يجب ان يتحلى المرء بسعة الصدر لأن سعة الصدر اصل الخير، وضيقه اصل الشر.
وثمة نصيحة أخرى يسديها الجاحظ الى مؤلف الكتاب وهي عدم الثقة بما «يرسمه في الخلاء ويتوقاه في الملأ» وهذا يعني ان كل رأي يخطر له في خلوته او اثناء الكتابة، لا ينبغي أن يتمسك به اذا كان يخشى ان يبديه في جمع من الناس.
واذا لم يراع المؤلف هذه القواعد او المبادىء اسلم نفسه للاعداء والخصوم وعرضها للنقد والتكذيب.
وعدا التسرع في اصدار الاحكام او ابداء الآراء ثمة مبدأ آخر عرضه الجاحظ هو عدم تعميم الاحكام. فاذا وجد المفكر حالة خاصة او عددا من الحالات الخاصة، فلا ينبغي أن يستخرج منها حكما عاما يشمل جميع الحالات الأخرى. هذا المبدأ يطبق في العلم كما يطبق في الاخلاق والاجتماع وقد ساق الجاحظ عدة ادلة على صحة مبدئه هذا.
ان الوكلاء في المجتمع يشبهون الاجراء والاوصياء والامناء. ولا يمكنك ان «تقضي على الجميع باساءة البعض، ولو بهرجنا جميع الوكلاء وخونا جميع الامناء، واتهمنا جميع الاوصياء واسقطناهم ومنعنا الناس الارتفاق بهم، لظهرت الخلة وشاعت المعجزة، وبطلت العقد، وفسدت المستغلات، واضطربت التجارات..» .
وعلى الصعيد الخلقي لا يوجد خير محض ولا شر محض. والاشياء جميعا تنطوي على بعض الخير وبعض الشر، مع نسب متفاوتة منهما. وهذا الرأي سيردده ابن سينا في كلامه على العناية الالهية ووجود الخير والشر في العالم.
1 / 36