ইসলামের দার্শনিকদের ইতিহাস
تاريخ فلاسفة الإسلام: دراسة شاملة عن حياتهم وأعمالهم ونقد تحليلي عن آرائهم الفلسفية
জনগুলি
قضى والد علي وهو في الثانية والعشرين من عمره، وكان يعينه في أعمال الدولة حتى إذا فرغ منها عكف على تأليف بعض الكتب والرسائل، كان يسأله في وضعها لفيف من الأكابر والأعيان، فلما أن نكب في والده ثقلت عليه الإقامة في بخارى فرحل عنها، وسكن جرجان وبعض مدن خوارزم وخراسان وداغستان وهي إحدى البلاد الدانية من بحر قزوين. وقد أصابه في تلك البلاد داء عضال، ثم عاد إلى جرجان فتعرف برجل كبير القدر اسمه أبو محمد الشيرازي، فأهدى إليه دارا فانتفع بها لإلقاء الدروس للطلاب. وإذ ذاك بدأ ابن سينا بوضع كتاب قانون الطب، وهو المؤلف الذي خلد ذكره، وأكسبه صيتا بعيدا في أوروبا، حيث بقي قانون ابن سينا هو أساس العلوم الطبية وعمدة الطالبين لها خلال قرون متتالية.
وكانت المشاغب السياسية تلجئه إلى تغيير موطنه، وفي هذا من قطع العمل والتشويش على العلم ما فيه، إلى أن استوزره شمس الدولة أمير همذان، بيد أن وزارته لم ترض الجند فأسروه وطلبوا قتله، فأغضب صنعهم شمس الدولة وأنقذ ابن سينا من أيديهم بعد جهد جهيد. وقد اختفى ابن سينا عن الأعين حينا ثم عاد إلى حاشية الأمير يتعهده منذ أصابه داء في الأحشاء وشرع يدون أجزاء شتى من كتاب الشفاء.
وكان في كل عشية يلقي على تلاميذه دروسا في الفلسفة والطب. ويحكى عنه أنه كان يحب الأنس والأطعمة الفاخرة، فكان كل ليلة بعد نهاية الدرس يستقدم العازفين، ويمد الموائد الممتعة، ويقضي كذلك هزيعا من الليل مع تلاميذه وأحبابه.
ولما مات شمس الدولة وتولى الإمارة ابنه بعده لم ترقه حال ابن سينا فأعرض عنه، فحقد عليه الشيخ الرئيس وكاتب في السر عدوه ومناظره علاء الدين أمير أصبهان فكشف أمره، وعوقب على فعلته بالسجن في حصن، وبعد سنين كذلك فاز في الفرار إلى أصبهان فرحب به علاء الدولة، وكان يصحبه في معظم غزواته وأسفاره.
وقد أفنت تلك المتاعب بنيته وزادته ضعفا على الذي لحقه من الإفراط في العمل واللهو، فأصابه داء في الأحشاء فتناول دواء شديدا سريع الأثر، فاشتدت علته وقد بلغت آلامه نهايتها في غزوة اصطحبه فيها علاء الدولة إلى همذان.
ولما أن رأي ابن سينا دنو أجله تاب إلى الله توبة نصوحا وتصدق بأغلى وأثمن ما كان يملك، وانقطع إلى العبادة وأعد للقاء الله عدته وقضى إلى رحمة الله في شهر رمضان المبارك عام 428 للهجرة/يوليو سنة 1037 وهو يبلغ سبعة وخمسين عاما. وقد دون تلميذه الجرجاني ترجمته وهو المعروف عند الإفرنج باسم (جورجوروس)، ونقلت هذه الترجمة إلى اللغة اللاتينية وافتتحت بها عدة من مؤلفات الشيخ الرئيس التي نشرت في أوروبا.
كان ابن سينا من أعجب العبقريين، وأبلغ الكتاب؛ فإنه خلال قيامه بأعباء المناصب وشد الرحال إلى البلاد القصية، في مثار الحروب وثنايا الفتن الأهلية تمكن من وضع كتب كثيرة ممتعة، يكفي أحدها لتأسيس مجده ووضعه في مصاف كبار حكماء المشرق. وقد دون أكثر من مائة كتاب تتباين في الإتقان ولكنها تشهد بفضله وبإلمامه بسائر علوم عصره، وإكبابه على العمل في أحرج الأحوال. ومعظم مؤلفاته لا تزال محفوظة إلى يومنا هذا، وكثير من كتبه الكبرى كالقانون والشفاء ترجمت إلى اللاتينية وطبعت عدة مرات، وسنقصر الكلام بإسهاب في هذه العجالة على الشفاء والنجدة.
كتاب الشفاء وهو من موسوعات العلوم ودوائر المعارف في ثمانية عشر مجلدا، محفوظة منها نسخة كاملة بمدرسة أكسفورد الجامعة. والنجدة موجز الشفاء، وضعه الرئيس رغبة في إرضاء بعض أصفيائه، وقد طبع الأصل العربي بعد القانون في رومة عام 1593، وهو في ثلاثة أقسام: المنطق والطبيعيات وما وراء الطبيعة، وليس يوجد فيه القسم الخاص بالعلوم الرياضية التي أشار إليها المؤلف في فاتحة الكتاب، وقال بضرورة ذكرها في الوسط بين الطبيعيات وعلم ما وراء الطبيعة، وقد طبع هذان الكتابان كاملين ومتفرقين عدة مرات باللغة اللاتينية، منها مجموعة طبعت في البندقية عام 1495 تشمل: (1)
المنطق. (2)
الطبيعيات (مقتبسة من كتاب الشفاء). (3)
অজানা পৃষ্ঠা