============================================================
ذكر يونس عليه السلام جهنم على قدر شعيرة ففعل فجاء السموم ومعه جبرائيل حتى أحاط بمدينة نينوى ورأى أهل نينوى العذاب فأيقنوا بالشر وسقط في آيديهم وعرفوا آن يونس قد صدقهم فاجتمعوا وقالوا: اطلبوا يونس يدعو لكم بالفرج فطلبوه فلم يجدوه، فاجتمعوا على تل خارج مدينتهم يقال له الرماد وتل التوبة وذلك أنهم خرجوا بأهاليهم وأولادهم ودوابهم ووقفوا على ذلك وفرقوا بين الأمهات والأولاد وبين البهائم وأولادها، ثم جعلوا يضيون ويبكون ويتضرعون وجعلوا الشوك تحت أرجلهم والرماد على رؤوسهم ولبسوا المسوح واستجاروا إلى الله، وكان ذلك أول يوم من ذي الحجة فكانوا على تلك الحال والتضرع والبكاء إلى يوم العاشر من المحرم تمام آربعين يوما وهو يوم عاشوراء وعلم الله منهم الصدق وتشفعت لهم الملائكة وقالت: يا رب إن رحمتك وسعت كل شيء فأمر الله تعالى جبرائيل برفع العذاب عنهم وذلك قوله: فلولا كانت قرية مامنت فنفعها ايكنها إلا قوم يونس (يونس: الآية 98) الآية، قالوا: فلما رفع عنهم العذاب رجع يونس من الجبل لينظر ما فعل قومه فرأى إنسانا فسأله عن أهل نينوى فأخبره أنه جاءهم العذاب فتضرعوا إلى الله تعالى وتابوا فرفع الله عنهم، فضجر يونس وقال: لا أدخل عليهم كذابا ويروى آن إبليس جاء إلى يونس في صورة إنسان فقال: إن رجعت إلى قومك اتهموك وكذبوك فذهب مغضبا [الأنبياء: الآية 87] قال ابن عباس رضي الله عنه: من زعم آنه مغاضبا لربه فقد كذب على الله تعالى إنما كان غضبه وحرده على قومه وقال الله تعالى: فظن أن لن نقدر عليو} [الأنبياء: الآية 87) البلاء والعقوبة، ومن ظن أن الله تعالى لا يقدر عليه فقد أعظم عليه الفرية، وانطلق يونس إلى شاطىء البحر ويقال شاطىء دجلة ومعه أهله فوجد سفينة موقرة فقال: احملوني معكم، فقالوا: وقرنا سفينتنا فإن شئت حملنا بعض من معك وآنه ستأتي بعدنا سفينة آخرى فتركبها فحمل يونس آهله في سفينتهم وبقي هو وابناه فعطلت له سفينة أخرى، فذهب يونس إليها ليسألهم حمله فدنا أحد ابنيه إلى شاطىء دجلة فزلت رجله فوقع في الماء فغرق وجاء ذتب فحمل ابنه الآخر فلما رأى ذلك يونس علم آتها عقوبة، ثم إنه ركب السفينة ليلحق بأهله فلما توسطت السفينة الماء أوحى الله تعالى إليها أركدي فركدت والسفينة تميل يمينا وشمالا، قال: فجعلوا يقولون لأهل هذه السفينة ما بالكم وبال سفينتكم؟
فقالوا: لا ندري، فقال يونس: بلى أنا أدري، قالوا: فما بالها؟ قال: إن فيها عبذ آبق من ربه وإنها لا تسير حتى تلقوه في الماء قالوا: ومن هو: قال: أنا وكانوا قد عرفوا أله نبي الله تعالى يونس، قالوا: أما أنت فلا تلقيك في الماء، والله لا نرجو النجاة إلا بك فقال لهم يونس عند ذلك فاقترعوا فمن قرع عليه فألقوه في الماء فاقترعوا فأصابته القرعة فقال: ألقوني فقالوا: لا نفعل فإن القرعة لتصيب ولتخطي فاقترعوا الثانية والثالثة
পৃষ্ঠা ২৮৮