ইসলামের দার্শনিকদের ইতিহাস
تاريخ فلاسفة الإسلام: دراسة شاملة عن حياتهم وأعمالهم ونقد تحليلي عن آرائهم الفلسفية
জনগুলি
قد كان في سالف الدهر قوم خاضوا في بحور الأوهام، وأقر لهم عوامهم بشفوف علمهم في الأفهام، حيث لا داعي يدعو إلى الحي القيوم، ولا حاكم يفصل بين المشكوك فيه والمعلوم، فخلدوا في العالم صحفا مالها من خلاق، مسودة المعاني والأوراق، بعدها من الشريعة بعد المشرقين، وتباينها تباين الثقلين، يوهمون أن العقل ميزانها والحق برهانها، وهم يتشعبون في القضية الواحدة فرقا، ويسيرون فيها شواكل وطرقا، ذلك بأن الله خلقهم للنار، وبعمل أهل النار يعملون، ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون! ونشأ منهم في هذه الحجة البيضاء شياطين إنس يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون، يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون، فكانوا عليها أضر من أهل الكتاب، وأبعد عن الرجعة إلى الله والمآب؛ لأن الكتابي (؟!) يجتهد في ضلال ويجد في كلال، وهؤلاء جهدهم التعطيل وقصاراهم التمويه والتخييل، دبت عقاربهم في الآفاق برهة من الزمان، إلى أن أطلعنا الله سبحانه منهم على رجال كان الدهر قدمنا لهم على شدة حروبهم، وأعفى عنهم سنين على كثرة ذنوبهم، وما أملي لهم إلا ليزدادوا إثما، وما أمهلوا إلا ليأخذهم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شيء علما.
وما زلنا - وصل الله كرامتكم - نذكرهم على مقدار ظننا فيهم، وندعوهم على بصيرة إلى ما يقربهم إلى الله سبحانه ويدنيهم، فلما أراد الله فضيحة عمايتهم وكشف غوايتهم، وقف لبعضهم على كتب مسطورة في الضلال، موجبة أخذ كتاب صاحبها بالشمال، ظاهرها موشح بكتاب الله وباطنها مصرح بالإعراض عن الله، لبس منها الإيمان بالظلم، وجيء منها بالحرب الزبون في صورة السلم، مزلة للأقدام، وهم يدب في باطن الإسلام أسياف أهل الصليب دونها مغلولة، وأيديهم عما يناله هؤلاء مفلولة، فإنهم يوافقون الأمة في ظاهرهم وزيهم ولسانهم، ويخالفونهم بباطنهم وغيهم وبهتانهم، فلما وقفنا منهم على ما هو قذى في جفن الدين، ونكتة سوداء في صفحة النور المبين، نبذناهم في الله نبذ النواة، وأقصيناهم حيث يقصى السفهاء من الغواة، وأنقضناهم في الله كما أنا نحب المؤمنين في الله، وقلنا: اللهم إن دينك هو الحق اليقين، وعبادك هم الموصوفون بالمتقين، وهؤلاء قد صرفوا عن آياتك، وعميت أبصارهم وبصائرهم عن بيناتك، فباعد أسفارهم وألحق بهم أشياعهم حيث كانوا وأنصارهم. ولم يكن بينهم إلا قليل وبين الإلمام بالسيف في مجال ألسنتهم والإيقاظ بحده من غفلتهم وسنتهم، ولكنهم وقفوا بموقف الخزي والهون، ثم طردوا عن رحمة الله ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون.
فاحذروا - وفقكم الله - هذه الشرذمة على الإيمان حذركم من السموم السارية في الأبدان، ومن عثر له على كتاب من كتبهم فجزاؤه النار التي بها يعذب أربابه، وإليها يكون مآل مؤلفه وقارئه ومآبه، ومتى عثر منهم على مجد في غلوائه عم عن سبيل استقامته واهتدائه، فليعاجل فيه بالتثقيف والتعريف ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار! وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون. أولئك الذين حبطت أعمالهم أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون، والله تعالى يطهر من دنس الملحدين أصقاعكم، ويكتب في صحائف الأبرار تضافركم على الحق واجتماعكم إنه منعم كريم. ا.ه. المنشور. (25) بعد المحاكمة
بعد المحاكمة، وتحرير المنشور، وإرساله إلى أطراف الدولة، ونظم القصائد في ذم ابن رشد، والطعن في عقيدته، قيل إن ابن رشد نفي إلى اليسانة
Lucena
ولكن مدة العقوبة لا تعلم بالدقة.
ومعظم المؤرخين على رأي أن المحنة وعقوبتها والعفو عنها لم تطل أكثر من سنة، فقد ذكر شيخ الشيوخ تاج الدين: «لما دخلت إلى البلاد (يعني الأندلس) سألت عن ابن رشد، فقيل إنه مهجور في داره من جهة الخليفة يعقوب، ولا يدخل عليه أحد ولا يخرج هو إلى أحد.» وهذا نوع من الاعتقال السياسي؛ لأن ابن رشد على هذه الرواية لزم بيته واستقر في كسر داره، فسأل تاج الدين عن السبب، قالوا رفعت عنه أقوال رديئة، ونسبت إليه كثرة الاشتغال بالعلوم المهجورة من علوم الأوائل. وروى تاج الدين أن ابن رشد مات وهو محبوس بداره بمراكش في أواخر سنة 594.
ولكن الراجح عندنا أن جماعة من الأعيان بأشبيلية شهدوا لابن رشد أنه على غير ما نسب إليه. فرضي المنصور عنه وعن سائر الجماعة من أصحابه ومريديه وتلاميذه الذين عوقبوا معه، وشفعوا لهم وطلبوا العفو عنهم، وكان ذلك في سنة 595، فرضي المنصور عنهم وشملهم بعفوه وقرب ابن رشد.
وجعل أبا جعفر الذهبي مزوار الطلبة ومزوار الأطباء؛ أي نقيبا للطائفتين جميعا، وكان يقول عن أبي جعفر الذهبي استرضاء له إنه كالذهب الإبريز الذي لم يزدد في السبك إلا جودة. يشير بذلك إلى أن النكبة أنضجت الذهبي، كأن الحكماء في حاجة إلى الحبس والنفي ليستحقوا ثناء الملوك وإعجابهم! (26) خلاصة عامة
كان الخليفة المنصور في أول أمره أميرا عاقلا عادلا محبا للحكمة والحكماء، وكانت حاشيته منهم كما كان أبوه من قبل، فنشأ على إكرامهم وتبجيلهم، وفي أواخر أيامه تغير وتعفف وقرب الأولياء والزهاد، وأعرض بعض الأعراض عن الفلسفة فانتهز أعداء ابن رشد هذه الفرصة ووشوا به وتلاميذه ومريديه، وأقنعوا المنصور بأن إطلاق الحرية للفلاسفة يقولون ويكتبون ما يشاءون مضر بالدولة والدين، ورسموا له طريق الإضرار بهم فأطاعهم وتبع خطتهم منقادا لا مختارا، وتلطف في العقاب فاكتفى بالنفي المؤقت ثم ندم فعفا وأصلح واسترضى، فهذه النكبة كلها لم تكن إلا مظهرا من مظاهر الانتقام والحسد، وقد وجد الحاسدون والحاقدون مجال الدسائس واسعا فنفثوا سمومهم وشفوا غليلهم، ثم استبان الخليفة الحق فتاب. (27) مؤلفات ابن رشد
অজানা পৃষ্ঠা