ثم ان الجسم القصير لا ينحني عند الشيخوخة ولا تعوج عظامه، ويسعه كل باب، ولا تخرج رجلاه من النعش.
ثم ان صغار النبات اجمله، كالفلفة والزنبقة الخ..
وعلاوة على ذلك فقد توصف الارض بالعرض دون الطول، ووصف الله الجنة بالعرض دون الطول وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ
وقد وجدنا الافلاك مدورة لا مطولة وكذلك القمر والبحر والدينار والدرة. وكلها مضرب الجمال. فكيف لا يكون احمد بن عبد الوهاب جميلا كالقمر والدينار والزهرة والدرة والمهاة والعمامة؟.
ومن الناحية الخلقية يركز الجاحظ على خلتين في أحمد بن عبد الوهاب هما حب المراء، والادعاء بما ليس فيه. فهو كلف بالجدال يكثر من الاعتراض ويميل الى الخلاف ويؤثر المغالبة والمعاندة. ولو كان يعقل ذلك عن علم وبصيرة لهان الأمر، ولكنه لا يعرف الحجة ولا موضع الشبهة، ويعجز عن الرد والافهام. وبدل ان يعرف قدره ويقف عند حده، نراه يطاول محمد بن عبد الله الزيات وينافره ويراهنه في المحافل والمجامع، ويطمح الى مخاشنة الجاحظ نفسه ومظارفته، ويستهين بالنظام، والاصمعي، ويستخف بالاحنف بن قيس.
ومن الناحية العقلية، ينعت الجاحظ احمد بن عبد الوهاب بالجهل وضيق أفق التفكير، وبأنه لم يأخذ العلم عن اربابه بالسماع والمجالسة بل اقتنى الكتب وقرأها دون ان يفهم منها الكثير؛ وهذا ما يعنيه بقوله: «كان قليل السماع غمرا وصحيفا غفلا» . ومع ذلك كان يدعي الأدب ويعتمد بمواهبه ومعارفه حتى غدا لا يطاق، وهذا ما حدا الجاحظ كما يقول على تأليف هذه الرسالة؛ والهدف منها كشف قناعه وابداء صفحته للحاضر والغائب
1 / 81