তারিখ ইবন খালদুন

শাকিব আর্সলান d. 1368 AH
93

তারিখ ইবন খালদুন

تاريخ ابن خلدون

জনগুলি

الملك لله من يظفر بنيل مني

يردده حقا ويضمن بعده الدركا

لو كان لي أو لغيري قيد أنملة

فوق التراب لكان الأمر مشتركا

وقد ظن بعض المؤرخين أن هذين البيتين هما من نظمه لأنه كان شاعرا بليغا بالعربية والتركية والفارسية، ولكننا وجدنا هذين البيتين في لزوميات المعري، فيكون السلطان قد استشهد بهما.

ثم إنه بعد أن استودع إدارة مصر خير بك، رجع إلى سورية وأخذ بتنظيم إداراتها وكان نشاط هذا السلطان غير معهود المثال، وتوقد ذهنه فوق الخيال.

وكان محبا للعلماء والأدباء، مغرما بالعلم والعرفان، وكانت همته أعلى ما عهد في همم الرجال، وكان يتنكر ويخرج متنكرا فيختلط بالشعب ليطلع على حقائق الأحوال ويعرف ممن تشكو الرعايا فيقتص من العمال الذين يتحقق خروجهم عن جادة العدل، ولم يكن فيه عيب يذكر سوى شدة ميله إلى سفك الدماء، وكم قتل من إخوته ووزرائه وعماله، ولم يكن يجرؤ عليه إلا المفتي الجمالي، الذي يلقبه الأتراك ب«زنبيللي علي أفندي» لأنه كما تقدم الكلام كان عنده زنبيل معلق يضع فيه السائل سؤاله ويحركه فيجذبه الشيخ ويخرج منه السؤال ويجيب عليه ويعيده بالزنبيل الذي يسقط إلى أسفل فيأخذ الجواب منه.

ويقال إن السلطان سليم أراد حمل النصارى الذين في المملكة على الإسلام جميعا أو يخرجوا من البلاد فعارضه زنبيللي على أفندي أي المفتي الجمالي، وقال له: لا يحل له ذلك، وليس لنا إلا أن نأخذ منهم الجزية والطاعة. ويروي الناس بالتواتر شيئا آخر، وهو أن السلطان سليم أراد أن يجعل العربية لسانا رسميا للدولة فعارضه الأتراك في ذلك، ولم أطلع على هذه الرواية في الكتب ولكن الناس يتناقلونها كثيرا والله أعلم.

فأما قضية حمل النصارى الذين في المملكة على قبول الإسلام أو الرحيل منها فهو مروي بالتواتر وفي الكتب أيضا، فيكون قد ثبت أن الشريعة الإسلامية بعدالتها وأمانتها هي التي حفظت المسيحيين في السلطنة العثمانية أيام كان السلطان يقدر أن ينفذ جميع ما يريده بهم، ولذلك نجد ملاحدة الترك ينتقدون دائما العمل بالشرع الإسلامي بحجة كونه السبب في بقاء النصارى في السلطنة العثمانية، وأن بقاءهم كان السبب في ضعف تركيا، فملاحدة الترك يجعلون الشرع الإسلامي مذنبا في تهيئة الحظر السياسي الذي أصاب تركيا، ولذلك لما استولوا على الحكم بعد الحرب العامة أخرجوا جميع النصارى من تركيا، ولم يبق إلا النصارى الذين في القسطنطينية فقط، لأن الدول في مؤتمر لوزان لم توافق على إخلاء القسطنطينية من النصارى تماما وتقرر بمقابلتهم إبقاء مسلمي تراقية الغربية في بلاد اليونان.

ومن العجب أننا نرى الأوروبيين يعملون بكل قوتهم لمحو الشرعية الإسلامية التي في ظلها وبسببها لا غير بقي النصارى في جميع الممالك الإسلامية، وفي السلطنة العثمانية متمتعين بجميع الحقوق التي يتمتع بها المسلمون منذ ظهور الإسلام إلى يوم الناس، هذا وكان نصارى البلاد العثمانية بضعة عشر مليون نسمة، ومن العجب أننا نراهم مع ذلك يفضلون أن تكون الحكومات الإسلامية ملحدة ولو كانت تخرج جميع النصارى من بلادها، وهذا أقصى ما يتصوره العقل من التحامل والتعصب على الإسلام! يكرهونه ولو حفظهم ويحبون زواله ولو كان في ذلك زوالهم!

অজানা পৃষ্ঠা