উন্মাদের ইতিহাস: প্রাচীন যুগ থেকে আজ অবধি
تاريخ الجنون: من العصور القديمة وحتى يومنا هذا
জনগুলি
قسم ابن سينا الأمراض المسببة لحدوث اضطرابات عقلية إلى ثلاث مجموعات. تشمل المجموعة الأولى التهابات جزء من المخ وهو ما يسبب النوام وجنون الاهتياج (ما كان يطلق عليه قديما التهاب الدماغ). وبالنسبة إلى هذا النوع الأخير من الجنون، تحدث ابن سينا عن أحد أشكاله، وهو فورة الغضب التي يشبهها ب «هوس يرافقه اهتياج». وتشمل المجموعة الثانية الأدواء التي تحدث خللا في القدرات العقلية مثل: الجنون أو تشوش العقل، وتلف الذاكرة، وفساد المخيلة، ثم الهوس، والسوداوية (الملنخوليا)، وتوهم الذئبية، والحب (وقد ورد هذا الأخير، بوصفه شكلا من أشكال المرض، في الجدول العربي لتوصيف الأمراض بعد أن سبق ذكره في العصور القديمة). وفي النهاية تأتي المجموعة الثالثة وهي تشمل الأمراض المسببة لاختلال حركي مثل الدوار والصرع. ونلاحظ في هذا التصنيف، أن جميع الأمراض العقلية (أي تلك الأمراض المفهرسة في العصور القديمة) مذكورة عمليا ضمن أمراض الفئة الثانية. وتقسم الأمراض العقلية وفقا لثلاث ملكات عقلية؛ وهي: الذاكرة، والخيال، والحكم على الأمور. ولكن هذه الملكة الأخيرة تشتمل وحدها على مفهومين رئيسين، وهما: الهوس والكآبة.
بعد صدور النسخة المترجمة من الكتاب الشهير «مسائل أرسطوطاليس الطبيعية، الجزء 30» في القرن الثالث عشر الميلادي لمؤلفه أرسطو، وهو الكتاب الذي ذكر فيه أن أصحاب العقول العظيمة الذين يتميزون بالتفكير الخلاق والإبداعي هم من ذوي المزاج السوداوي؛ ازدهرت السوداوية في الغرب إبان العصور الوسطى، وذلك بعد أن كانت قد نالت اهتماما كبيرا من قبل الأطباء والفلاسفة العرب. وبدأت السوداوية المرضية (الملنخوليا) تحتل، أكثر فأكثر، مكانة متميزة على ساحة الاغتراب العقلي، خصوصا أن المفكرين في العصور الوسطى كانوا يميلون إلى البحث عن الأسباب أكثر من الأعراض.
وأخيرا، نظرا للدور الهائل الذي لعبه الطب العربي وجالينوس، تم - في العصور الوسطى المسيحية - إحياء الحوار بين الطب والفلسفة. واستند علم خصائص الشخصية إلى مبادئ نظرية الأمزجة وارتباطها بالأخلاط. يزعم أرنو دي فيلنوف (1250-1313)، الذي كان طبيبا خاصا للملك أراجون وللبطريرك ومترجما للمؤلفات من اللغة العربية، أن المزاج هو العنصر الجسدي الأكثر قدرة على «تهيئة ظهور حوادث النفس». وهذا ما اتفق أفلاطون وجالينوس عليه، بل أضيف إليه أن حوادث النفس يمكن بدورها أن تؤثر سلبا على المزاج. وقد أولت العصور الوسطى «الأرواح» أهمية خاصة؛ تلك الانبثاقات الخفيفة والرقيقة التي تحمل «النفحة» وفقا للمصطلح المستخدم في الفلسفة الرواقية، والتي تشكل جوهر الحياة والشعور (حيث تعمل بوصفها وسيطا بين النفس والجسد). كما أولت العصور الوسطى اهتماما خاصا بالكيفية التي تتوزع بها الروح داخل الجسد.
بيد أن علماء اللاهوت وضعوا حدا لهذا النمط من التفكير. وحسم جيوم دو سان تييري - راهب من سيتو ومؤلف صوفي ظهر في النصف الأول من القرن الثاني عشر - هذه المسألة بقوله: «إن السمات الطبيعية المتعددة للإنسان، سواء أكانت حيوية أم حيوانية، ليست هي الروح.» لم يعد يوجد ما يسمى بمرض الروح (بالإشارة إلى العصور القديمة)، بما أن الروح غير مادية وغير قابلة للفساد. وإذا بدا أن الروح يشوبها خلل ما في قدراتها أو ملكاتها، فهذا يعني أنها غير قادرة على تملك زمام الجسد باعتباره الأداة التي تظهر من خلالها هذه الملكات. وبغية تفادي إثارة استياء وغضب الكنيسة ، تجنب الأطباء طرح مشكلة الروح في السياق الطبي.
الفصل الثاني
وضع المجنون في المجتمع إبانالعصور الوسطى
لم يكن الجنون الوارد في المقالات البحثية الطبية مماثلا بالطبع لذلك الجنون الذي يتعامل معه المجتمع بشكل ملموس؛ فالمجنون الذي نقرأ عنه في الكتب مختلف عن منظر المجنون الذي نراه «على أرض الواقع». ما هي ممارسات الغرب في العصور الوسطى إزاء الجنون، ذلك الجنون الحقيقي المجرد من أي زخارف بلاغية؟
المحبة والضعف
الإحسان والمساعدة فضيلتان أساسيتان في الديانة المسيحية في العصور الوسطى، وتعني كلمة الضعف بمعناها الشامل: المريض، والمعوز، وعابر السبيل، وبالرجوع إلى الأصل اللغوي والاشتقاقي للكلمة، نجد أنها تعني «الضعفاء» بوجه عام. يرى القديس توما الأكويني أن الإحسان يربطنا بالله من خلال المحبة، في حين أن الرحمة أو الرأفة (التي يتبعها تقديم العون والمساعدة) تجعلنا نتمثل بالله. وهكذا نقرأ في كتاب «القاعدة»، الذي كتب حوالي سنة 540م على يد القديس بنوا (بنديكتوس)، ما يلي: «لا بد قبل كل شيء من الاهتمام بمساعدة الضعفاء والعاجزين، فنخدمهم كما لو كنا نخدم المسيح بذاته.»
انطلاقا من هذا الفكر الإنجيلي، نشأ «المشفى» (بالمعنى اللغوي لكلمة
অজানা পৃষ্ঠা