وناديتكم لو دعوت المجيبا
أفيئوا فقد وعد الله في
ضلالة مثلكمو أن يتوبا
ومن هذه القطعة وحدها تقع على عدة صور استحالت إليها نفسية مهيار قبل إسلامه، وتستدل على حالات كثيرة نعددها هنا استيفاء لشيء من مستفيض البحث إذا نحن أردنا أن نتابع الكلام في مهيار بما يستحق من الإجلال، وبما يشغل من مكانة في عالم الأدب.
أولا:
أنه تابع الهوى وجرى وراء موحيات الشهوة أشواطا.
ثانيا:
أنه كشف له عن الغيب حتى انجلى لعينيه فأبصرتا ما كان خافيا، وشهدتا ما كان غيبا، ولعل في هذه الإشارة دليلا على أنه اشتغل بالتصوف حينا قبل أن يعتنق الإسلام، وليس بغريب أن يشتغل فارسي يتلقى عن الشريف الرضي الأدب والعلم بالتصوف، وأن يجاري أهل الباطن في طرقهم المتشعبة، أما إذا صح هذا، فإننا ننسب أغلب ما في شعره من رنة الحزن وعميق الهم إلى اشتغاله بطرق المتصوفين.
ثالثا:
أنه نصب للبحث وراء تلك الأمور والزمان في إقباله؛ أي في شرخ شبابه وفتوته، ومن هذا يستدل على أنه لم يسلم إلا بعد أن قضى طور الشباب، فإذا كان قد أسلم وهو في الثلاثين من عمره، وكان إسلامه في العام الذي نظم فيه هذه القصيدة 394، ووفاته في عام 428ه فكأنه عمر إلى منتصف العقد التاسع، وأنه لم يمت إلا في الخامسة والثمانين.
অজানা পৃষ্ঠা