منحه الله تعالى بسطة في العلم والجسم منذ الصباء، فيروى أنه كان يدخل السوق في حال صباه. فيقول: ماطعامكم هذا؟ فيقال: الحنطة. فيدخل يده في الوعاء فيأخذ منها في كفه ويطحنه بيده ثم يخرجه فيقول: هذا دقيق. وكان يأخذ الدينار فيؤثر في سكته بأصبعه ويمحوها، وكان يضرب بسيفه عنق البعير الغليظ فيبينه من جسده.
قال عنه حسين العرشي في بلوغ المرام بعد ذكر نسبه: «المبرز في العلوم، الحافل بمنطوقها ومفهومها، صاحب المذهب الشريف، والمنصب المنيف، والشجاعة التي ظهرت في الآفاق، وتحدثت بها الرفاق في مواطن الاتفاق، أعطاه الله المواهب اللدنية، والغوامض الجفرية، وزاده بسطة في العلم والجسم والقوة، فحمل ذا الفقار، وقاتل به بعد علي عليه السلام، ولم يكن قاتل به غيره، وهو صاحب التصانيف الفائقة، والأشعار الفصيحة الرائقة، منقذ اليمن من الضلال، ومزلزل أركان الباطل والمحال» (1).
وقد بدأ عليه السلام التأليف وعمره سبع عشرة سنة فألف المؤلفات العديدة ومنها: كتاب الأحكام، والمنتخب، والفنون، والمناهي والنهي، والمدرك في الأصول، رسائل العدل والتوحيد، وغير ذلك.
يقول الشيخ أبو زهرة: «عكف على الفقه يدرسه من كل نواحيه، وفي كل مصادره، وقام هاديا مرشدا يدعو إلى الله سبحانه وإلى صراط مستقيم، وكان مرجعا في الدين من كل الطوائف الإسلامية، والأمصار المختلفة، يسألونه ويستفتونه، وهو يرد عليهم رسائل قيمه أثرت عنه يدافع فيها عن القرآن والسنة، ويبين الحق الذي يرد زيغ الزائغين» (2).
পৃষ্ঠা ১৭৬