উন্মাদের ইতিহাস: প্রাচীন যুগ থেকে আজ অবধি
تاريخ الجنون: من العصور القديمة وحتى يومنا هذا
জনগুলি
في انتظار حدوث تطورات واسعة فيما يتعلق بالسوداوية على يد خلفاء أبقراط، عرف هذا الأخير السوداوية باقتضاب في مؤلفه «الفصول» قائلا: «إذا استمر الشعور بالخوف والحزن لفترة طويلة، فإن ذلك يعني أن الإنسان مصاب بحالة من الكآبة.» وفيما يتعلق بالهوس، جرى التمييز بين نوعين في المؤلف الأبقراطي «النظام الغذائي»، وينتج كلا النوعين عن حدوث اختلال في توازن أحد عناصر المزاج المثالي؛ إما الماء وإما النار. فإذا كان السبب العنصر الأول، فنحن أمام «هوس المياه» الذي يصاحبه خمول وفزع وبكاء. أما إذا كان السبب العنصر الثاني، فنحن أمام «الهوس الناري» الذي يصاحبه السرعة والاندفاع المفرط.
ومما يثير الفضول، كما يوضح جاكي بيجو في إحدى دراساته،
1
أن أبقراط، الذي كان يرفض الفصل بين علم النفس المرضي (الباثولوجيا النفسية) والأخلاقيات في مؤلفه «المرض المقدس»؛ أقر هذا الفصل فيما يتعلق بالهوس: «الجنون
mania ، تلك الحالة التي يكون الإنسان فيها مغيبا عن العالم، يمكن تفاديها إذا قمنا بتصحيح الطبيعة»، ولكن إلى حد معين، خاصة أن النظام الغذائي (كما ورد في البحث الذي يحمل الاسم نفسه) «ليس بوسعه فعل شيء حيال حدة الطبع، والهدوء، والدهاء، والصدق، والأريحية، والرفق، وسوء القصد أو النية.» والخلاصة، أن الطبيب لا يستطيع شيئا إزاء الظواهر الأخلاقية.
ورد مرض «الاختناق الرحمي» (ولم تكن كلمة «هستيريا» قد ظهرت بعد)، في كتاب «أوجاع النساء»، حيث جرى التأكيد على الاعتقاد القائل بأن سبب الإصابة بهذا المرض يرجع إلى انتقال الرحم وتجوله داخل الجسم. كما جرت الإشارة إلى هذا المرض، الذي يعد غريبا تماما عن نظرية الأمزجة والأخلاط البشرية ومناقضا للحداثة التي تجلت في كتاب «المرض المقدس»، في ناموس الطب لأبقراط. يتعلق الأمر بوجه عام بطب الأمراض النسائية؛ ذلك أن انتقال الرحم داخل جسم المرأة لا يفسر فقط الإصابة ب «الاختناق الرحمي »، وإنما أيضا ببعض أمراض النساء الأخرى؛ فانتقال الرحم يمكن أن يؤثر على العديد من الأعضاء الأخرى؛ فإذا ضغط الرحم على القلب، يسبب الشعور بالقلق والانزعاج والضيق النفسي، والدوار وقيء العصارة الصفراوية. «وحينما يكون الرحم عند الكبد مما ينتج عنه حدوث الاختناق؛ يؤدي ذلك إلى انقلاب العين (ظهور بياض العين)، وتصبح المرأة باردة وشاحبة اللون في بعض الأحيان، وتصر أسنانها ويمتلئ فمها باللعاب، وتكون في هذه الحالة أشبه بالمصابين بنوبات الصرع.»
الخلفاء
يجدر أن نركز على الأهمية التي احتلتها عملية وضع المفاهيم، والتي تستحق أن نتوقف عندها لنتناولها بشيء من التفصيل، خاصة وأن هذه العملية ستشهد تطورا استثنائيا في مرحلة لاحقة ستستمر حتى أواخر القرن التاسع عشر. وهكذا، نجد اليوم مصطلحات مثل الهذيان والهوس والصرع والهستيريا والسوداوية لم تفقد تماما صداها، كما لم تفقد مضمونها الطبي.
ساد التقليد القديم وحده لما يقرب من ألف عام (من القرن الخامس قبل الميلاد إلى القرن الخامس الميلادي)، وشهدت هذه الفترة بزوغ العديد من المدارس، من بينها: المدرسة الدوجماتية، وهي أكثر المدارس التزاما بالتعليم الأبقراطي، وتوصي بدراسة التشريح والبحث باتباع التفكير المنطقي عن جوهر الأمراض ومسبباتها الكامنة. على النقيض، ظهرت المدرسة التجريبية التي ترفض البحث عن أسباب الأمراض وترى أن ما يهم فقط - في فن مداواة المرضى - هو التجربة، سواء أكانت مستندة إلى خبرة الطبيب الشخصية أم إلى التجارب والخبرات الجماعية المذكورة في المراجع الطبية. من هذا التناقض بين المدرستين السابقتين، برزت المدرسة الثالثة، التي انتشرت أفكارها في روما في أواخر القرن الأول الميلادي على يد سورانوس الأفسسي؛ وهي المدرسة المنهجية، التي ترى أن الجسم يتألف من مجموعة من الجزيئات دائمة الحركة. وقد تأثرت هذه المدرسة إلى حد ما بالمذهب الذري لأبيقور، كما قامت بدحض المذهب المرتكز على نظرية الأخلاط الأربعة. وفقا لهذه المدرسة، هناك قنوات تمر عبر الجسم ومن خلالها تتدفق النفحة (الهواء) أو الروح بالإضافة إلى سوائل الجسم. وتعتمد حالة الجسم سواء في الصحة أو في المرض على هذه الجزيئات، ومدى سهولة أو صعوبة تدفقها، وشكلها ... إلخ، كما تعتمد على وضع هذه القنوات داخل الجسم. ومؤسس هذه المدرسة هو أسكليبياديس البيثيني الذي عاش في (أواخر القرن الثاني قبل الميلاد)، وكان صديقا لشيشرون. ومن الجدير بالذكر أن مؤلفاته لم تصل إلينا، ولكنها حفظت ونقلت على يد الطبيب الروماني كاليوس.
تجدر الإشارة أيضا إلى المدرسة القائمة على الإيمان بمذهب النفحات، والتي كانت هي نفسها مناهضة للمدرسة المنهجية. فالنفحة أو الروح تسري داخل الجسم، ولكنها لا تجعله في صحة جيدة إلا إذا كان الضغط منتظما. هذا بالإضافة إلى بروز فئة تضم بعض كبار الأطباء الذين لم ينتموا إلى أي من هذه المدارس الطبية، والذين رفضوا التسليم بأي من المعتقدات السائدة وأخذوا منها فقط ما يناسبهم؛ ولذلك أطلق عليهم لقب «الاصطفائيين». نذكر من بين هؤلاء سيلسوس وأريتايوس من كبادوكيا في القرن الأول الميلادي، ومن بعدهم جالينوس في القرن الثاني الميلادي، وهو ثاني أعظم الأطباء في العصور القديمة بعد أبقراط. وقد شاع القول إن جالينوس كان معاديا لأفكار أبقراط (فإذا قال أبقراط «نعم»، قال جالينوس «لا»). يعد جالينوس بالأحرى خليفة أبقراط، كما أنه هو الذي أعاد إحياء نظرية الأخلاط والأمزجة البشرية.
অজানা পৃষ্ঠা