তারাজিম মাশাহির
تراجم مشاهير الشرق في القرن التاسع عشر (الجزء الأول)
জনগুলি
الأمير بشير الشهابي الثاني
شكل 9-1: الأمير بشير الشهابي الثاني، المعروف بالكبير أو المالطي (ولد سنة 1767 وتولى سنة 1788 ولي سنة 1840 وتوفي سنة 1850).
هو أعظم أمراء بني شهاب حكام جبل لبنان في الأجيال الأخيرة، وهم عرب يتصل نسبهم إلى قريش، قدموا بلاد الشام في صدر الإسلام، وما زالوا يتناوبون الأحكام في لبنان ووادي التيم مع الأسر الأخرى من الأمراء وغيرهم تحت رعاية الباب العالي إلى أواسط القرن التاسع عشر. (1) ترجمته وأعماله
أما الأمير بشير فهو أعظم الأمراء الشهابيين سطوة وهيبة، وبسالة وبطشا، وأطولهم حكما، تنصر والده في آخر أيامه ثم توفي عن ولدين: حسن وبشير، فتزوجت والدتهما وتركتهما وهما في ضنك من العيش، وكان حسن أكبرهما سنا فانتظم في خدمة الأمير يوسف الشهابي أمير جبل لبنان إذ ذاك، وأقام في قصبة الإمارة بلدة دير القمر، فأصبح الأمير بشير وحيدا منفردا، وكان لوالده خادمة أمينة فلازمت الغلام شفقة عليه، وأقاما في برج البراجنة قرب مدينة بيروت. أما والدته فسكنت مع زوجها الجديد في قرية الحدت قرب البرج، وكانت تعول ولدها بشيرا وتسعفه بما يقوم بأود حياته من الطعام واللباس.
ولما ناهز السادسة عشرة أنفت نفسه من تلك المعيشة فغادر البرج قاصدا دير القمر، ونزل في بيت الدين بالقرب من الدير في منزل رجل يقال له: الشيخ أبو علي البتديني، وكان شيخ مجلس (خلوة) محترما محبا للبر، وكان يؤانس في وجه الأمير بشير مهابة الأسود وشهامة الرجال ففتح له صدر بيته، وأنزله على الرحب والسعة، فأقام عنده بضع سنين يقضي نهاره في الصيد وليله في التحرق لما هو فيه من ضيق المعيشة مع شرف الحسب والنسب، ولكنه كظم على مضض الحياة ينتظر فرصة ينهض بها من حضيض الذل إلى ما تطلبه نفسه من المعالي.
فاتفق أن دروز لبنان وهم الفئة الكبرى من سكانه أنفوا من حكومة الأمير يوسف، وأجمعوا على إنزاله وإقامة أمير سواه، وكان كبير الدروز إذ ذاك الشيخ بشير جنبلاط، وكان نافذ الكلمة شديد البطش، فتشاور العقلاء والأعيان فأخبره بعضهم عن الأمير بشير وقال: «إن هذا إذا تولى الإمارة كان آلة بيدنا لصغر سنه، وقلة أحزابه.» فقال الشيخ بشير: إلي به، وليكن مجيئه إلى منزلي سرا لأراه ولا يعلم به أحد، فبعثوا إليه فجاء في منتصف الليل، ودخل على الشيخ وحياه، فسأله إذا كان يريد أن يتولى لبنان، فقال: «ومن أين لي ذلك ولا مال عندي ولا رجال؟» فقال: أما المال والرجال فنحن نقوم بتقديمهما لك، فكن ثابت الجأش وتربص ريثما نخلع الأمير يوسف، وأمر وكيله فجاء بصرة من الدراهم دفعها إليه قائلا: خذ هذه الآن، ومتى أنفقتها أبعث إليك بمثلها، واحفظ هذا سرا حتى يئون الوقت، فشكره الأمير بشير، وخرج ولم يعلم به أحد.
ولكن صدق من قال: «كل سر جاوز الاثنين شاع.» فالأمير يوسف علم بما تواطأ عليه الدروز والأمير بشير، فعزم على إعدامه قبل تمكنه من الحكم، فبعث إليه أخاه حسنا وأمره أن يقتله ويأتي برأسه، فسار حسن بالرغم منه حتى أتى بيت الدين، فبلغ الأمير بشيرا ذلك فجاء ببندقيته وذخيرته وجلس في صدر الحجرة، فلما أطل عليه أخوه من بعيد ناداه قائلا: «لا تقرب من هذا البيت وإلا فإني قاتلك لا محالة.» وهول عليه بالبندقية، فقال له: «إنما جئت لأخاطبك في أمر.» قال «لا تخاطبني في شيء، أما كفاكم أني مقيم هنا ولا ينظر إلي أحد كأنما أنا من السوقة؟! أليس ذلك عارا على الأمير يوسف؟!» فخجل حسن وعاد وأخبر بما كان وحسن للأمير الرفق بأخيه، فبعث إليه جوادا يريد تقريبه منه وهو غير واثق بما سمعه عنه.
أما الدروز فكتبوا إلى الجزار والي ولاية صيدا (وكان لبنان تحت ولايته) يشكون من الأمير يوسف واستبداده، فبعث إليه الجزار أن ينزل أو أن يبعث إليه أحدا من ذوي قرابته رهنا ضامنا لتسديد ما تأخر عليه من مال الحكومة، فأرسل الأمير بشير تخلصا منه، ويقال إنه لما أمره بالذهاب إلى عكا ليكون رهنا عند الجزار قال له: «سر يا ولدي إلى الجزار في شغل.» فأجابه: «أخاف أن أذهب ولدك وأرجع ولد الجزار.» فلم يفقه الأمير لما قاله.
فوصل عكا ومعه كتب التوصية من الشيخ بشير للجزار وغيره من رجال حكومته وفي جملتهم رجل يهودي اسمه حاييم كان مديرا لدائرة الجزار وبيده الحل والعقد، وعائلة سكروج، وكانوا كتابا في ديوانه فساعدوا الأمير بشيرا مساعدة قوية، فولاه الجزار الإمارة على لبنان، وألبسه الفروة وأعطاه العدة والرجال وأمره بالذهاب إلى دير القمر لاستلام مقاليد مصلحته، فسار في مائتي جندي، وعلم الأمير يوسف بقدومه ففر من الدير ودخلها الأمير بشير وتولاها، وكان الشيخ بشير جنبلاط وأنصاره أنصارا للأمير في كل ما يريد فتعززت سطوته وذاع صيته.
ولكن لم يستتب له الأمر إلا بعد مقتل الأمير يوسف؛ لأن اعوجاج حكم الجزار كان يقضي لمن يدفع إليه الرشوة الكبرى، فكان يتعهد له الأمير يوسف تارة بدفع قدر أعظم مما يدفعه الأمير بشير فيوليه، ثم يزيد هذا على ذاك القدر فيعيده ويعزل ذاك، وكان اللبنانيون يشتكون أحيانا من قساوة الأمير فيتآمرون عليه ويتظلمون منه، وبقي الحال كذلك حتى قتل الأمير يوسف في عكا بأمر الجزار سنة 1790م، وكيفية ذلك أن الجزار كان سائرا إلى الحج فوصل إليه وهو في المزاريب كتاب من الأمير بشير يشكو فيه من دسائس الأمير يوسف، وكان هذا قد التجأ إلى حمى الجزار في عكا، فكتب الجزار إلى نائبه هناك أن يقتله، ثم ندم على مسارعته فبعث إليه أن لا يقتله، ولكن سبق السيف العزل، فقتل الأمير يوسف شنقا قبل وصول الكتاب الثاني، ويقال إنه وصل، وأخفاه ابن السكروج كاتب الجزار خدمة لمصلحة الأمير بشير، ولما عاد الجزار وتحقق ذلك منه قتله.
অজানা পৃষ্ঠা