والنعناع البري، والكزبرة، والقويسة أو المريمية، والهال، وغيرها. كانت هذه النباتات، والتي نادرا ما تستخدم وحدها دون إضافات أخرى، تدخل في تركيب مستحضرات طبية معقدة. فعلى سبيل المثال، يدخل في تركيب الدواء المضاد للكآبة أو السوداوية ما لا يقل عن مائة مادة، من بينها مسحة من مادة مستخلصة من أنواع من الصراصير في بيزنطة. وتندرج المعطسات المضاف إليها الفلفل تحت فئة المقويات أو المنشطات (وليس كما قد نتخيل، فئة الأدوية المفرغة). نضيف إلى ما سبق مضادات التشنج التي تؤخذ في صورة لعوق عن طريق الفم [مستحضر طبي طري أو لين كالمعجون]، وكان يجرى تركيبها من خلال وصفات معقدة، ولكنها كانت تحتوي دائما على عنصر أساسي؛ وهو إفرازات القندس (وهي مادة مستخلصة من الغدد التناسلية لحيوان القندس الواقعة بجوار الخصيتين)، أو المسك (ويستخلص من غدة كيسية في بطن نوع من الظباء يسمى غزال المسك). وأخيرا، نضيف إلى القائمة الأدوية المفرغة؛ نظرا لاستمرار الاعتقاد في نظرية الأخلاط البشرية. وفي بعض الأحيان كان يوصف الخربق الأبيض والخربق الأسود (الأقل حدة) معا كدواء مضاد للسوداوية، ولكنهما لم يحققا نجاحا كبيرا، ولم يلقيا الاهتمام نفسه مثلما حدث في العصور القديمة؛ فقد ظهر منافس آخر لهما، وهو الأدوية المقيئة مثل الجوز المقيئ، وفطر الغاريقون، وجذر زهرة البنفسج، وغيرها. ولكن ابتداء من عصر النهضة، انتقل الخربق تدريجيا إلى مجال الصور الاستعارية والمجازية. فها هو المعلم تيودور «يجري عملية تطهير وفقا للقواعد المتبعة» للشاب جارجانتوا باستخدام «خربق من مدينة أنتيسيرا»؛ حتى يخلصه بهذه الوسيلة من أي «تشويه أصاب المخ أو أي عادة سيئة استقرت به.» وعلى الرغم من ذلك، ظل هناك مؤيدون من بين الأطباء لاستخدام الخربق.
كما أدرجت أدوية أخرى، وهي مضادات التشنجات التي كان يتم إعدادها عن طريق الاستخلاص بالإغلاء أو الحقن الشرجية، بالإضافة إلى استخدام العلقات، وعمليات الفصد، في قائمة العلاجات المفرغة. وفيما يتعلق بعمليات الفصد، فقد كانت شائعة للغاية في القرون الأخيرة من العصور الوسطى، وكانت خاضعة لقواعد صارمة، وفقا لسن المريض والموسم ومرات تكرارها. على سبيل المثال، اختيار الوريد الذي يشق لإجراء عملية الفصد، يختلف تبعا لحالة المريض، إذا كان مصابا بالسوداوية أو مصابا بجنون الهياج.
ولم تتوقف أدوية الجنون عند هذا الحد، بل نجد أيضا المعالجة المائية، سواء بحمامات الماء الساخن أو الفاتر أو البارد، ورغم أنها لم تنل الاهتمام نفسه الذي نالته في العصور الوسطى، فالأطباء كانوا يصفونها كعلاج للاضطرابات العقلية؛ فقد كتب جيلبرت الإنجليزي (القرن الثالث عشر الميلادي) أنه «في جميع الأحيان، يعتبر الحمام مفيدا بالنسبة إلى مرضى السوداوية؛ لأنه يبدد الأبخرة التي تحيق بهم وتعذبهم، مما يطرد الأخلاط الزائدة ويصحح المزاج.» كما أخرج هذا الطبيب نفسه من إطار التفكير النمطي حينما نصح بأن يجرى إيقاظ المصابين بالنوام عن طريق الصراخ في آذانهم مع نطق اسمهم والنفخ في البوق و... جر إناث الخنازير من أرجلها أمام أسرة المرضى.
هكذا نقترب من الطرق العلاجية القوية التي ستبلغ فيما بعد، مع تقدم طب الأمراض النفسية، أوج «مجدها». يقترح أرنو دي فيلنوف إجبار المصابين بالهوس على البكاء إما بتخويفهم وإما بضربهم بالسوط أو بالعصي. عمليات الكي [بإحداث شق على شكل علامة الصليب] التي تجرى على رأس حليق، يمكن تمديدها، في الحالات القصوى وخاصة في نوبات الصرع المتكررة، بإجراء عمليات ثقب لعظام الجمجمة. وأخيرا، كما كتب بارثولوميوس الإنجليزي «إذا كانت عمليات التطهير أو العلقات الطبية غير كافية، نلجأ حينئذ إلى فن الجراحة لشفاء المرضى .»
بعيدا عن هذه الحالات القصوى، نجد كل النصائح المتوارثة من العصور القديمة فيما يخص قواعد الحفاظ على الصحة والنظافة، واتباع أنظمة غذائية متوازنة، وممارسة التمارين البدنية بشكل معتدل، ومقاومة أفكار الهوس والهذيان، والعلاج بالموسيقى. وقد كان «العلاج النفسي» أقل حظوة في العصور القديمة. نجد أن الشخص المصاب بالسوداوية، إضافة إلى اتباع نظام غذائي، وتناول العقاقير، والخضوع لعمليات الفصد، وتهيئة مناخ ملائم له وموسيقى مفرحة؛ كان ينصح قبل كل شيء بالخضوع لمعالجة سيكولوجية. غير أنه في العصور الوسطى كان الاهتمام منصبا على العلاج الجسدي أكثر من «المعالجة النفسية»؛ لأن هذه النصائح كانت تسدى إلى المريض من أجل «تدفئة القلب والمخ والكبد».
অজানা পৃষ্ঠা