ইসলামের দার্শনিকদের ইতিহাস
تاريخ فلاسفة الإسلام: دراسة شاملة عن حياتهم وأعمالهم ونقد تحليلي عن آرائهم الفلسفية
জনগুলি
ويظهر من هذا الكتاب أن ابن طفيل كان من الإشراقيين، وقد حاول بطريق التأمل أن يحل معضلة كبرى شغلت حكماء وقته، وهي علاقة النفس البشرية بالعقل لأول، فإنه لم يقنع برأي الغزالي الذي اكتفى في الاتصال بالتصوف، إنما اتبع رأي ابن باجه وأظهر نمو الفكر الإنساني درجة فدرجة في شخص إنسان منقطع بعيد عن مشاغل الحياة سليم من آثارها وأدرانها، واختار ابن طفيل مخلوقا لم يعلم من الحياة شيئا، وقد نما عقله في الانفراد المطلق بذاته، وتنبه فكره بقوته وبدافع من العقل الفعال، فأحاط بفهم أسرار الطبيعة وحل أعضل المسائل الإلهية: هذا ما أراده ابن طفيل من كتابه «حي بن يقظان» وسيأتي الكلام عليه عند تحليل فلسفته.
فكان ابن طفيل فلكيا، رياضيا وطبيبا وشاعرا، ناثرا رشيق الأسلوب رقيق العبارة، والفضل في إظهار مواهبه والاحتفاظ بها إلى الأمير يوسف بن عبد المؤمن، فقد كان عبد المؤمن عهد في حياته إلى أكبر أولاده وهو محمد بالإمارة وبايعه الناس وكتب ببيعته إلى البلاد، فلما مات عبد المؤمن لم يتم لابنه محمد الأمر وخلع. وكان الذي سعى في خلعه أخواه يوسف وعمر ابنا عبد المؤمن. ولما تم خلعه دار الأمر بين الأخوين المذكورين، وهما من نجباء أولاد عبد المؤمن ومن ذوي الرأي، فتأخر منهما أبو حفص عمر وأسلم الأمر إلى أخيه يوسف، وهو أبو يعقوب يوسف بن أبي محمد عبد المؤمن بن علي القيسي الكومي صاحب المغرب، فبايعه الناس واتفقت عليه الكلمة.
كان الأمير يوسف المذكور أعرف الناس كيف تكلمت العرب، وأحفظهم لأيامها في الجاهلية والإسلام، وقد صرف عنايته إلى ذلك ولقي فضلاء أشبيلية أيام ولايته، ويقال إنه كان يحفظ صحيح البخاري وكان يحفظ القرآن الكريم مع جملة من الفقه، ثم طمح إلى علم الحكمة وبدأ من ذلك بعلم الطب، وجمع من كتب الحكمة شيئا كثيرا.
وكان ممن صحبه من العلماء بهذا الشأن أبو بكر محمد بن طفيل، وكان متحققا بجميع أجزاء الحكمة، قرأ على جماعة من أهلها، ويحسب ابن خلكان في ج2 ص374 أن أبا بكر بن الصائغ، وهو المعروف بابن باجه السابقة ترجمته في هذا الكتاب، كان من أساتذة ابن طفيل وهذا غير صحيح، بنص صريح من قول ابن طفيل نفسه في كتبه سيأتي ذكره في هذا الفصل وكان ابن طفيل حريصا على الجمع بين علم الشريعة والحكمة وكان مفننا، ولم يزل بجمع إليه العلماء في كل فن من جميع الأقطار، ومن جملتهم أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن رشد، كما سيأتي ذكره بالتفصيل في ترجمة ابن رشد.
جعل ابن طفيل فلسفته في شكل جواب على سؤال توجه إليه من أحد إخوانه، وهذا بالطبع تقليد لابن سينا والغزالي قال:
سألت أيها الكريم الأخ الصفي الحميم، منحك الله البقاء الأبدي، وأسعدك السعد السرمدي، أن أبث إليك ما أمكنني بثه من أسرار الحكمة المشرقية، التي ذكرها الشيخ الإمام الرئيس أبو علي ابن سينا. فاعلم أن من أراد الحق الذي لا جمجمة فيه فعليه بطلبها والجد في اقتنائها. (1) وصف الحال التي شعر بها ابن طفيل
ولقد حرك مني سؤالك خاطرا شريفا، أفضى بي والحمد لله إلى مشاهدة حال لم أشهدها قبل، وانتهى بي إلى مبلغ هو من الغرابة بحيث لا يصفه لسان، ولا يقوم به بيان؛ لأنه من طور غير طورها وعالم غير عالمها. غير أن تلك الحال لما لها من البهجة والسرور، واللذة والحبور، لا يستطيع من وصل إليها وانتهى إلى حد من حدودها، أن يكتم أمرها أو يخفي سرها، بل يعتريه من الطرب والنشاط، والمرح والانبساط ما يحمله على البوح بها مجملة دون تفصيل، وإن كان ممن لم تحذقه العلوم، قال فيها بغير تحصيل، حتى أن بعضهم قال في هذا الحال: س. ب. ح. ا. ن. ي. م. ا. أ. ع. ظ. م. ش. ا. ن. ي! وقال غيره: أ. ن. ا. ا. ل. ح. ق! وقال غيره ليس في الثوب إلا. ا. ل. ل. ه!
وأما الشيخ أبو حامد الغزالي رحمه الله فقال متمثلا عند وصوله إلى هذه الحال.
فكان ما كان مما لست أذكره
فظن خيرا ولا تسأل عن الخبر (2) فلسفة ابن باجه في رأي ابن طفيل
অজানা পৃষ্ঠা