إلا أن العرب لم يقفوا عند حد النقل عن الأمم الأخرى، فإن التحليل الجبري ما كاد يقع في أيديهم حتى أخذ كتابهم في الزيادة إليه وتنميته. فإن محمدا أبو الوفا الذي عاش خلال العقود الأربعة الأخيرة من القرن العاشر الميلادي، كتب تعليقات على المؤلفات الرياضية التي خلفها من تقدمه من الكتاب والباحثين، وكذلك ترجم كتاب «ذيوفانتس»، وكان آخر عهد للعرب بالتأليف في علم الجبر سنة 1031 ميلادية/423ه، على أنهم تركوا علم الجبر كما خلفه «محمد بن موسى» وأبو الوفا، ولم تحدث ترجمة كتاب ذيوفانتس من أثر كبير بينهم، وقد جاء في المقتطف مجلد 28 ص385 ما يأتي:
وقد اشتغل الهنود والعرب بعلم الجبر، غير أنهم لم يضيفوا إلى موضوعات اليونان فيه شيئا يذكر ولم يستعملوه إلا في حل المسائل العددية، وبقي عندهم مسلكا متوعرا وهم يعتبرونه حسابا عاليا.
ولعل السبب في ذلك يرجع إلى أن كتاب ذيوفانتس لم ينقل إلى العربية إلا في عصر كان العقل العربي قد أخذ يتمشى فيه مرة أخرى نحو الغيبيات، وجاء في المقتطف مجلد 28 ص384، 385، 386 ما يلي:
وأقدم ما انتهى إلينا من أمر الجبر مؤلف وضعه ذيوفنطس
Diophante
المتوفى سنة 409م في ثلاثة عشر كتابا، لدينا منها ستة فقط والسبعة الباقية مفقودة، ومباحث الستة الأولى هي في المعادلات البسيطة والسيالة من الدرجة الأولى لمجهولين فقط يتبعها مسائل منشورة مع حلها، والمجهول في جميعها دليله واحد، ثم كتاب في المعادلات المفردة من الدرجة الثانية؛ أي ما كان المجهول فيها مربعا فقط مع حل بعض المسائل من هذا القبيل؛ ولعل السبعة المفقودة فيها مسائل أكثر صعوبة مما ذكر؛ لأن درجة الكتب ترتفع بالتدريج في الستة الموجودة. ولم يسبقه أحد إلى استعمال العلامات، بل هو أول من نبه إليها فاستخدم الخط القصير علامة للطرح.
وفي سنة 507م نشر «براهما غوبتا»
Brahmagupta
الهندي كتابا في الحساب والجبر يلحقهما ذيل في الهندسة، وهو كتاب نفيس في بابه حمل الكثيرين على القول بأن علم الجبر كان راقيا درجة سامية بين الهنود قبل «براهما غوبتا»، ودعا آخرين إلى القول بأن هذا الهندي هو واضع علم الجبر دون غيره، ولعله اطلع على كتاب ذيوفنطوس اليوناني، فإن كان ذلك فالواضع هو ديوفنطوس وحده وإلا فيكون «براهما غوبتا» قد نازعه الشرف والفخر في وضع هذا الفن، أما كتاب الرياضي الهندي فيشبه كتاب ديوفنطوس في كثير من الوجوه، ولا يزيد عنه شيئا، وهذا حمل البعض على القول بأنه منقول عنه، ويعزز هذا الزعم قصر باع الهنود في سائر العلوم الرياضية كالهندسة والهيئة عما لليونان فيه المبلغ الأعلى والخطة المثلى، فلو كان الهنود أهل اكتشاف في الرياضيات لاكتشفوا في الهندسة وهي أقرب إلى الحاجة من الجبر.
وفي أواخر القرن الثاني عشر نشر بهسكارا
অজানা পৃষ্ঠা