তারাজিম মাশাহির
تراجم مشاهير الشرق في القرن التاسع عشر (الجزء الأول)
জনগুলি
ثم حملوا الرأس إلى المهدي فأظهر كدره لذلك، ولكن سلاتين يظن أن المهدي لو أراد أن يبقي عليه وأوصى رجاله بذلك ما استطاع أحد مخالفة أوامره.
هكذا سقطت الخرطوم عاصمة السودان في أيدي الدراويش وبسقوطها سقط كل أمل بافتتاحها، ولكن المهدي لم يقم فيها بل أقام في أم درمان، وبنى هناك مدينة جعلها عاصمة ملكه من ذلك الحين.
أما الحملة الإنكليزية فإنها انسحبت من المتمة إلى كورتي فأقامت هناك مدة ثم عادت إلى دنقلا فمصر، وسحبت معها كل من أراد مرافقتها من سكان السودان شمالي كورتي وأصبحت السودان من ذلك الحين مملكة المهدي السوداني. (4-1) موت المهدي وخلافة التعايشي
فلما فتحت الخرطوم وعادت الحملة الإنكليزية إلى مصر ازداد الناس وثوقا بدعوى المهدي مع ما شاهدوه من توفيقه في مشروعاته؛ فإنه لم يشهد موقعة إلا انتصر فيها، ولا حاصر مدينة إلا فتحها (تقريبا) وإذا اعتبرت ما لاقت الحملة الإنكليزية القادمة لإنقاذ غوردون من العراقيل والعوائق عجبت لما اتفق لمحمد أحمد هذا من غرائب التوفيق، فاتخذ أشياعه ذلك دليلا على أنه إنما يعمل بوحي من الله، وأيقن هو أنه أصبح المالك المتصرف في السودان من أقصائه إلى أقصائه، وخيل له أنه سيفتح الأمصار ويخضع له الملوك والسلاطين فتنتشر سلطته في الخافقين، على أنه لم يكن يرجو أن يتم ذلك كله على يده، ولكنه كان يقول إنه لن يموت إلا بعد فتح الحرمين وبيت المقدس ثم ينزل الكوفة ويموت فيها، ولكن ساء فأله؛ فإنه لم يكد يؤيد سلطته ويقيم في عاصمته (أم درمان) بضعة أشهر حتى داهمته الوفاة في 21 يونيو سنة 1885 على أثر إصابة شديدة بالحمى التيفوس لم تنجع فيها حيلة، ففارق هذا العالم على عنقريب (سرير سوداني) وحوله خلفاؤه الثلاثة وخاصة أمرائه، منهم أحمد ولد سليمان، ومحمد البصير، وعثمان ولد أحمد، والسيد المكي، فلما شعر المهدي بدنو الأجل قال لمن حوله بصوت منخفض: «إن النبي
صلى الله عليه وسلم
اختار الخليفة عبد الله خليفة الصديق خليفة لي، وهو مني وأنا منه، فأطيعوه ما أطعتموني. أستغفر الله.» ثم تلا الشهادتين وجعل يديه متقاطعتين على صدره وتمطط وأسلم الروح.
ولم يكد يخرج النفس الأخير من أنفاسه حتى تقدم الحضور فبايعوا عبد الله وسموه «خليفة المتمهدي» وكان في جملة من حضر موت المهدي امرأته عائشة ويدعونها «ستنا أم المؤمنين»، فسارت لإبلاغ خبر وفاته إلى نسائه الأخريات وتعزيتهن، وكان الناس قد تجمهروا مئات وألوفا حول المنزل ينتظرون الخبر عن سيدهم ومهديهم، فلما علموا بموته ضجوا وصاحوا، فأوعز إليهم أن البكاء والندب حرام؛ لأن المهدي إنما فارق مقامه في الأرض بمجرد إرادته ليلقى وجه ربه، فغسلوا الجثة ولفوها بالأكفان واحتفروا لها حفرة في تلك الغرفة حيث فارقتها الروح، ودفنوها وجعلوا فوقها بعد ذلك مقاما من الخشب يغشاه ستر أسود، وبنوا فوقه قبة، وسموا ذلك المقام «قبة المهدي»، يزورها الناس للتبرك، واحتفروا بجانب القبة بئرا يستقي الزائرون منها للشرب والوضوء، وحول القبة درابزون من خشب (ش
10-10 ).
وكان سلاتين باشا قد نال العفو من المهدي قبل وفاته، فحلت قيوده وعاد إلى معية التعايشي، فشاهد تلك الحوادث شهادة عين، ووصفها في كتابه «السيف والنار والسودان» وصفا تاما.
شكل 10-10: قبة المهدي وفيها قبره.
অজানা পৃষ্ঠা