ইসলামের দার্শনিকদের ইতিহাস
تاريخ فلاسفة الإسلام: دراسة شاملة عن حياتهم وأعمالهم ونقد تحليلي عن آرائهم الفلسفية
জনগুলি
الأعراض الروحانية الفردية على أربعة أنواع: النوع الأول: هو العامي ومقره الحواس أو الإحساس. والنوع الثاني: في الطبيعة أو الشهوة، لأن من به ظمأ يجد في ذاته عرضا روحانيا يدفعه للبحث عن الماء، ومن به جوع يجده لأجل البحث عن الغذاء، وعلى العموم كل من يشتهي مدفوع للبحث عما يشتهي بعرض روحاني، وهذا العرض الصادر عن الطبيعة لا ينصب على جسم خاص، لأن من به ظمأ لا يتطلب نوعا خاصا من الماء إنما يطلب ماء ما من الجنس الذي يشتهيه. النوع الثالث: هو العرض الروحاني الذي ينشأ عن الفكر أو العرض الذي يصدر عن التأمل أو الدليل والإيضاح.
والنوع الرابع: يشمل الأعراض التي تولد بواسطة تأثير العقل الفعال بدون تعضيد الفكر أو الدليل، وفي هذا النوع يدخل الوحي النبوي، والأحلام الصادقة التي هي صادقة بالضرورة، وليست صادقة بالمصادفة. والنوعان الأولان مشتركان بين الإنسان والحيوان، والأعراض الضرورية للحيوان لكماله الطبيعي تعطيها الطبيعة لكل الحيوانات، ولكن توجد أعراض تعطيها الطبيعة تكرما ولا توجد إلا في بعض الحيوانات. وهذه الحال قاصرة على الحيوانات التي ليس لها دم كالنحل والنمل. والنوعان الأخيران من الأعراض الروحانية خاصان بالإنسان، وهما وسط بين الأعراض الروحانية الفردية والأعراض المعقولة؛ لأنهما ليسا أعراضا فردية لأجل الأجسام، ولا أعراضا روحانية فردية كالأعراض الحساسة، وليسا خالصين عن المادة بالمرة حتى يصح وصفهما بالعموم كالأعراض المعقولة، ومن الممكن للمراقب أن يعرف من حدة النظر درجة الروحانية والذكاء التي وصل إليها الإنسان.
الفصل السابع
لا ينبغي للمتوحد أن يعمل لأجل الأعراض الروحانية لذاتها؛ لأنها ليست نهايته وإن كانت وسيلة للوصول إلى الغاية القصوى، وينبغي له أن لا يخالط الذين لا يملكون إلا تلك الأعراض الروحانية؛ لأنهم قد يتركون في نفسه آثارا تعوقه عن الوصول إلى السعادة الأبدية.
ولنفترض الآن أن رجلا فاضلا بالمرة كالمهدي وآخر فاجرا كأبي دلامة، كل واحد منهما يملك العرض الخاص بالآخر، وكل عرض روحاني محرك للجسم الذي يوجد العرض به. فعرض أبي دلامة يحمل المهدي على السرور والهذر تبعا لإدراك الأول للرذائل، وعرض المهدي يحمل أبا دلامة على التواضع والحياء؛ لأن أبا دلامة يذل بإدراك الطبيعة السامية التي هي طبيعة المهدي وبعرضها الشريف، ومن المحقق أن التواضع والحياء هما من الصفات التي هي أرقى من الخفة والباطل، فحينئذ بعرض الرجل الراقي أي بإدراك هذا العرض يمكن للرجل المنحط أن يشرف ويرتقي، وكذلك بعرض الرجل المنحط يمكن سقوط الرجل الراقي. فينبغي علينا والأمر كذلك أن نتوحد وبهذه الوسيلة ينقي أخس الناس نفسه ويعلن عن مجد الرجل السامي والسامي يخلص من التأثير الذي يمكن أن يتلقاه من الخسيس ولا يفكر إلا في الوحدة، وكذلك يجد كل واحد من كان قريبا منه إلى جانبه. وهكذا المتوحد سيبقى نقيا من الاختلاط بالناس؛ لأن من واجبه أن لا يرتبط بالرجل المادي ولا بالرجل الذي ليس له غاية إلا الروحاني المطلق. وواجبه أن يرتبط بأهل العلم، وحيث إن أهل العلم لا يوجدون في كل مكان فينبغي للمتوحد أن يبتعد عن الناس على قدر الإمكان، وأن لا يمتزج بهم إلا لأجل الضروريات. ينبغي له أن يبتعد عنهم لأنهم ليسوا من جنسه، فلا يختلط بهم ولا يسمع لغطهم؛ لأجل أن لا يحتاج لتكذيب أكاذيبهم، وأن لا يقضي وقته في بغضهم وفي الحكم عليهم وهم أعداء الله. والأفضل للمتوحد أن لا يقضي وقته في الحكم على الناس الذين يعيش بينهم، إنما يعطي نفسه لتعليمه الإلهي، وأن يلقي بعيدا عنه ذلك العبء الثقيل، وأن يكمل نفسه، وأن يضيء لمن حوله كالنور، وفي السر يعطي نفسه لتعلم علم الخالق كما لو كان ذلك أمرا معيبا، وبذلك يكمل نفسه في العلم وفي الدين الذي يرتضيه له، أو يذهب إلى الأماكن التي يوجد فيها العلماء، فيرتبط بهم وبالمتقدمين في السن الممتازين بذكائهم وعلمهم وصدق حكمهم وبفضائلهم العقلية، وأن يجتنب الشبان القليلي الخبرة، وإن ما نقوله هنا لا يناقض العلوم السياسية التي تقول بأن مجانبة الناس خطأ، ولا العلوم الطبيعية التي تقول بأن الإنسان مدني بالطبع؛ لأن هذين المبدأين صحيحان نظريا حال تملك الرجال كمالاتهم الطبيعية، ولكن قد يحدث أن يكون الخير في الابتعاد عن المجتمع، فإن اللحوم والنبيذ أغذية نافعة للإنسان، كما أن الأفيون والحنظل قاتلان، ومع ذلك فإنه يحدث أن هذين الأخيرين يكونان في بعض الأحيان نافعين والغذاء العادي الطبيعي قد يحدث أن يكون قاتلا. ولكن هذا نادر ولا يحدث إلا مصادفة، وهذا أيضا ينطبق على تدبير النفوس.
الفصل الثامن
إن غاية المتوحد النهائية هي في الأعراض المعقولة والأعمال التي تؤدي إليها كلها في حيز العقل، ولا يصل المتوحد إلى تلك الأعراض إلا بالتأمل والدرس، وهذه الأعراض لها في ذاتها تأكيد لوجودها، وهي بعبارة أخرى أفكار الأفكار وأرقاها العقل المكتسب الصادر عن العقل الفعال، الذي بواسطته يتوصل الإنسان لأن يفهم ذاته كموجود عقلي.
ثم أسهب ابن باجه في الكلام على العقل المكتسب وطريقة الوصول إلى فهم ذاته، ثم قال: «إن العقل الفعال لا ينقسم أي لا يتجزأ، وحيث إن الأعراض الخاصة به جميعا ليست فيه إلا واحدة أو على الأقل كل أرواحها هي أشياء لا تتجزأ؛ أي إن كل عرض خاص يوجد فيه؛ أي في العقل الفعال كوحدة، فعلم هذا العقل المنفصل كذلك واحد، وإن كانت أغراضه متعددة كتعدد الأنواع. وإذا كانت الأعراض التي تصدر عنه متعددة، فما ذلك إلا لأنها تظهر في مواد مختلفة. وفي الواقع إن الأعراض الموجودة في بعض المواد هي في العقل الفعال عرض واحد، وليس المقصود من ذلك أنها كانت بالمعنى بعد أن كانت في المواد كما يحدث هذا لأجل العقل في الفعل. وليس هناك ما يعوق العقل في الفعل عن عمل مجهود لتقريب هذه الأعراض المنفصلة منه إلى أن يصل إلى الإدراك المعقول أو العقل المكتسب، لأجل هذا كان الإنسان بروحه أقرب الموجودات للعقل الفعال، وليس هناك ما يعوق العقل المكتسب عن أن يعطي ما تعطيه العقول الأخرى؛ أي الحركة لأجل أن يتأمل في ذاته. وعند ذلك يصل إلى الإدراك المعقول الحقيقي؛ أي إحساس المخلوق الذي بطبيعته هو عقل يعمل بدون أن يحتاج حالا أو سابقا إلى شيء يخرجه من حالة القوة. هذا هو إدراك العقل المنفصل أي العقل الفعال كما يدرك ذاته، وهذا هو آخر الحركات.»
ويرى القارئ مما تقدم أن ابن باجه لا يوضح بجلاء الطريق التي تتم بها تلك الحركة العظمى، وكيف يتم الاتصال بين العقل الإنساني والعقل الفعال العام، وقد رأينا في رسالة الوداع أنه مضطر إلى إدخال قوة فوق الطبيعة لإتمام هذا الاتصال، ثم لنذكر أن الكتاب الذي فرغنا من تلخيصه قد وجده ابن رشد غامضا، وقد وضعه ابن طفيل بين الكتب التي لم يتمها ابن باجه ووصفها بأنها مجزومة من أواخرها. ولكن الذي تهمنا معرفته هو أن ابن باجه أعطى للفلسفة العربية في الأندلس حركة ضد الميول التصوفية التي ابتدعها الغزالي وقال ابن باجه: إن العلم النظري وحده قادر على الوصول بالإنسان إلى فهم ذاته وفهم العقل الفعال، كما أوضح ذلك في رسالة الوداع وكما علمنا ابن طفيل، وبذا اختط السبيل الذي سار عليه ابن رشد. (2) إيضاح لفلسفة ابن باجه (2-1) تحريف اسمه واضطهاده
يطلق عليه بعض الإفرنج اسم
অজানা পৃষ্ঠা