أكناف الضّواحي منه والأمصار، وما كان لهم من الدّول الطّوال أو القصار، ومن سلف لهم من الملوك والأنصار، وهما العرب والبربر، إذ هما الجيلان اللّذان عرف بالمغرب مأواهما وطال فيه على الأحقاب مثواهما، حتّى لا يكاد يتصوّر فيه ما عداهما، ولا يعرف أهله من أجيال الآدميّين سواهما، فهذّبت مناحيه تهذيبا، وقرّبته لأفهام العلماء والخاصّة تقريبا، وسلكت في ترتيبه وتبويبه مسلكا غريبا، واخترعته من بين المناحي مذهبا عجيبا، وطريقة مبتدعة وأسلوبا. وشرحت فيه من أحوال العمران والتّمدّن وما يعرض في الاجتماع الإنسانيّ من العوارض الذّاتيّة ما يمتّعك بعلل الكوائن وأسبابها، ويعرّفك كيف دخل أهل الدّول من أبوابها، حتّى تنزع من التّقليد يدك، وتقف على أحوال ما قبلك من الأيّام والأجيال وما بعدك ورتّبته على مقدّمة وثلاثة كتب.
المقدّمة في فضل علم التّاريخ وتحقيق مذاهبه والإلماع بمغالط المؤرّخين.
الكتاب الأوّل في العمران وذكر ما يعرض فيه من العوارض الذّاتيّة من الملك والسّلطان والكسب والمعاش والصّنائع والعلوم وما لذلك من العلل والأسباب.
الكتاب الثّاني في أخبار العرب وأجيالهم ودولهم منذ مبدإ الخليقة إلى هذا العهد وفيه من الإلماع ببعض من عاصرهم من الأمم المشاهير ودولهم مثل النّبط والسّريانيّين والفرس وبني إسرائيل والقبط واليونان والرّوم والتّرك والإفرنجة الكتاب الثّالث في أخبار البربر ومواليهم من زناتة وذكر أوّليّتهم وأحيالهم وما كان بديار المغرب خاصّة من الملك والدّول ثمّ كانت الرّحلة إلى المشرق لاجتناء [١] أنواره، وقضاء الفرض والسّنّة في مطافه ومزاره: والوقوف على آثاره في دواوينه وأسفاره: فزدت ما نقص من أخبار ملوك العجم بتلك الدّيار، ودول التّرك فيما ملكوه من الأقطار، وأتبعت بها ما كتبته في تلك الأسطار، وأدرجتها
_________
[١] وفي بعض النسخ لاجتلاء.
1 / 9