তারাজিম মাশাহির
تراجم مشاهير الشرق في القرن التاسع عشر (الجزء الأول)
জনগুলি
وما لبثت «تسي» أن رأت نفسها إمبراطورة بالاسم فقط وأن الأحكام صائرة إلى قبضة مجلس الوصاية، فأغرت البرنس «كونغ» أخا الإمبراطور المتوفى على مشاركتها في التخلص من ذلك المجلس، فوافقها واتهمهم بتقصير ارتكبوه في جنازة الإمبراطور فقبض عليهم وقتلهم، فخلا الجو للإمبراطورتين في البلاط الملوكي، واستبد البرنس «كونغ» في إدارة شئون المملكة.
مضى على ذلك ثلاث سنوات والبرنس كونغ عمل على رد ما فقدته الصين بالحروب الماضية والثورات المتوالية، فشاع في المملكة أنه الفاعل لما يريد، فخافت «تسي» أن يجره ذلك إلى الاستبداد بالأمر دونها، فأصدرت في 2 أفريل سنة 1865 أمرا بإغلال يديه عن مصالح الحكومة؛ لأنه تعدى الحد الذي وضع له، فأطاع واعتزل، ولكن المملكة لم تكن تستغني عنه فأعادوه بعد خمسة أسابيع إلى كل ما كان فيه إلا رئاسة المجلس.
وفي سنة 1872 أرشد الإمبراطور وآن زواجه فأخذت والدته على نفسها أن تختار له زوجة، فأعلنت غرضها، وتقاطرت الفتيات من أنحاء المملكة يعرضن جمالهن وفي يد كل منهن لوح فيه اسمها وسنها، فإذا مرت بين يدي الإمبراطورة دفعت اللوح إليها، فإذا وقعت منها موقعا حسنا سألتها بعض الأسئلة وإلا أمرت لها بحذاء من الفضة وزنه أوقية وخلت سبيلها.
فالفتيات اللواتي لم يأخذن تلك الهدية مررن ثانية، فاللواتي أخرجن منهن هذه المرة أعطين لفة من الحرير، وفي المرة الثالثة عينت الفتاة التي وقع اختيارها عليها، واسمها «ألوتى»، وهي جميلة عاقلة، وقبل الزواج بثلاثة أيام أرسل الإمبراطور العريس إلى عروسه حلة الملك، ثم بعث إليها أمرا بتسميتها إمبراطورة، وزفت إليه باحتفال لم يسبق له مثيل، مشى فيه الأمراء واستقبلتها حماتها «تسي» في القصر الإمبراطوري بكل رعاية وإكرام.
وكانت «تسي» بعد ذلك لا تظهر لأحد من الوزراء، ولا يراها أحد من الناس، ولكنها كانت تستطلع حركاتهم وتتبع خطواتهم من وراء الحجاب، ولم تظهر للوزراء وجها لوجه إلا بعد أن أدركت العام الستين من عمرها.
وكان البرنس كونغ بعد ما آنسه من حرج مركزه قد احتال في الإيقاع ما بين الإمبراطورتين فلم يفز، وما زالتا في وفاق معا حتى أرشد الإمبراطور الجديد، وتولى عرش الصين فافترقتا على وفاق، فسكنت «تسي» في جناح القصر الغربي وضرتها في الجناح الشرقي، وسميت الأولى الإمبراطورة الغربية، والثانية الإمبراطورة الشرقية.
وأقامتا في سلام إلى سنة 1873 على رواية مراسل كتب إلى بعض الجرائد عام 1888 قال: «بعثت الإمبراطورة الشرقية إلى رصيفتها تطلب إليها الاجتماع في بعض شرفات القصر فاجتمعتا، وبعد السلام والكلام صرحت هذه الإمبراطورة أن من بواعث ذلك الاجتماع أن المهمة التي اجتمعنا لأجلها قد انقضت، وآن زمن الافتراق، وأنها تود من صميم فؤادها أن تتخلص من ثقل التبعة بعد أن وفقتا إلى التضافر على العمل كل ذلك الزمن الطويل بوفاق تام لخير المملكة ومصلحة الإمبراطور الصغير، وأشارت إلى التفويض الشرعي الذي بيدها من زوجها المتوفى، ولم تكن ذكرته قبل ذلك الحين، فاستخرجته حينئذ، وأطلعت رفيقتها عليه ثم أحرقته، وهي تقول: «لم يبق له نفع الآن.» فأثر ذلك الفصل المدهش في «تسي» تأثيرا شديدا، وأبغضت ضرتها من ذلك اليوم.
هذا ما رواه المكاتب، ولكن يظهر أنهما ظلتا في وفاق مدة أخرى؛ ففي سنة 1874 أمر الإمبراطور بخلع البرنس كونغ وابنه لأنهما فاها بما لا يليق، ولكن كونغ عاد إلى منصبه في اليوم التالي بأمر الإمبراطورتين، وما زال فيه إلى سنة 1884 حتى عزلته الإمبراطورة «تسي» نفسها. (4) إمبراطور ثالث
أما الإمبراطور تونغ تشي فإنه مات سنة 1875 وترك زوجته «ألوتى» حاملا، فاتفقت الإمبراطورتان ثانية على العمل، وكان لا بد لهما من انتظار الولادة ليريا إذا كان المولود ذكرا أو أنثى، فإذا كان ذكرا كانت والدته هي الوصية على الملك ولا يبقى لحماتها وضرتها ذكر، وإذا كان أنثى قضت شرائع الصين بأن تتبنى الوالدة صبيا باسم الإمبراطور وتكون مع ذلك هي الوصية عليه.
فرأت «تسي» أنها فاقدة نفوذها في الحالين، فاتفقت مع رصيفتها والبرنس كونغ على حيلة أخرى، وذلك أنهم قبل أن تلد الحامل تبنوا ولدا سنه أربع سنوات، هو ابن «تشون» أصغر إخوة الإمبراطور «هيان فونغ» فأصبحت «ألوتى» في زاوية النسيان، وعادت «تسي» ورفيقتها إلى الوصاية مرة أخرى، فبسطتا أيديهما في الحكومة واستبدتا في أعمال المملكة ومعهما البرنس كونغ.
অজানা পৃষ্ঠা