============================================================
ذكر ابراهيم عليه السلام الأتون ونصبوا عليه منجنيقا وذكر أنهم لم يدروا كيف يلقونه في النار إذ لم يقدروا على قرب النار فعلمهم إبليس وصنع لهم المنجنيق ليرموه، لما رأت الملائكة بكت وبكت معها السمنوات السبع والأرضون السبع والجبال والبحار والشمس والقمر وقالوا يا ربنا ليس على وجه الأرض أحد يعبدك إلا واحد وهو يحرق بالنار لأجلك فائذن لنا ننصره، فقال الله تعالى: إن استغات خليلي بأحد منكم فانصروه، وإلا فأنا أنصره وكفى بي نصيرا، ويروى أن جبريل عليه السلام قال للبي يل كنت حينئذ تحت العرش فقلت: يا رب ألا أنقذ عبدك وخليلك؟ فقال الله تعالى: إن استغاث بك فأغثه فضربت بجناحي حين رمي من المنجنيق فأدركته في الهواء قبل أن يصل إلى النار فقلت: السلام عليك يا ابراهيم أنا جبرائيل ألك حاجة؟ قال: أما إليك فلا، ويروى أنه قال: فسل ربك إذا قال حسبي من سؤالي علمه بحالي وعن سلمان الفارسي(1) رضي الله عنه قال: إن إبراهيم دعا ربه وقال: إللهي آنت واحد في السماء، وأنا واحد في الأرض لا يعبدك غيري يا أحد يا صمد، بك آستغيث وبك أستعين وعليك أتوكل حسبي الله ونعم الوكيل حسبي الله لا إلكه إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم، فلما دعا بهذا الدعاء أنقذه الله تعالى ويروى أن النار قالت: يا رب سخرتني لبني آدم حتى يحرقوا لي نبيك فقال الله لها: كونى بردا وسلما على إبزهير} [الأنبياء: الآية 69] ولو لم يقل "وسلاما" لأهلكه البرد قال وبعث الله ملك الظل والثلج حتى أطلقه، ويقال إن الله لم يسلط النار على شيء من جسده ولا ما معه إلا على وثاقه فاحترق، وأطلقت عنه ويروى أنه لما وقع في النار وجد اسرافيل قد سبقه وبسط له وجاءه جبرائيل فجلس معه يؤانسه وأنبت الله حوله روضة خضراء وبسط له بساطا من بسط الجتة وجعل بينه وبين النار حجابا من الشلج وألبسه جبرائيل قميضا من ثياب الجنة، وهو عن يمينه وإسرافيل عن يساره وكان يؤتى برزقه من الجنة غداة وعشيا ومكث إبراهيم في النار سبعة أيام ويقال ثلاثة أيام ثم إن آم إبراهيم رأت في منامها كأن إبراهيم جالس في التار وحوله روضة خضراء، وهي تقول في منامها: ألم تر كيف أفلح الله حجة ابني فلما انتبهت أخبرت زوجها، وروي آن نمرود رأى في منامه كأن إبراهيم خرج من النار وعليه قميص أخضر وخر له نمرود ساجدا فلما أصبح من ليلته قال: قولوا لوالدي إبراهيم يطلبا إلي فأخرج عظام إبراهيم من النار، ولم يشك أن النار قد أحرقته ثم رأى نمرود رؤيا أني أجبت أن أعلم أن إبراهيم كيف هو (1) سلمان الفارسي: أبو عبد الله، ويعرف بسلمان الخير، مولى رسول الله وسثل عن نسبه فقال: أنا سليمان بن الإسلام، عاش 350 سنة وتوفي سنة (35 ه) في آخر خلافة عثمان بن عفان (رضي الله عنه) ابن كثير، أسد الغابة 510/2.
পৃষ্ঠা ৭৪