তারীখ হার্ব বালকান উলা
تاريخ حرب البلقان الأولى: بين الدولة العلية والاتحاد البلقاني المؤلف من البلغار والصرب واليونان والجبل الأسود
জনগুলি
وبقيت سلانيك وسائر الثغور العثمانية من جهة أخرى متروكة بلا مدد، وأخذ اليونان يرسلون ما أرادوا من المؤن والذخائر والسلاح من طريق البحر إلى جهات يانيا، وغيرها من بلاد أبيروس وإلى الجزائر التي احتلوها.
وربما عجب المطالع من قدرة الأسطول اليوناني على حفظ السيادة البحرية هناك؛ لأن البوارج العثمانية الكبيرة أكثر من البوارج اليونانية، ولكن الاختصاصيين لم ينلهم العجب؛ لأنهم عرفوا الأسطول العثماني أقل من الأسطول اليوناني سرعة وتجانسا وتمرنا.
باب الفظائع
وضعنا بين يدي المطالع جوهر ما كتبه المؤلفون الأوروبيون، وما نشره المراسلون الحربيون حتى الآن عن معارك البلقان في البر والبحر، فلم يبق منها ما يستحق الذكر إلا المعارك القليلة التي حدثت في شبه جزيرة كليبولي وجتالجه بعد فشل مؤتمر الصلح الأول ، وهي وإن كانت معارك دموية شديدة لم تحسن شيئا من حال العثمانيين كما سترى.
وإذا فكر المرء في تلك الحرب بل في جميع الحروب على ضروبها، وجدها كلها فظائع في فظائع ولكن التقليد والعرف والقانون الدولي جعلها جائزة بين الجيوش، وبات المفهوم من لفظة «فظائع» تعذيب الأسرى أو الجرحى، والفتك بالنساء والأطفال والشيوخ، والتمثيل بمن لزم الحياد، وما اختلف منصفان في أن الحرب إذا كانت فظيعة في ذاتها؛ لأنها تجيز قتل فتية هم أكبر مظهر من مظاهر قوات الأمم وأشد الأركان التي تعتمد عليها في بناء صروح النجاح، فإن قتل الضعفاء والأبرياء هو أكبر الفظائع وأدل الدلائل على أن نفس الإنسان ما زالت حتى هذا القرن الموصوف بقرن المدنية والنور منطوية على غريزة وحشية، تنزل به إلى درك لا يليق بمن ميزه الخالق عن جميع المخلوقات وملكه البر والبحر والهواء. ونحن ذاكرون هنا من الفظائع أخص ما ينسب إلى كل فريق، ثم نقول كلمتنا. (1) ما ينسب إلى البلقانيين
رأس الأمور التي ننكرها مع كل حر على البلقانيين أنهم أرسلوا إلى تراقيه ومقدونيا ألوفا من رجال العصابات، الذين اشتهروا بارتكاب الفظائع في سالف الزمان وجعلوا تلك البلاد موطن الأهوال، وقد روى الموسيو رينيه بيو مراسل التان الحربي خبر سفر العصابات البلغارية قبيل الحرب، واتخذه دليلا في وقته على أن الحرب باتت أمرا مقررا لا مندوحة عنه ولا مناص منه، وليس هناك ريب ولا شبه ريب في أن سفر تلك الألوف من سفاكي الدماء كان بأمر حكوماتهم وتحت مراقبتها؛ إذ لا يعقل أن الحكومات التي حرمت على كل جندي أن يكتب كلمة إلى أبيه أو أمه أو حليلته، لا تراقب ألوفا من رجال العصابات الذين أوفدتهم إلى جهات مختلفة ليقطعوا الصلات بين العثمانيين، ويساعدوا الجيوش البلقانية في مهمتها الحربية، وهذا يهدم حجة المراسلين الذين اعتذروا عن حكومة البلغار وغيرها بأن العصابات هي التي ارتكبت الفظائع لا الجيوش المنظمة. وإليك بعض ما طالعناه مأخوذا عن جرائد ونشرات مختلفة ومذكورا مع مصادره: قالت جريدة «فريستش»: إن مائتين من النساء والأطفال لجئوا إلى جامع في دده أغاج، فوضع البلغاريون تحته ديناميتا ونسفوه بمن كان فيه فلم ينج واحد، وإن غور حصار أصبحت مهدا للظلم والأعمال الوحشية، فقد أحرق فيها المسلمون وهم أحياء، وكلف عدد منهم أن يدينوا بالمسيحية وإلا أحرقوا بالنار، ورمي جماعة من كوملنجه في النهر وهم مكتوفو الأيدي والجروح تقطر دما من أبدانهم ورءوسهم.
ونشر مراسل «الألوستراسيون» في جتالجه مقالا تحت عنوان «ما هدم وما بقي من جتالجه»، ذكر فيه أن حي المسلمين الذي كان عدد أهله نحو 3000 خرب كله؛ لأن البلغاريين أحرقوا كل شيء فيه قبل مزايلتهم تلك البلدة، فكل ما تبصره العين جدران قائمة ومسجدان اثنان محولان إلى إصطبلين، وما من شيء يبرر هذا التخريب المقصود بل هذا التوحش المنكر. أما بيوت اليونانيين والبلغاريين فإنها لم تصب بأذى، وكل من ينظر إلى المدينة من جهة هذه البيوت يظنها سليمة لم تمس، ولما وصل الأتراك مروا بالخرائب التي كانت بيوتا عامرة لإخوانهم المسلمين، وأبصروا كل ما حصل فيها ومع ذاك كله لم يكسروا زجاج نافذة واحدة من البيوت اليونانية والبلغارية، بل أبقوا عليها وعلى المدارس كما كانت، فهم يستحقون الثناء ...
وقال مراسل الديلي تلغراف في كليبولي: «إني لا أستطيع وصف البؤس الذي حل بمهاجري البلقان في كليبولي، فإن معظم النساء فقدن رجالهن إما بالحرب وإما بغدر الوحوش واللصوص من رجال العصابات، أو من مواطنيهم اليونانيين والبلغاريين، فقد روت امرأة عجوز: أن الأهالي اليونانيين خانوا المسلمين في موطنها، مع أن الفريقين تعاهدا على أن يحمي كل منهما الآخر عند المقدرة، فإذا دخلت الجنود التركية المدينة أولا فإن المسلمين يحمون المسيحيين ، وإذا دخلتها رجال العصابات أولا فإن المسيحيين يحمون المسلمين، ولقد حدث أن العصابات دخلت قبل الأتراك فأخذت تسأل عن أعيان المسلمين، وقبضت على سبعة وستين منهم ثم قادتهم إلى غابة فأثخنتهم طعنا بالرماح، ثم قطعت حفيد تلك العجوز إربا إربا، «وهنا أخذت العجوز تقطع شعرها وترفع بنظرها إلى السموات وهي تستنزل الرجز واللعنة على أولئك الوحوش».» ثم روى المراسل أنه سمع حكايات أشد فظاعة وهولا من فاجعة العجوز، كالفتك بالنساء والأطفال، وقال إن الفلاح التركي الساذج لا يكذب ولا يعرف أن يستنبط حكايات من هذا الطراز.
وروت شركة روتر في 22 مارس سنة 1913 أن الجبليين شدوا وثاق كاهن و300 شخص من الكاثوليك، ثم وقف على رءوسهم كاهن أرثوذكسي فأراهم بنادق الجنود الجبلية وقال لهم: إما أن تذهبوا المذهب الصحيح الوحيد، وإما أن يرسل هؤلاء الجنود أرواحكم إلى الجحيم؛ فقبل الثلاثمائة مكرهين ورفض الكاهن، فأخذوا يقطعون أطرافه ويعذبونه أشد العذاب حتى لفظ روحه، ولما انتهى هذا الخبر إلى حكومة النمسا أرعدت وأبرقت، على أن الجبليين أنكروا ما نسب إليهم، والله أعلم.
وذكر حضرة كامل بك تيمور التاجر الإسكندري الذي سافر إلى البلقان في مهمة خيرية أنه قابل قنصلي النمسا وإنكلترا في مناستر، فعلم منهما ومن مفتي تلك المدينة أن مناستر كان فيها يوم وصوله خمسة عشر ألف مهاجر بلا مأوى ولا غذاء، وأن خمسة آلاف وستمائة فقط كانوا ينالون جراية يومية من الخبز لا تزيد عن نصف أقة لكل واحد، وذاك على يد قنصلية إنكلترا التي كانت تتلقى من جمعية الصليب الأحمر في لندرا، ومن جمعية إعانة مقدونيا ما يكفي لإطعام ثمانمائة نفس، وعلى يد السيدة مكين التي كانت تتلقى ما يكفي لغذاء ألف نفس، «وكان عند السيدة المذكورة مستشفى للمهاجرين مشتمل على ثلاثين سريرا.» وعلى يد جمعية المبشرين الأمريكيين الذين كانوا يطعمون ثمانمائة شخص، ثم على أيدي الراهبات اللواتي كن يطعمن ألف نفس، ويد قنصلية النمسا التي كانت تسعف ثمانمائة شخص، أما بقية المهاجرين وهم نحو عشرة آلاف، فكانوا يموتون جوعا وبردا، والمرجح أن قيمة ما نهب من المسلمين في ولايات أدرنه وسلانيك ومناستر وأسكوب يبلغ - على تقدير الكاتب - نحو مليار من الفرنكات.
অজানা পৃষ্ঠা