لون العلم
الهلال
النجم
العلم المصري الجديد
لون العلم
الهلال
النجم
العلم المصري الجديد
تاريخ العلم العثماني
تاريخ العلم العثماني
تأليف
أحمد تيمور باشا
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فهذه نبذة في تاريخ العلم العثماني، كنا نشرناها في صحيفة الأهرام في 13 شوال سنة 1341 لما شرعت الدولة المصرية في تغيير علمها، وكثر السؤال يومئذ عن العلم العثماني وتاريخه لأنه الأصل في العلم المصري، فأجبنا بما يلي مع بعض الزيادات زدناها هنا.
لون العلم
اتخذ العثمانيون في مبدأ دولتهم العلم الأبيض ثم غيروه بالأخضر ثم بالأحمر وهو اللون الباقي إلى اليوم. ولكن يلاحظ أنهم لما جعلوه أحمر لم يجعلوه في أول الأمر مصمتا - أي من لون واحد - كما هو الآن بل وضعوا في وسطه دائرة خضراء بيضية بها ثلاثة أهلة وهو العلم السلطاني، وكانت لهم أعلام أخرى خاصة بالوزراء وكتائب الجند مختلفة الألوان؛ منها الأحمر والأصفر والجامع بين الحمرة والصفرة أو الحمرة والخضرة أو الخضرة والبياض على ما سنبينه.
وقد بين لنا ابن إياس أن العلم العثماني كان في زمنه من حرير أخضر وأحمر، ذكر ذلك في كلامه على قاسم بك حفيد السلطان بايزيد الثاني، وكان صبيا فر به مربيه إلى مصر
1
وهو في الثالثة عشرة خوفا عليه من السلطان سليم، فأكرمه سلطانها الغوري، ثم لما خرج هذا السلطان إلى حلب لقتال العثمانيين رأى أن يخرج معه هذا الأمير ويعظم من شأنه طمعا في استمالتهم إليه. قال ابن إياس (ج3 ص151): «وكان سليم شاه يخشى من أمر قاسم بك هذا أن يلتف عليه عساكر الروم من عساكر جده ويولوه مملكة الروم، وسافر قاسم بك هذا صحبة الأشرف قانصوه الغوري إلى حلب وصنع له برقا وسنيحا حافلا، وجعل له صنجقا من حرير أخضر وأحمر كما هي عادة ملوك الروم.» انتهى.
والذي يفهم من قوله: «عادة ملوك الروم» أن هذا العلم كان على مثال العلم السلطاني أي الأحمر ذي الدائرة الخضراء في وسطه. ويؤيد ذلك كون الغوري بالغ في إعظام شأن هذا الأمير وإظهاره بمظهر السلاطين ليبلغ به مقصده فيبعد أن يكون اتخذ له علما جامعا بين الخضرة والحمرة من أعلام الوزراء أو الجند.
ولم تكن نهاية هذا الأمير بخالية من ذكر علم آخر أيضا؛ فإنه عاد إلى مصر بعد هزيمة المصريين وبقي معظما عند طومان باي ثم اختفى بعد القبض على هذا السلطان، وظل مختفيا إلى أن حدثت حادثة اليكيچرية
2
وجنوحهم إلى العصيان سنة 924 في ولاية خير بك فأخذوا في البحث عنه ليبايعوه، فلم يوفقوا ثم ظفر به خير بك فقتله خنقا وأخرج لهم جثته ليفت في عضدهم ثم جهزه ودفنه، قال ابن إياس: «فلما صلوا عليه بالحوش حملت الأمراء نعشه على أكتافهم ثم نزلوا به من سلم المدرج ووضعوا عمامته على نعشه ورفعوا عليه علما أبيض، ثم توجهوا به إلى تربة البجاسي
3
فدفنوه فيها على أقاربه، وكانت جنازته مشهودة، وكثر عليه الأسف والحزن من الناس فإنه كان شابا جميل الصورة حسن المنظر له من العمر سبع عشرة سنة وقد قتل ظلما بغير ذنب وقد تناحرت عليه العثمانيون بالبكاء.» انتهى.
ولعل رفع العلم الأبيض على نعوش الأمراء كان عادة عند العثمانيين، غير أننا لم نقف على شيء عنها، ولا يبعد أن تكون آتية من اتخاذ البياض علامة للحزن في بعض الأزمنة ببعض البلاد الإسلامية.
وذكر ابن إياس علم العثمانيين في موضع آخر (ج3 ص105) فقال في حوادث استيلاء السلطان سليم على القاهرة: «فلما هرب السلطان طومان باي وقتل من قتل من الأمراء والعسكر رجع السلطان سليم شاه إلى وطاقه
4
الذي في الجزيرة الوسطى ونصب في وطاقة صنجقين أحدهما أبيض والآخر أحمر؛ وذلك إشارة عندهم لرفع السيف عن أهل المدينة، هكذا عادتهم في بلادهم إذا ملكوا مدينة وفتحوها بالسيف عنوة.»
قلنا: الظاهر أن العلم الأبيض هو الذي كان علامة للأمان، وأما الأحمر فهو العلم السلطاني الذي يرفع حيث يكون السلطان، ولكنا لم ندر أيعني بكونه أحمر أنه كان مصمتا، فيكون غير في مدة سليم بإزالة الدائرة الخضراء من وسطه، أم أراد بذلك وصفه باللون الغالب عليه وهو الحمرة.
أما العلم الأبيض فلم يبتدعه العثمانيون بل كان علما منحه السلطان علاء الدين آخر السلجوقيين
5
للسلطان عثمان الأول، فلما استقل جعله علم مملكته ولم يغيره، واستعمله بعده السلطان أرخان، ثم بدا للسلطان مراد الأول تغيير لونه فجعله أخضر ثم جعله السلطان محمد أحمر ذا دائرة خضراء في وسطه، ولكن لم يعين مؤرخو الترك أي المحمدين صاحب هذا التغيير، وقد تقدم في قول ابن إياس أن علم سليم كان أحمر، فالتغيير على هذا إما لمحمد الأول الملقب بچلبي أو الثاني الملقب بالفاتح، وهما اللذان كانا قبله بهذا الاسم. وفي خبر منقطع لم يسند إلى مصدر معروف رواه حمدي بك الذي كان ناظرا لدار الآثار بالقسطنطينية ونقله عنه يعقوب أرتين باشا في كتابه عن الشارات في الشرق الذي ألفه بالفرنسية
6
أن العلم العثماني وقت الاستيلاء على القسطنطينية كان أخضر اللون مطرزا بحديث يروى في فتح هذه المدينة وفضل فاتحها. وإذا صح هذا فالتغيير إذن لمحمد الثاني الفاتح بعد الفتح.
وكان للعثمانيين أعلام أخرى دون العلم السلطاني خصوا بها الوزراء وفرق الجند؛ فكان لذوي لقب «باشا»
7
العلم الأبيض، ثم غيروه فجعلوه شقة خضراء مذهبة الأطراف في وسطها أخرى حمراء مستطيلة أصغر منها مذهبة الأطراف أيضا مرقومة الوسط بكلمة التوحيد أو بآية قرآنية بدل الهلال. وكان لفرقة الفرسان المسماة «طوپراقلي سواريسي»
8
علم شطره الأعلى أخضر والأسفل أحمر مصور عليه سيف مذهب على مثال ذي الفقار محاط بأربعة أهلة مذهبة. ولليكيچرية علم مثله يجمع اللونين إلا أنه مذهب الأطراف وبوسطه صورة مذهبة لذي الفقار ولكن بلا أهلة وهو علمهم الأكبر، وكان لكل فرقة من فرقهم علم خاص يميزها. وللمدفعية علم أحمر مصمت مذهب الأطراف بوسطه مدفع مفضض قد صورت كرة أمام فمه وثلاث خلفه. و«للخمبره جية» وهم مطلقو الخمبرة
9
من مدفع «الهاون» علم أحمر مصمت مذهب الأطراف بوسطه صورة مفضضة لهذا المدفع. ولفرقة الفرسان «السپاه»
10
علم أحمر مصمت بوسطه هلالان مفضضان، وللفرسان «السلاحدارية» علم مثله إلا أنه أصفر مصمت، ولفرسان «البلوكات الأربعة» علم مخطط عرضا بالخضرة والبياض، وللفرقة المسماة «كوكللو
11
سواريسي» أي الفرسان المتطوعة علم شطره الأعلى أصفر والأسفل أحمر، وللدليل العسكري علم مثله إلا أن شطره الأعلى أخضر.
الهلال
لما ألف يعقوب أرتين باشا كتابه عن الشارات بالشرق كتب إليه حمدي بك المتقدم ذكره نبذة عن العلم العثماني افتتحها بقوله: «لا يعلم بالتحقيق تاريخ اتخاذ الهلال والنجم على العلم التركي.» انتهى. وقد راجعنا أقوال مؤرخي الترك وغيرهم فلم نرهم متفقين على أصل الهلال العثماني وسبب تصويره على العلم وتاريخه، غير أن آراءهم فيه لم تتشعب إلا إلى رأيين مشهورين إذا استطعنا ترجيح أحدهما استنادا على بعض الأدلة، فإنا لا نستطيع الوصول فيه إلى حكم قاطع رافع للخلاف.
الرأي الأول:
أنه مقتبس من الروم بعد فتح العثمانيين للقسطنطينية؛ لأنه كان شعار مملكتهم الشرقية، وهو قول الإفرنج في معالمهم ومعاجمهم التاريخية. ويروى أنه قديم عند البيزنطيين قبل تكوين مملكة الروم الشرقية. وكان سبب اتخاذهم له أن فيليب المكدوني والد الإسكندر حاصر بيزنطية
1
في ليلة حالكة، ولما اقترب منها ظهر الهلال في الأفق وقت السحر، وقيل بل ظهر القمر من وراء سحابة وبدا طرف منه كالهلال، فكشف لأهلها مواقع المحاصرين فدفعوهم عنها، وتيمنوا به فجعلوه شعارهم وصوروه على أبنيتهم ونقودهم. ثم لما جعلت هذه المدينة قاعدة للمملكة الشرقية بقي هذا الشعار لهذه المملكة، ثم لما فتحها العثمانيون ورأوه مصورا في كل مكان راقت لهم صورته، فاتخذوه شعارا لهم أيضا وصوروه على أعلامهم. وممن اعتمد هذا الرأي من مؤرخي الشرق المولى شهاب الدين المرجاني القزاني في تاريخه «وفية الأسلاف وتحية الأخلاف» فساق هذه الرواية ببعض اختلاف؛ وذلك بمناسبة كلامه على وضع صورة الهلال على رءوس المآذن في قزان ثم قال: «وورث ذلك منهم القياصرة ثم العثمانية لما غلبوا عليها، ثم أحدث ذلك في بلاد قزان متابعة لهم في هذا القرن الذي نحن فيه.» وقد ذكر مؤرخو الترك هذا الرأي ولكنهم لم يقطعوا به كما لم يقطعوا بالثاني وإن كانوا يرجحونه على ما يؤخذ من كلامهم.
الرأي الثاني:
أن الهلال كان معروفا عند العثمانيين من منشأ دولتهم، وكان معروفا أيضا عند السلجوقيين، بل كان قبلهم عند الفرس ولا سيما في عصر الشاه خسرو؛ فقد نقش صورته على نقوده واتخذه شعارا لدولته. وروى واصف أفندي في تاريخه أن بعض الخلفاء العباسيين كانوا يجعلونه هلالا من النحاس المذهب على رأس علمهم الأسود، فلما تغلب السلاطين عليهم وتحكموا فيهم استنكفوا من استعمال علمهم فأحدثوا لأعلامهم شارات أخرى غير الهلال، وكان مصير العلم ذي الهلال بعد اضمحلال الخلافة إلى طوائف الصوفية ومشايخ الزوايا، وهو قول غير مستبعد وإن لم نره لغيره. وفي خطط المقريزي (ج1 ص448) وصبح الأعشى (ج3 ص473) أن الفاطميين كان لهم علمان دون لواءي الحمد، وهما رمحان برأسيهما هلالان من ذهب صامت وفي كل واحد منهما سبع من ديباج أحمر وأصفر وفي فمه طارة مستديرة يدخل فيها الرمح فيفتحان
2
فيظهر شكلهما يحملهما فارسان من صبيان الخاص فيكونان أمام الرايات في المواكب.
فيرى من ذلك أن الهلال كان موجودا في الدول الشرقية قبل فتح القسطنطينية، فكان في بعضها شعارا ونقشا في النقود، وفي بعضها شارة للأعلام إن لم يكن في متونها فعلى عوالي رماحها. وقد تقدم أن الأتراك ذكروا الرأي الأول في تواريخهم ولم يقطعوا به. أما الرأي الثاني فيروون أن الهلال كان شعارا للسلجوقيين وكان متخذا عندهم في الأعلام ولكن على عواليها، وأن العلم الأبيض الذي أهداه آخر سلاطينهم إلى السلطان عثمان كان متوج الرأس بتمثال هلال، فلما ورث العثمانيون ملك السلجوقيين بعد انقراض دولتهم عدوا هذا العلم علامة لاستقلالهم وتيمنوا بالهلال؛ فكان السلطان عثمان يجعله على أعلى مضربه لتكون علامة الاستقلال مرفوعة على رأسه في حله كما ترفع عليه فوق العلم في ترحاله.
ثم لما غير السلطان مراد الأول لون العلم الأبيض بالخضرة جعل في وسطه ثلاثة أهلة بيضاء مفضضة التطريز اثنان منهما متقابلان والثالث تحتهما مرفوع الطرفين ، ثم لما اتخذ السلطان محمد العلم الأحمر جعل في وسطه دائرة خضراء بيضية في وسطها ثلاثة أهلة مذهبة التطريز متناسقة الوضع في سطر واحد، ثم أزيلت تلك الدائرة وحل محلها الهلال على المتن الأحمر ولكنا لا ندري متى كان ذلك.
علم السلطان مراد الأخضر.
أما أعلام الكتائب فلم يكن منها ما عليه الهلال غير ثلاثة، فكان لعلم «طوپراقلي سواريسي» أربعة أهلة مذهبة؛ اثنان على الشطر الأخضر واثنان على الأحمر بينها صورة ذي الفقار كما تقدم. ولكل واحد من علم السپاه الأحمر وعلم السلاحدارية الأصفر هلالان مفضضان.
علم السلطان محمد الأحمر ذو الدائرة الخضراء.
ولولوع السلاطين العثمانيين بتعظيم الهلال اتخذوه مرصعا على الصورغوج، وهي حلية كانت تجعل على العمائم والقلانس، وقصدهم أن يكون مرفوعا دائما على رءوسهم. وصوره بعضهم على الأوسمة لما حدثت عندهم. والظاهر أن أول وسام صور عليه كان «وسام الهلال» المرصع الذي أحدثه السلطان سليم الثالث، ثم أبدله السلطان محمود الثاني بوسام الافتخار على ما في معلمة لاروس.
هذا ما استطعنا الوصول إليه عن أصل الهلال العثماني، ولا مطعن لنا في إحدى الروايتين، غير أننا لا نوافق على الرأي المبني على الرواية الأولى؛ فليس الهلال الرومي فيما يظهر لنا أصلا للهلال العثماني كما يقول أصحاب هذا الرأي، بل الذي نرجحه استنتاجا من الروايتين أن الهلال كان شعارا للملكة الشرقية كما كان شعارا للسلجوقيين والعثمانيين. فلما فتح هؤلاء القسطنطينة استنتج المؤرخون بعدهم من توافق الشعارين ما نشأ عنه الرأي الأول. وسيبقى هذا الإشكال بلا حل حتى يهتدي الباحثون إلى نص صريح لثقة من معاصري الفتح.
النجم
وضع النجم على العلم العثماني مضافا إلى الهلال ليس بقديم كما يتوهمه كثيرون، ففي رواية تروى أنه كان في زمن السلطان سليم الثالث المتولي من سنة 1203 إلى 1222 لما أحدث النظام الجديد للجند.
العلم العثماني الأخير الأحمر ذو الهلال والنجم الأبيضين.
والذي في التواريخ التركية التي اطلعنا عليها أنه لم يصور على العلم إلا في زمن السلطان عبد المجيد بن محمود المتولي من سنة 1255 إلى 1277 بعد إحداثه «التنظيمات الخيرية».
ويحتمل أن يكون سليم الثالث أول محدث له ثم أزيل بعد قيام اليكيچرية وإبطالهم النظام الجديد وقتلهم هذا السلطان، فلما أحدث السلطان عبد المجيد «التنظيمات الخيرية» وأراد التغيير في العلم أعاد إليه ما كان أحدثه فيه سليم فنسب إليه إحداثه.
وسواء صح هذا أم ذاك فشكل العلم العثماني المعروف الآن بهلاله ونجمه الأبيضين ليس بقديم في الدولة فما جاء في مادة «ترك» من المعلمة الوجدية
1
من أن وضعه على الهيئة التي هو عليها اليوم كان في عهد مراد الأول لا يخلو من نظر، ولعل العبارة لمؤرخ قديم وصف فيها العلم العثماني الذي رآه فنقلت عنه ولم يفطن إلى أن مراده بها علم عصره والله أعلم.
ولما تنكر الدهر لبني عثمان وأقصاهم عن الملك ومزق شمل مملكتهم بعد الحرب العظمى، ولم يبق للترك غير دويلة قاعدتها أنقرة، أبقوا على هذا العلم ولم يغيروه كما غيروا كل شيء حتى تبرءوا من الإسلام، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
العلم المصري الجديد
لم يكن لمصر علم منذ افتتحها العثمانيون غير العلم العثماني كسائر ولاياتهم
1
وكان أخيرا على شكله المعروف أحمر اللون ذا هلال ونجم أبيضين في وسطه. ولم يغير في حكم الأسرة العلوية على مصر إلى العصر الإسماعيلي فحدث فيه تمييز الشارة الخاصة بالأمير بهلال وثلاثة أنجم، والعلم الخاص به بثلاثة أهلة وثلاثة أنجم، وبقي علم الإمار المصرية على ما كان عليه كعلم الدولة. ولم نقف في شيء من التواريخ ولا روايات الثقات على تغيير في الشارة قبل هذا العصر ولكن أثرا تاريخيا استوقف نظرنا وأثار فينا الظن إلى أن هذا التغيير قد يكون بدئ به في عصر العزيز محمد علي؛ فإن في مجموعة الصور الملحقة بخزانتنا صورة نادرة لعباس حلمي باشا الكبير
2
في إبان صباه قبل توليته على مصر يرى بها على الجهة اليمنى من صدره تمثال هلال وثلاثة أنجم. فإذا ثبت أن هذه الحلية من الشارات أو الأوسمة المصرية لا العثمانية كانت مظنة لما قدمناه، ومن أحرى الأمور بالبحث والنظر إلا أن تكون التحلية بالأنجم الثلاثة وقعت عفوا من غير أن يقصد بها تمييز في الشارة.
وهذا مثال مصغر لهذه الصورة وهو فيها بالحلة القديمة ذات السروال الواسع والجمازة القصيرة المسماة عند العامة «بالصلطة»
3
وعلى رأسه «الطربوش».
عباس باشا الكبير في إبان صباه قبل التولية.
الكبير ذو العذبة الطويلة وقد بدا منه طرف الكمة «أي الطاقية» وكانوا يلبسونها تحته ويبدون طرفها منه لوقايته من العرق ولهذا يسميها البعض بالعرقية.
وفي أواخر سنة 1332 وقعت الحرب العظمى بين الدول وأعلنت الحماية الإنكليزية على مصر بعد فصلها عن الدولة العثمانية، وتولى عليها الأمير حسين كامل في ثاني صفر سنة 1333 متلقبا بالسلطان، فأخذ ولاة الأمر يفكرون في تغيير العلم كما غيروا بعض الأنظمة، وأشيعت عنه إشاعات، فقيل إنهم سيجعلونه أزرق وقيل أخضر، إلى أن استقر الرأي على اختيار العلم الأحمر ذي الثلاثة الأهلة والثلاثة الأنجم الذي كان خاصا بالأمير منذ العصر الإسماعيلي، فجعلوه علما للدولة المصرية وهذه صورته:
العلم المصري الأحمر ذو الثلاثة الأهلة والثلاثة الأنجم.
وفي 16 رجب سنة 1340 أعلن استقلال مصر وتغير لقب سلطانها بالملك، فشرعوا سنة 1341 ينظرون في تغيير العلم واختلفت فيه الآراء وكثرت المقترحات، ثم انتهى الأمر بجعله أخضر اللون ذا هلال وثلاثة أنجم بيضاء، وجعل العلم الخاص بالملك مثله إلا أنه ميز بصورة تاج زيدت عليه في الزاوية التي بجانب عالية رمحه وكان ذلك سنة 1342، واحتفل برفعه على قصر عابدين مقر الملك بالقاهرة في يوم الأحد 15 جمادى الأولى من تلك السنة.
وهذه صورة علم الدولة منقولة من تقويم الحكومة:
العلم المصري الأخير الأخضر ذو الهلال والثلاثة الأنجم.
وأحدثت أعلام أخرى للجيش المصري البري والبحري منعنا من ذكرها توخينا الاختصار في هذه النبذة، وسنذكرها إن شاء الله تعالى في رسالة أخرى نفصل فيها الكلام على أعلام الدول الإسلامية من الفتح الإسلامي إلى اليوم.
অজানা পৃষ্ঠা