أما الآريون فأمم أوروبا القديمة والحديثة - إلا من ذكرنا بين المنغول - كاليونان واللاتين والتيوتون والجرمان بما فيهم الإنكليز والسلتيون والسلاف، وثلاثة من أمم آسيا أعني الهنود والفرس والأفغان.
والساميون يشتملون على العبرانيين أو اليهود والفينيقيين والآشوريين والعرب والبابليين والكلدانيين.
أما الحاميون فلم يشتهر منهم في التاريخ سوى المصريين القدماء.
ولا يخفي أن للساميين منزلة كبيرة في تاريخ العمران ومقام الهيئة الاجتماعية الحاضر، فمنهم اشتقت الأديان الثلاثة العظمى بين المتمدنين أعني اليهودية والنصرانية والإسلامية، فهم دعاتها والمنادون بها وعنهم اقتبسها غيرهم من الطوائف الآرية وما شاكلها.
فاليهود إذن قوقاسيون ساميون يرجع نسبهم إلى سام بن نوح، وقد كانوا أيام انبساط ظلهم في فلسطين يحافظون على أنسابهم ويدونونها في كتب تحفظ لهذه الغاية متبعين في تدوينها الأسباط فالعشائر فالبطون فالبيوت، فلما تفرقوا أيدي سبا فقدت هذه الكتب وضاعت أنسابهم، ومع ذلك فقد حفظوا كيانهم حيثما حلوا ولم يكثروا من الاختلاط بالأمم الأجنبية حولهم حتى لقد قيل: إن الذين استوطنوا أوروبا منهم منذ قرون كثيرة لا يزال لفظهم للغات الأوروبية يمتاز عن لفظ الأوروبيين لها حتى يومنا هذا.
1
ولا يخفى أن معظم تاريخ اليهود حتى خراب أورشليم مأخوذ عن التوراة، فهي خزانة تاريخهم وحكاية ما حل بهم من العبودية والظلم، وما أصابوه من العز والفوز والسؤدد، كما أنها كتاب وحيهم ومجموعة معتقدهم وشرائعهم الدينية والأدبية والمدنية، فالناظر في تاريخهم لا بد له أن يعتمد التوراة لاستخلاص أخبارهم، ثم يجد التمام فيما بقي من آثار الآشوريين والبابليين وغيرهم من الأمم التي عاصرتهم، وكان لها معهم وقائع واتصال وتجارة، هذه مصادر تاريخهم وأخبارهم إلى خراب أورشليم، أما بعد ذلك فهي متفرقة في تواريخ الأمم التي أقاموا بين ظهرانيها شعبا لا وطن له ولا بلاد، وأمة لم يبق لها الدهر من مزايا الأمم سوى آثارها وتذكار الماضي واعتقادها اعتقادا واحدا أين سارت وأيان حلت.
وأبو هذه الأمة
2
إبراهيم أو إبرام، والمعروف من أمره أنه وصل من بلاده فيما بين النهرين نحو القرن العشرين أو الحادي والعشرين قبل الميلاد، وجاء إلى أرض كنعان الواقعة جنوبي سوريا والمعروفة اليوم باسم فلسطين أو الأرض المقدسة، ولم تأت التوراة على السبب الصريح لمهاجرة إبراهيم أرض آبائه، وإنما يؤخذ مما جاء فيها في مواضع متفرقة، إنه فضل ذلك كي يعبد الله عملا بما أنزل عليه من الوحي، وهذا يطابق ما جاء في القرآن من أنه إنما غادر أهله وبلاده؛ لأنهم كانوا عبدة أصنام، وكان يعبد الله فخاصمهم وارتحل عنهم إلى حيث يبيت في مأمن منهم، وحيث تتسنى له عبادة الحق دون معارضة أو خصام، وكأنه أولئك البيورتان الذين ارتحلوا من إنكلترا وذهبوا إلى أميركا يطلبون فيها ملجأ لهم يكونون فيه، بحيث لا يخشون بطش أعدائهم ولا دسائس الذين يريدون بهم شرا فيحافظون على عقيدتهم وإيمانهم.
অজানা পৃষ্ঠা