তারিখ ইল্ম আদাব
تاريخ علم الأدب: عند الإفرنج والعرب وفكتور هوكو
জনগুলি
والشعر كالنثر لا يختص بلسان العرب فقط، بل يوجد في كل لسان من ألسن الأمم المتمدنة، والهمجية فإن لأهالي أفريقيا أشعارا يمدحون بها على آلات طربهم ويرقصون على أنغامها. وكان في الأمم السالفة شعراء مجيدون مثل فياسه صاحب ديوان ماهابهاراته، ومثل فالميكي صاحب ديوان رامايانه وهما من شعراء الهند وكهنتها نظما الديوانين المذكورين باللسان السانسكريتي قبل الميلاد بقرون كثيرة، وترجمهما العلماء في زماننا إلى أكثر اللغات الأوروبية، فوجدوا أشعارهما حماسية دينية، وفي الديوان الأول نحو مائتي ألف بيت أو قطعة، وهما عند الهنود بمثابة ما عند اليونان من الإيلياذة والأوديسة نظم هوميروس الشاعر الشهير. ولعل البستاني يتحفنا بنشر ما جناه من أدبه،
2
فإن هوميروس شيخ الشعراء بأجمعهم. ومثل شعراء الروم الذين كانوا في القسطنطينية، وما حولها من أرض الروم قبل أن يفتحها الفاتح. وشعراء الرومان اللاتينيين، وشعراء الفرس وإمامهم الحسن بن إسحاق الفردوسي ناظم الشهنامه في القرن الرابع للهجرة، وهو عند العجم كهوميروس عند اليونان، وفرجيل عند الرومان، ودانتي عند الطليان، وميلتون عند الإنكليز. وتشتمل الشهنامه على تاريخ أكاسرة الفرس وأخبارهم، وقد طبعت مرارا في الفارسية وترجمت للإنكليزية والفرنساوية، وترجمها نثرا للعربية الفتح بن علي البنداري الأصبهاني، وقدمها لخزانة أحد الملوك الأيوبية.
ذكر الجاحظ في كتاب البيان والتبيين «أن الفارسي سئل فقيل له: ما البلاغة؟ فقال: معرفة الفصل من الوصل،
3
وسئل اليوناني عنها فقال: تصحيح الأقسام واختيار الكلام، وسئل الرومي عنها، فقال: حسن الاقتضاب عند البداهة والغزارة يوم الإطالة، وسئل الهندي عنها، فقال: وضوح الدلالة وانتهاز الفرصة وحسن الإشارة، وقال مرة: التماس حسن الموقع، والمعرفة بساحات القول.»
وفي الأمم الأوروبية، والأميركية اليوم شعراء أعلى طبقة، وأبلغ كلاما ممن تقدمهم من شعراء الأمم السالفة. وموازين الشعر في جميع اللغات على نسبة واحدة في أعداد المتحركات والسواكن، والشعر الفرنساوي تبنى أعاريضه على عدد الهجاء، فالبحر الإسكندري (ألكساندرين) على اثني عشر هجاء في الأصل، والروي أي: القافية - وهو الحرف الأخير من كل بيت - موجود في لسان العرب وفي ألسن غيرهم، ولكن الفرنساويين قبل اختلاطهم بعرب الأندلس لم يكن لأشعارهم روي ولا قواف، فأخذوا عن جيرانهم الأندلسيين علم القوافي كما سيجيء تفصيله. فقبل الشروع في بيان الطريقة التي سلكها فيكتور هوكو في علم الأدب، وشرح أساليبه في النظم والنثر، وفي تصوير القصص والروايات نذكر شيئا من أخبار العرب ليتبين لنا التأثير الذي أثره أدبهم على أشعار الإفرنج وقوافيهم بوجه العموم، وعلى فيكتور هوكو بوجه الخصوص؛ لأن هذا الشاعر الحكيم نفح بنفحة من النفس الأندلسي، واغتذى بلبان من ارتضع قديما ثدي الأدب العربي، وبيان ذلك أن مدينة بيزانسون التي ولد فيها فيكتور هوكو دخلت في حوزة الإسلام، حينما قطع أهله جبال البيرينة، وأغاروا على مملكة أكيتانيا، وليون وفتحوا ما في شمالها من المدن مثل ماقون، وديجون، ثم دخلت بيزانسون في طاعة شارلكان صاحب الوقائع الشهيرة مع فرانسوا الأول ملك الفرنساويين، ومع معاهده وحاميه السلطان سليمان القانوني، وذلك في القرن السادس عشر للميلاد، فنقل الإمبراطور شارلكان عائلات كثيرة من الإسبان وأنزلهم بيزانسون، فاستمروا زمنا طويلا وامتزجوا بأهلها، ولم يزل لأهل بيزانسون شبه بالإسبان في ملامح الوجوه وفي اللهجة، وفي كثير من الكلمات والتعبيرات مع أن مدينتهم لا تبعد عن باريس أكثر من أربعمائة كيلومتر، وقد أشار فيكتور هوكو إلى ذلك في القصيدة الأولى من ديوان أوراق الخريف، ووصف بيزانسون بالمدينة القديمة الإسبانية فذهبت مثلا، وصار الكتاب لا يفترون عن وصفها بهذا الوصف، وعلاقة الإسبان بالعرب وباللسان العربي معلومة لا تحتاج إلى إيضاح. •••
أما العرب فلو نظرنا إلى تاريخ أدبهم لوجدنا في مقدمته أشعار الحماسة كما نجد ذلك عند بقية الأمم كالفرنساويين مثلا، فإن النظم في لسان أدبهم دون قبل النثر؛ لأن النظم يحصل التأنق في تأليفه والعناية في جمعه فيضم أطراف الكلام وحواشيه، ويكون في بادئ الأمر أبلغ مما عاصره من النثر فيحفظ في الصدور ويتداول على الألسنة، ثم تزيد العناية به فيدون بالنقش، أو الكتابة ويعلق على الجدران.وهذا معنى قولهم: النظم في تاريخ لأدب سابق للنثر.
وإلا فأول ما يبدأ من الكلام بالنثر لقرب تناوله وسهولة استعماله، ذكر الباقلاني في إعجاز القرآن المطبوع في مصر أن العرب بدءوا بالنثر وتوصلوا منه إلى الشعر، وكان عثورهم عليه في الأصل بالاتفاق غير مقصود إليه، فلما استحسنوه واستطابوه ورأوا الأسماع تألفه والنفوس تقبله؛ تتبعوه وتعلموه وتكلفوا له، فنبغ فيهم الشعراء وأقبل الناس رجالا ونساء على حفظ أشعارهم ورواية أخبارهم، والتفاخر بإنشاد القصائد الكثيرة في المواضيع المختلفة، والاستشهاد بكل بيت من أبياتها عند الحاجة، فجعلوا الشعر من بين الكلام ديوان علومهم وأخبارهم وحكمهم، وشاهد صوابهم وخطائهم، وأنزلوا الشاعر البليغ منزلة الإمام العالم الذي يهتدى بنبراس قريحته، ويفزع لرأيه في مشاكل الأقضية ومعضلات الأمور، فكانت كلمة الشاعر هي الكلمة العليا، وقوله: أمضى من السيف، وأحد من السنان وحكمه نافذ كحكم الشرع في القضاء.
وربما رفع الشاعر بالبيت الواحد عز القبيلة أو هدمه، كما وقع لشاعر قبيلة أنف الناقة بعد أن كان اسمها مجلبة للعار بين القبائل. وكان السجع من الكلام يجري على ألسنة الكهان، والحكماء، والعرافين، وأهل الزحر
অজানা পৃষ্ঠা